دعا وزير السياحة المصري هشام زعزوع أمس سياح إيران للعودة إلى بلاده، وقال إنه سيدرس إعادة النظر في مشروع مصري قديم لإحياء «العتبات المقدسة» ومزارات ومراقد آل البيت في مصر. كما واصل الوزير المصري، عبر حوار مع وكالة فارس الإيرانية للأنباء، انتقاده للتيار السلفي في بلاده، مبديا انبهاره بما قال إنه نظافة طهران ورشاقة أبنائها وعدم وجود ظاهرة «الكرش» لدى الإيرانيين أو ظاهرة الكسل لدى موظفي إيران، إضافة إلى انخراط النساء في العمل العام، مشيرا إلى أن غالبية هذه الصفات غير موجودة في القاهرة، بما فيها «النظافة». لكن بسام الزرقا، المستشار السابق للرئيس المصري محمد مرسي، انتقد انبهار زعزوع بإيران، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن شروط التيار السلفي لعودة السياحة الإيرانية لمصر، هي «أن توقف طهران مشاركتها في قتل السوريين من خلال دعمها لنظام بشار الأسد، وأن توقف القلاقل التي تغذيها في دول الخليج، وأن توقف اضطهاد أهل السنة في إيران والأحواز». ولا توجد علاقات دبلوماسية كاملة بين القاهرة وطهران منذ عام 1979 بسبب اختلاف الرؤية الاستراتيجية لكل من مصر وإيران تجاه ملف عملية السلام وأمن الخليج، لكن جرت محاولات للتقارب بين البلدين بعد زيارات لكبار المسؤولين عقب سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 الذي كانت إيران تعتبره خصما لدودا لها. واصطدمت محاولات إذابة الجليد بين البلدين أخيرا، بقلق من مواقف إيران تجاه قضايا إسلامية وعربية من جانب مؤسسات وتيارات مصرية، من بينها الأزهر والسلفيون. وزار الوزير زعزوع إيران قبل نحو شهرين لتوقيع اتفاق جلب السياح الإيرانيين إلى مصر التي يعاني فيها القطاع السياحي تدهورا كبيرا بسبب القلاقل الأمنية التي تضرب البلاد منذ سقوط النظام السابق. وزار مصر بالفعل نحو 50 سائحا إيرانيا، وأعقب ذلك قيام سلفيين بالهجوم على منزل القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة، ما دفع الحكومة المصرية إلى إرجاء الرحلات السياحية بين البلدين إلى منتصف يونيو (حزيران) المقبل «لتقييم التجربة». وقال الوزير زعزوع في ثاني حديث له خلال أسبوع مع وكالة فارس أمس، إنه يعمل على تهدئة المعارضين للسياحة الإيرانية لمصر، مبديا انبهاره بإيران، وأضاف أن أكثر ما شد انتباهه في إيران ويتمنى أن يراه في مصر «نظافة المدينة (يقصد طهران)»، و«كنت أتمنى أن أرى مدينتي (القاهرة) بنفس هذه الدرجة من النظافة»، و«وجدت للمرأة دورا فاعلا في كل ميادين ومناحي الحياة، وبالذات وجودها الفاعل في الوزارات، وجدت شعبا مثقفا». وقال الوزير المصري أيضا إنه لاحظ أن الإيرانيين حريصون على الجانب الصحي وممارسة الرياضة، مشيرا إلى أن الدولة الإيرانية توفر للشعب «أماكن للرياضة في المتنزهات العامة بلا مقابل»، وأضاف: «لم أر وجودا لظاهرة (الكرش) عند الإيرانيين، ولم أر للسمنة وجودا لا في السيدات ولا في الرجال». وأوضح الوزير أن ما شد انتباهه أيضا في إيران عدم وجود «الانطباع السائد لموظفي الحكومة في اللامبالاة». وقال الوزير المصري إن بلاده كان لديها مشروع قديم يحمل اسم «إحياء مسار آل البيت»، وأضاف أنه كان قد صدر لهذا المشروع كتيبات تشرحه، و«تحدد مساره، وفيه شرح لأهم المزارات، وهو عبارة عن شارع يحمل اسم الأشراف، وفي الكتيب شرح لأهم مزارات