البداية كانت داخل أسوار كلية التجارة، عندما تعرف حاتم إلى زميلته نهى التي فتنت كل زملائها في الجامعة بجمالها وأناقتها ورشاقتها، ولم يتمكن أحد من اقتحام قلاعها سوى حاتم، فهي برفقته داخل أسوار الجامعة وخارجها.. كانت تعتقد أنه من مستواها فمصروفات الجامعة باهظة فهي جامعة خاصة، إلا أنها اكتشفت أنه من أسرة متوسطة، ولأنه الولد الوحيد فقد ضحى والداه بكل متع الحياة لكي يضمنا له مستوى تعليمياً جيداً يؤهله لعمل محترم، وعندما حان موعد تخرجهما قرر حاتم ألا يفارق نهى بأي شكل من الأشكال، وكان الطريق الوحيد المشروع هو الزواج منها، لكنهما فوجئا بالعقبة الأولى وهي صعوبة الحصول على عمل بأجر يكفي لبداية حياة زوجية، وبالأخص بالنسبة إلىحاتمالذي لاقى صعوبة بالغة حتى حصل على وظيفة في إحدى الشركات لم يرضِ راتبها طموحه،ومع ذلك شجعتهنهىعلى التقدم لطلب يدها رغم تحفظ والدها عليه،كما أن عدداً من العرسان تقدموا لطلب يد ابنته من قبل وجميعهم أفضل منه من جميع النواحي،ومع ذلك رفضتهم جميعاً،لكنها أجبرت أسرتها على قبوله فوافقت الأسرة على مضض،وحاولحاتمخلال فترة الخطوبة أن يتمم الزواج بأسرع ما يمكن فعمل جاهداً ليحقق مطالب أسرة نهىوساعده على ذلك زواج شقيقته الصغرى وخلو شقة الأسرة وموافقة جميع أشقائه على زواجه بها.تم الزواج وعانت نهى كثيراً في حياتها الجديدة فقد بدأت تقوم بأعمال المنزل من طبخ وتنظيف الشقة، رغم أنها لم تعتد على ذلك من قبل فصممت على التحدي على اعتبار أن الحب هو السعادة الحقيقية والمال لا يمثل لها أي شيء، لكن كان هناك شيء ينقصهما لتكتمل السعادة فقد مرت ثلاث سنوات من الحب والعطاء من دون أن تظهر أي مؤشرات لحدوث حمل.بدأت الأسئلة من كلتا العائلتين، كما بدأ القلق يتسرب إلى نهى وتعددت زياراتها إلى الأطباء، لكن بعد ثماني سنوات من الزواج،وبعد أن كان الأطباء يتمسكون بالأمل أكدوا بعد إجراء عدد من التحاليل والأشعة عدم جدوى العلاج، وأنها عاقر ،وهدأ حاتم من روعها وأكد لها أنه يحبها وراض بما قسمه له الله،وخلال تلك الفترة كان والدها قد توفي وورثت عنه مبلغاً كبيراً كان كافياً لأن يحول مجرى حياتهما، إلا أنها فضلت إنفاق المبلغ في تأسيس شركة مقاولات. لم يصدق حاتم نفسه عندما سلمته زوجته ميراثها بالكامل، ورضيت أن تستمر في الشقة المؤجرة البسيطة،فبدأ مشواره الجديد في أعمال المقاولات وخلال سنوات قليلة حقق نجاحاً باهراً وتعددت شركاته وأصبح من رجال المال المشهورين،ومع ذلك ظلت مشكلة عدم الإنجاب تلقي بظلالها الكئيبة على المنزل،فكثيراً ما كانتنهى تلوح إلى أن قبول زوجة أخرى لن يحدث إلا على جثتها، وإن كانت لم تعلمه بذلك لكنها كلمات تخرج منها بين الحين والآخر. مر عليهما العام العاشر للزواج في عذاب مستمر فقد عرضت عليه نهىأن يتبنيا أحد الأطفال من أي ملجأ لكنحاتمرفض فبدأت في تفسير جميع تصرفاته على أنها محاولة للهروب منها وبدأت بشكوكها تضغط عليه علاوة على الضغوط الكبيرة الأخرى التي كانت واقعة عليه من عائلته،خاصة والدته التي لم تيأس من مطالبته بالزواج مرة أخرى،وكانت نهىتحاول بكل جهدها أن توفر لزوجها كل سبل الراحة،ورغم أن حاتم كان قد أقنع نفسه