كان من الواضح أن الحلقة التاريخية التي سجلها الصديق والزميل تركي الدخيل مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ستترك بصمتها وإلهامها على الزميل الدخيل وعلى قناة العربية كلها. ذلك لأن الأمير كان يتحدث عن رؤية 2030 والسعوديون مستبشرون ويرددون: «لقد أصبح عندنا رؤية». والرؤية تحتاج لعمل إعلامي ضخم ومتفانٍ وفريد يواكبها ويسلط الضوء على منجزاتها وما تحقق من عناصرها ومحاورها. لذلك لم أفاجأ بعمليات الفصل والإبعاد بحق عدد كبير من موظفي قناة العربية، يقال إن الرقم قد وصل للتسعين. رقم ضخم في يوم واحد، لكن للضرورة أحكام، ولم يعد هناك مدى للمجاملات التي قد تكون على حساب الوطن.سبق أن انتقدت قناة العربية ذات مرة فعتب عليّ بعض الزملاء عتباً شديداً وحمَّلوا نقدي ما لا يحتمل، ولو رجعوا لما كتبت الآن لما وجدوا فيه ما يُغضب، فانتقادي للقناة سببه أننا نحن السعوديين نعتبر أن العربية قناتنا التي تمثلنا وتصدح في بيوتنا معظم الليل والنهار وأنها تُعبر عن أصواتنا وسياسة بلدنا، وقد يكون لدينا ملاحظات أحياناً الهدف منها المصلحة الوطنية. واليوم لديَّ رأي أرجو أن يتقبله الأصدقاء في إدارة القناة بصدر رحب، أو فليعدُّوه كلاماً يطير في الهواء ولا يضر. ها هنا عدة نقاط أود تدوينها استبشاراً بما أرجو أن يكون حركة تصحيحية: * قناة العربية موجهة لكل العرب لكنها قناة سعودية قبل أي شيء، ومن الواضح أن هناك جفوة أو فجوة بين القناة وبين الشارع السعودي. رأيت هذا بعيني وأنا أدافع عن العربية يوم الأربعاء الماضي في صفحتي على تويتر؛ فأقابل بالشتم والسب من قبل أشخاص كلهم سعوديون. هذه الفجوة يجب أن تردم من خلال توطيد العلاقة مع الشعب السعودي نفسه وإزالة الأوهام وتفنيد التهم المغرضة. السعوديون والخليجيون هم أولى الناس بأن تكون العلاقة معهم أرسخ وأعمق وأمتن، فهم جمهور القناة الأول. * إذا كنا نلوم قناة الجزيرة القطرية بأنها قناة إخوانية وترمي نفسها بالمطلق مع قضايا جماعة محمد بديع والقرضاوي، فلا ينبغي أن تتبنى قناة العربية أيديولوجيا أخرى لمجرد المقابلة، فالليبرالية والإخوانية مذهبان أيديولوجيان لا يمثلان أهل المملكة والخليج ولا يمتان لهم بصلة لا من قريب ولا من بعيد. بينما نعلم أنه كلما كان قربك أكبر كان تأثيرك أعمق. * الحياد التام مستحيل ولا يمكن أن يطالب به عاقل، وبالفعل لا بد أن تكون للقناة شخصية ووجهة وتحيّزات، مثل أي قناة في العالم. لا بد للقناة أن تقتدي بشخص، وأعتقد أن الشخصية التي تستحق أن تقتدي بها القناة هي شخصية أكمل الرجال الأحياء اليوم، شخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز. شخصية الرجل السعودي المستقيم المحافظ «السنع»؛ لا ليبرالي ولا إخواني. * هناك عدة نقاط وددت لو أني أستطيع أن أناقشها هنا، إلا أنني أخشي أن نعود لسوء الفهم والظن مرة أخرى، وهذا معناه أن هذه المقالة سوف تعيدها جذعة وتنقلنا من جديد إلى المربع الأول. لذلك سوف أتوقف عند هذا الحد، وأتمنى لقناة العربية مزيداً من النجاح والتوفيق والإنجاز.