أقرت الحكومة المصرية أمس قانوناً جديداً لـ «تنظيم الصحافة والإعلام»، تمهيداً لعرضه على البرلمان للتصويت عليه، فيما طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ «تطوير الخطاب الإعلامي لتأثيره على وعي الشباب»، محذراً من «ترك المجال لملء الفراغ لدى الشباب بأفكار هدامة أو مغلوطة». ووافق مجلس الوزراء برئاسة شريف إسماعيل في اجتماعه الأسبوعي أمس على «قانون تنظيم الصحافة والإعلام» الذي يضم نحو 230 مادة، بينها النص على استقلال المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة، وأن تكون الغالبية في مجالس إداراتها للأعضاء المنتخبين ويتساوى فيها الصحافيون والإداريون، كما وافقت على قانون إنشاء نقابة جديدة للإعلاميين. لكن قانون الصحافة الجديد لم يلب مطلباً رئيساً، هو إلغاء حبس الصحافيين في قضايا النشر، كما فرض شرطاً تعجيزياً لترخيص المواقع الإلكترونية الإخبارية، إذ نص على ضرورة أن لا يقل رأسمالها عن نصف مليون جنيه (57 ألف دولار تقريباً). وقال وزير التخطيط أشرف العربي إن تطبيق المادة الرقم 71 من الدستور التي تنص على منع الحبس في قضايا النشر وحظر فرض رقابة على الصحف أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، «يحتاج إجراء تعديلات على قانون العقوبات». وأرسلت الحكومة مشروعي القانونين إلى مجلس الدولة لمراجعة صياغتهما، قبل عرضهما على البرلمان لتمرير موادهما. واعتبر وزير التخطيط الموافقة على القانونين «خطوة مهمة لتفعيل مواد الدستور المتعلقة بوجود ضمانات لاستقلال الصحافة والإعلام». وأشار إلى أن «إصدار البرلمان القانون سيمهد لإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام». ولفت العربي إلى أن طرح مشروع القانون سبقه «عقد أكثر من جلسة من اللجنة المشكلة لوضعه قبل عرضه على مجلس الوزراء، ومناقشات عدة بين الحكومة وممثلي الصحافة والإعلام، وحظي مشروع القانون بتوافق». وقال لـ «الحياة» الأمين العام لنقابة الصحافيين جمال عبدالرحيم إن النقابة «راضية عن القانون الجديد»، معتبراً إصداره «إنجازاً كبيراً للنقابة والجماعة الصحافية». وأوضح أن «الحكومة أجرت تعديلات محدودة على مشروع القانون الذي أعدته اللجنة الوطنية لصياغة التشريعات الصحافية والإعلامية» التي ضمت ممثلين عن نقابة الصحافيين، معتبراً أن هذه التعديلات «لا تؤثر في مضمونه». واستبعد تأثير الأزمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية على مناقشة البرلمان لمواد القانون الجديد، «فالحكومة أقرته رغم أن الأزمة معها وليست مع البرلمان، وهذا أمر يحسب لها». وأوضح لـ «الحياة» الأمين العام للجنة التي كانت شكلت لصياغة القوانين المتعلقة بالصحافة والإعلام ضياء رشوان أن اللجنة عقدت سلسلة من الاجتماعات مع الحكومة السابقة برئاسة إبراهيم محلب، ومن بعدها رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل «حتى وصلنا إلى صيغة مشتركة متوافقة على مواد القانون التي كانت عرضت على مجلس الوزراء الأسبوع الماضي قبل أن يقرها» أمس. وأشار إلى أن مشروع القانون الذي عُرض «هو الصيغة نفسها التي توصلنا إليها مع بعض الملاحظات الفنية غير الجوهرية»، موضحاً أن «قانون الصحافة والإعلام الموحد سيؤسس لإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ووفقاً لنص الدستور المصري هي هيئات مستقلة غير تابعة للدولة، ووضعنا تشكيلاً لكل منها يتناسب مع النص الدستوري». لكن رشوان لفت إلى أن مسألة إلغاء حبس الصحافيين في قضايا النشر «غير متضمنة في القانون الذي تمت الموافقة عليه، فهو قانون فني ينظم عمل وسائل الإعلام. أما إلغاء الحبس في قضايا