بأن كل شيء قسمة ونصيب،لم تهدأنهىحتى أحالت حياته جحيماً،كما فرضت عليه تجنب مشاهدة التلفزيون إذا كانت قصة الفيلم الذي يعرض فيه تتحدث عن الإنجاب أوالعقم، وحرمت عليه مداعبة أطفال الأصدقاء أو حمل الأطفال أو تقبيلهم أو إظهار اللهفة حينما يرى طفلاً يبكي،كذلك تم إغلاق المنزل أمام الزوار الذين يحملون أطفالاً والويل له إذا تأخر عن مواعيده واعتذر بأنه كان عند صديق أو قريب له أطفال. في البداية كان يلتمس لها العذر، ويؤكد لها أن حبه لها لم ينقص مثقال ذرة،لكنه كان يفكر في أنها بهذه السلوكيات سوف تجعله يعيد النظر في الموقف،حتى حدث الصدام الكبير بينهما حين حضرت شقيقته وأولادها لزيارتهما، وعندما بدأ حاتم يداعب أصغر أطفال شقيقته أعلنت نهى عن غضبها في وقاحة، وأسرعت في دخول حجرتها وأغلقتها عليها وفشلحاتمفي إقناعها بالعودة رغم أنه توسل إليها أن تحفظ له ماء وجه،فخرج يعتذر في خزي أنها فوجئت بصداع نصفي وتعتذر عن عدم تكملة السهرة معهم وأدركت شقيقته حقيقة ما حدث وانصرفت وهي تطلب منه أن يعالج زوجته وألا يقصر في علاجها حتى لا يعاودها هذا الصداع اللعين،وكانت لهجتها تحمل بعض السخرية التي لم تغب عنه، وبعد انصراف شقيقته حاول حاتم إفهام زوجته أن ما فعلته لا يليق،وأنه منذ الآن عليها أن تطيعه بلا مناقشة حتى لا ترى ما لا ترضاه.فوجئتنهىبرد فعل زوجها الحاد فردت عليه بكلمات أكثر حدة واتهمته بالجنون عندما يعتقد أنها تحتاج إلى تأديب،ولما دفعها رفعت يدها وصفعته،وهنا ثارت ثائرته وطرحها أرضاً وأخذ يضربها بكل قوته في جميع أنحاء جسدها وفشلت في الدفاع عن نفسها ولم ينقذها منه إلا هروبها إلى غرفتها، حيث أغلقتها عليها من الداخل،وظلت تصرخ من الألم حتى الصباح وفي الصباح غادر حاتم المنزل وفوجئت به يغيب أسبوعا كاملاً عن المنزل من دون أن تعلم عن مكانه شيئاً، وعندما دق جرس الباب سارعت بفتحه وهي تأمل أن تجد زوجها أمامها،إلا أنها فوجئت بالمحضر يسلمها ورقة طلاقها غيابياً..دارت بها الدنيا وغابت عن الوعي وبعد أن تمالكت نفسها أقامت دعوى نفقة أمام محكمة الأسرة وصدر الحكم بإلزام الزوج بدفع مبلغ ألف جنيه شهريا كنفقة عدة وتأييد الحكم استئنافياً،ثم أقامت ضده دعوى أخرى لإلزامه بدفع نفقة متعة تتناسب مع مدة الزوجية، واستناداً إلى أن الطلاق تم غيابياً من دون رضاها وبلا سبب منها، فدفع حاتم أمام المحكمة بأنه طلقها لعدم قدرتها على الإنجاب فقضت المحكمة برفض دعوى نهى تأسيساً على أن سبب الطلاق يرجع إلى الزوجة بسبب عدم إنجابها.استأنفت نهىالحكم وأمام محكمة الاستئناف دفع حاتم بعدم استحقاقها للمتعة مؤكدا أن طلاقها يرجع إلى عدم قدرتها على الإنجاب، ومع ذلك كانت تعايره بعدم الإنجاب رغم أنها السبب فيه. قضت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة وبفرض نفقة متعة لنهى قدرها 30 ألف جنيه،وقالت في أسباب الحكم إن المشرع وإن اشترط لاستحقاق المطلقة نفقة المتعة أن يكون الطلاق الواقع عليها بغير رضاها وبغير سبب من جانبها،وأن السبب الذي يدعيه الزوج هو عدم قدرتها على الإنجاب بيد الله -سبحانه وتعالى- ولا قدرة لها على منحه أومنعه ومن ثم فإن المستأنفة تستحق نفقة المتعة.