ومراقد آل البيت، وما يسمى تحديدا بالعتبات المقدسة.. هذا المشروع تم إعداده وإنتاجه كمقصد سياحي، لكنه توقف بعدها». وردا على سؤال من وكالة فارس عما إذا كان الوزير سيستدعي مشروع «إحياء مسار آل البيت» للاطلاع عليه مجددا «حتى ولو لخدمة السياحة الداخلية»، أجاب الوزير زعزوع قائلا: «نعم أنا أوافقك الرأي، وبالفعل مطلوب أن نعيد النظر فيه». وسألت الوكالة الوزير عن مدى إمكانية الاستعانة بمئات المرشدين السياحيين المتخصصين في سياحة العتبات المقدسة، ممن يقول «المجلس الأعلى لرعاية آل البيت في مصر» إنه يمكن أن يوفرهم لهذا الغرض، فأجاب الوزير زعزوع قائلا: «الحقيقة ليس في الوقت الحالي. أعتقد». وأضاف ردا على سؤال حول ما إذا كان سيتم منح تراخيص إرشاد سياحي للناطقين باللغة الفارسية، قال زعزوع: «طبعا.. فمع الحركة السياحية أعتقد أنه سيتم دراسة مثل هذه العروض والاهتمام بها جدا من قبل المعاهد المتخصصة». وتحدث زعزوع عن أنه سيلتقي السلفيين قبل نهاية هذا الشهر للتحاور معهم حول السياحة الإيرانية، معربا عن اعتقاده أن التيار السلفي لديه تخوف من أنه «مع تدفق السياحة الإيرانية سيحدث تشييع لمصر، وأنا شخصيا أرى في ذلك مبالغة». ورد بسام الزرقا، في انتقادات شديدة، على وزير السياحة المصري وانبهاره بإيران، قائلا إنه في الوقت الذي يبدي فيه الوزير رغبة قوية للتقارب مع إيران وجلب السياح منها، تقوم إيران بالمشاركة في قتل الشعب السوري والتدخل في شؤون دول الخليج ومحاربة أهل السنة في الأحواز. وأضاف المستشار السابق للرئيس المصري: «لو كنا مسلمين فكيف نرحب بمن يقتل المسلمين؟ وإن كنا عربا فكيف نرحب بمن قتل العرب؟ ولو كنا بشرا فكيف نرحب بمن يقتل البشر؟». وتابع الزرقا قائلا: «هذا شيء لا أرى كيف يفتخر به وزير السياحة، وكان الأجدر به، وبكل من يريد أن يأتي بهؤلاء (الإيرانيين لمصر) وهم يفعلون ذلك، أن يشعر بالعار». وقال الزرقا عن إصرار الوزير زعزوع على جلب السياحة الإيرانية: «بدلا من خيبة حكومته في تحقيق الأمن الذي أدى إلى خروج السياح من مصر، الأجدر به أن يحقق الأمن حتى يجلب السياح الذين لا يمثلون خطرا على الأمن القومي المصري.. السياحة العربية والسياحة الخليجية هي أفضل لنا، لأنهم إخواننا، وبالمقياس المادي هم أفضل من سياح الدول المحاصرة التي تقمع ثورات شعوبها مثل إيران». وعن اعتزام الوزير إجراء لقاء مع السلفيين لإقناعهم بالسياحة الإيرانية قال بسام الزرقا: «نحن موافقون على زيارة الإيرانيين بشرط امتناع إيران عن اضطهاد أهل السنة في الأحواز وغيرها، ووقف سفك دماء إخواننا في سوريا، ووقف القلاقل التي يغذونها في الخليج.. حينئذ يمكن أن نبدأ هذه التفاهمات». وفي غضون ذلك، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست أن استئناف العلاقات بين القاهرة وطهران يحتاج إلى «الوقت والصبر». وقال في تصريحات أوردتها قناة «برس تي في» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية في موقعها على شبكة الإنترنت: «إذا أردنا وصول العلاقات الرسمية بين إيران ومصر إلى الحد المرغوب، وهو ما يتوقعه شعبا البلدين، فيجب أن نتحلى بالصبر». وأضاف أن «العلاقات بين البلدين تمر بمرحلة انتقالية من أدنى مستوى لها إلى أفضلها، ولتحقيق ذلك يجب أن نمر بمراحل تدريجية واضعين بنظر الاعتبار الوضع الداخلي المصري».