×
محافظة المدينة المنورة

محكمة ينبع تصادق على أقوال الغادر بصديقه

صورة الخبر

القادم من خارج مدينة الجبيل ينبهر بما يراه من إضاءاتٍ لمصانعها ليلاً، حتى يخيل إليه أنها كالدرر أو النجوم المتناثرة من شدة وهجها وجمال مطلعها وتتابعها كالعقد المصقول. إلا أن سكان الجبيل لا يرون في هذا المنظر شيئاً من الجمال؛ فهم أعرف الناس بحقيقتها وحقيقة ما تبثه لهم بشكل يومي ودون انقطاع. فما يعانونه من أمراض مزمنة وبنسب مرتفعة نتيجة هذه الغازات وقربها من الأحياء السكنية، التي أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها محرمة دولياً، جعلتهم يتمنون لو لم تكن هذه المصانع قد وجدت. إن قضية تغير المناخ وما يصحبها من تلوثٍ للهواء والانحباس الحراري مما يؤرق كبار قادة العالم فضلاً عن أفراده، ففي قمة المناخ الأخيرة التي ضمت ما يقارب من 200 دولة، تعهدت بالعمل سوياً للحد من الانبعاثات الحرارية، والوصول إلى اتفاق دولي لمعالجة التغير المناخي، والعمل على التحول إلى صناعات بديلة عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كبديل عن الصناعات النفطية والكيماوية، وذلك للإسهام في إنقاص درجة حرارة الأرض درجتين مئويتين، وهو ما يتطلب مليارات الدولارات للوصول إلى هذا الهدف المشترك. وفي هذه المدينة الساحلية الهيئة الملكية في الجبيل هي المسؤول الأول عن هذه الانبعاثات، وهي التي تتعامل مع الشركات في حال تجاوزت الحد المسموح به، بالإضافة إلى ضمان وجود وحدات معالجة الغازات للحد من آثارها على الهواء. فالهواء حق مشاع، وما نعانيه من تغيرات صحية ومناخية هي نتيجة هذه الغازات، وإن مما أقض المضجع فعلاً هو ما فاجأتنا به منظمة الصحة العالمية بتصنيف مدينة الجبيل كخامس المدن تلوثاً في العالم. إن لهذه المنظمة ثقلها العالمي، وهي ذات مصداقية وشفافية في التعامل والتصريح مع ما يتعلق بالصحة وقضاياها، ولعل هذا التصريح قد يوقع الهيئة الملكية في حرج شديد؛ كونها ذات مصداقية أيضاً وإنجازات على جميع الأصعدة. ففي تصريحات سابقة لمدير عام حماية البيئة السابق في الهيئة الملكية الدكتور حسين بن محمد البشري، الذي عمل في المجال البيئي لمدة 42 عاما، قال إن الجبيل الصناعية خالية من التلوث، مستنداً على بيانات أجهزة الرصد والقراءات المسجلة على مدار العقود الماضية، مضيفاً في تصريحه: لقد عايشت مراحل تأسيس مصانع حتى وصلت لمراحل الإنتاج، وهي تتميز ببرامج عالية. كما نفى أن يكون قد تعرض لأي ضغوط خلال أيام العمل متمتعاً بكافة الصلاحيات، وقال البشري: إنه يرى أن مدينة الجبيل الصناعية من أفضل المدن للعيش والحياة الهانئة؛ لذا قرر البقاء فيها بعد تقاعده. إن ما يأمله المواطن البسيط في هذه المدينة هو أن يكون هناك رد وإيضاح وبكل شفافية لما تم ذكره من خلال منظمة الصحة العالمية، فبالإضافة إلى ما سيخلفه التصنيف من انطباع سلبي عن الجبيل والقائمين عليها في هذا المجال، فإن القضية في النهاية قضية إنسانية تتعلق بالجميع والاهتمام بها واجب كون هذه الغازات تسلبهم أهم حقوقهم الطبيعية وحقوق الأجيال من بعدهم، فهل سيكون هناك إيضاح ورد على منظمة الصحة أم إن الصمت هو سيد الموقف؟ وهل من الممكن أن تتراجع المنظمة عن تصنيفها أم إنها ستضرب بالجميع عرض الحائط حفاظاً على ثقلها ومكانتها وشفافيتها ومصداقيتها عالمياً؟ وهل أصبحت صناعاتنا وعمارتنا للأرض سبباً في هلاكنا؟!