النشر فتم وضع تصور بعد اجتماعات مع الحكومة وعدد من خبراء القانون، لعدد من النصوص التي تحتاج إلى التعديل في قانون العقوبات لكنها لا تزال لم تُقر حتى الآن». وكانت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان برئاسة أسامة هيكل انتهت من تقريرها النهائي في شأن الأزمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية على خلفية اقتحام الأمن مقر النقابة للقبض على صحافيين اتهما بـ «التحريض على التظاهر». ودانت اللجنة النقابة «لمخالفتها القانون بإيواء اثنين من المطلوبين بقرار ضبط وإحضار داخل مقرها»، مؤكدة أن «مجلس نقابة الصحافيين لم يعترف ولم يهتم بالإعتذار عن هذا الخطأ القانوني». لكن مجلس النقابة يقول إن وزارة الداخلية لم تتبع الإجراءات التي حددها القانون لطلب دخول مقار النقابات، وطلب إقالة وزير الداخلية واعتذاراً من الرئاسة. ويجتمع الصحافيون غداً في نقابتهم للبحث في كيفية التعامل مع الأزمة، بعدما تجاهلت السلطات مطالبهم. واعتبرت اللجنة النيابية أن «مصلحة الدولة والنقابة في الوصول إلى حل سريع لتلك الأزمة لأن الظروف التي يمر بها الوطن حالياً لا تحتمل الخلاف». وقالت إن «نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية شريكتان مع بقية مؤسسات الدولة في الحفاظ على الوطن في إطار القانون واحترام الدستور». ورأت أن «الخلاف القانوني» المتعلق بإجراءات دخول قوات الأمن النقابة «أمر محله القضاء، وليس جهة أخرى». إلى ذلك، اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي في القاهرة أمس بوزراء الشباب والرياضة العرب ورؤساء مجالس الشباب والرياضة. وأكد «ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام بقضايا الشباب، لا سيما في ضوء ما يشهده عالم اليوم من تطور في وسائل الاتصالات والتواصل الاجتماعي والإعلام». وشدد على ضرورة «تحصين عقول الشباب العربي ضد الأفكار العنيفة والمتطرفة، وترسيخ أهمية الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها الوطنية، وعدم ترك المجال لملء الفراغ لدى الشباب بأفكار هدامة أو مغلوطة». وشدد على «أهمية الارتقاء بجودة التعليم وارتباط ذلك باستثمار طاقات الشباب العربي في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «ما يساهم به التعليم في الوصول إلى وعي وإدراك حقيقي لدى الشباب، يُمكّنه من مواجهة الأفكار والمفاهيم المغلوطة». وطالب بـ «الاهتمام بالرسالة الإعلامية وتجديدها بهدف مواكبة العصر وزيادة وعي الشباب بالمواضيع المختلفة». من جهة أخرى، اعتبرت وزارة الخارجية أن صدور حكم بسجن متهمين بقتل مدرس فرنسي في وسط القاهرة في محبسه في قسم للشرطة «يؤكد استقلالية ونزاهة القضاء المصري». وقالت في بيان إن «أوساطاً غربية تحدثت خلال الفترة الماضية عن عدم صدور أي حكم في قضية مقتل الفرنسي إيرك لانغ داخل حجز قسم شرطة قصر النيل» في العام 2013. وأضافت أن «الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بالسجن 7 سنوات لستة متهمين في مقتل المدرس الفرنسي، هو تأكيد جديد على استقلالية ونزاهة القضاء المصري، وصحة الموقف الذي أكدت عليه وزارة الخارجية أكثر من مرة في اتصالاتها مع بعض الدول الأجنبية، وفي مقدمها فرنسا، بضرورة إتاحة الوقت الكافي للقضاء ليستكمل تناوله لهذه القضية بأبعادها كافة، وأنه فور ارتياح ضمير القضاة إلى الحكم في القضية، سيصدرون الحكم العادل فيها، وهو ما تحقق بالفعل». وأكدت «ثقتها الكاملة في نزاهة واستقلال ومهنية القضاء المصري، وأنه عنوان العدالة الذي لا يحيد عن الحق والعدل في أي من قراراته وتناوله لكل القضايا المطروحة أمامه».