توشحت بالسواد، وذهبت تداري خطيئتها بنزقٍ من دم..!! فهل اكتملت فصول المداراة؟ هذا ما أفصحت عنه الكاتبة السعودية «ليلى الجُهني» في روايتها «الفردوس اليباب» رواية كما كتب الناشر «تقتحم الواقع المعاش، وتعكس العوالم النسائية الحقيقية».. .. وتكشف الغطاء عن وجه جدة/المدينة، مكان أحداث الرواية بشوارعها، وأزقتها، ومطاعمها، ومقاهيها الصغيرة. «جدة امرأة مثلي لكنها أذكى مني بكثير، إنها لا تسلم مفاتيحها لأحد ما كاملة»23 بينما «صبَا عبدالعزيز» بطلة الرواية سلّمت مفاتيحها لأول طارقٍ لها.. ف»احترقت الدانتيلا، وانطفأت الشمعة، وغرق الفردوس المفقود في الظلام» 41. فبماذا أذنت «صبا»..؟ ولمن أذنت؟ «المرأة التي تجترئ على أن تخوض التجربة سيسقط عن رأسها تاج الفضيلة» 67 وكانت تجربة واحدة تلك التي خاضتها «صبا» مع «عامر».. فلم تحتمل رؤيته بقرب «خالدة» صديقتها خطيباً، وقبل ذلك ابن خالتها.. فسافرت بنا «صبا» الى عوالم الفردوس اليباب/ الرواية بما فيها من بوحٍ ذاتيٍ، ومونولوج، وسرد محكم البناء، متقن، ننفعل حيث انفعلت.. ويشتعل جسدنا ناراً لحظة اشتعالها، ويتفصد منّا العرق حين تناولت المرأة الاربعينية منديلاً لتمسح جبين «صبا» التي أدركت لحظتها أنها غرقت في بحر من العرق دون أن تحس. ما تريده رغماً عنها هو إخراج هذا الجزء الأثير عليها من جسدها.. ثمرة تسليمها أول مفاتيحها.. «أريد أن أجرب ألم خروجك لا ألم إخراجك» 42، أجل معك حق.. ولكن ليس في وضعك هذا.. «تجتاحني رغبة مبهمة في البكاء على صدر إنسان: أمي، خالدة، ياه، لو عرفت خالدة بكل هذا ماذا كانت ستقول أو تفعل» 24. ليلى الجهني ببراعة أوغلت بنا في ثنايا الرواية، في وجع «صبا»، وانكسارها، وحيرتها، في صخب جدة، وتشكلها ومراوغتها، في عدم دراية خالدة / الصديقة بوجع «صبا».. في «عامر» وهو يصم آذان البطلة «الحب مزبلة وأنا ديكها المؤذن». ليلى الجُهني وفوضى الحب.. أو الفردوس اليباب كما أرادت تسميتها التي أتقنت نسج حرير جدة، ودانتيلا «صبا»، مؤكدة أن «الترتيب يفقد الأشياء عفويتها ويضعها تحت رحمة التصنيف» 96، بيد أن «صبا» لو رتبت أشياءها، لما فقدت ما فقدت.. ولكن هي «الحياة كلها تجربة، حين نفهمها، ونستوعبها يكون الموت قد وقف بالباب» 97.