شهدت إمارة أبوظبي خلال العقود الماضية تحولاً بارزاً في إطار عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك انطلاقاً من رؤى القيادة الرشيدة الرامية إلى الارتقاء بمكانتها لتكون ضمن ريادة المدن العصرية المتطورة على مختلف الصعد، والتي تملك اقتصاداً متنوعاً ومنفتحاً ومستداماً يشجع على الاستثمار والمعرفة والابتكار في شتى المجالات. ولترجمة تطلعات القيادة الرشيدة في تطوير عاصمة عربية عصرية مستدامة تحافظ على تراث وثقافة أبوظبي وتسهم في الوقت ذاته في إرساء مستقبل واعد للأجيال المقبلة انبثقت رؤية أبوظبي 2030 التي تهدف إلى تحقيق تنوع اقتصادي وبناء عاصمة متكاملة وذات بنية تحتية مستدامة على مختلف الصعد لتتيح للسكان من المواطنين والمقيمين نمط حياة متطورة ينعمون فيها بأفضل الخدمات خاصة في مجالات التعليم والنقل والصحة والطاقة وغيرها. يسلط التقرير الصادر عن شركة مصدر الضوء على أبرز المساهماتالمستدامة التي تسعى إمارة أبوظبي لتحقيقها في القطاعات الرئيسية. وتمثل استدامة قطاع الطاقة أحد المجالات الحيوية التي تضطلع بدور حيوي في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إمارة أبوظبي. ونظراً لكون توليد الطاقة الكهربائية للوفاء باحتياجات السكان والمؤسسات والشركات العاملة في إمارة أبوظبي يستهلك قرابة 25 في المئة من مصادر هيدروكربونية مع توقعات بارتفاع هذه المعدلات بواقع 7 في المئة سنوياً وهو أحد أعلى معدلات استهلاك الطاقة عالميا حرصت حكومة أبوظبي الرشيدة على الاستثمار في حلول الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة المبتكرة باعتبارها أفضل الخيارات الاستراتيجية. وتهدف هذه المنهجية إلى الحفاظ على المقدرات الطبيعية للأجيال المقبلة وصون البيئة عبر تخفيض معدلات التلوث والانبعاثات الكربونية من خلال تنويع مصادر الطاقة وبالتالي الارتقاء بمكانة أبوظبي ودولة الإمارات إلى مصاف الدول المصدرة لحلول الطاقة المتجددة على صعيد المنطقة والعالم. وقد أطلقت حكومة أبوظبي قبل حوالي عشرة أعوام مصدر مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة وفق رؤية استراتيجية تهدف إلى بناء قطاع جديد يسهم في تنويع الاقتصاد والانتقال به من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد قائم على المعرفة وذلك تماشيا مع رؤية أبوظبي 2030 التي حددت الطاقة المتجددة واحداً من المجالات الأساسية لعملية تنويع الاقتصاد. وتتميز مصدر بأن جهودها لا تقتصر فقط على مشاريع توليد الكهرباء من خلال المصادر المتجددة وإنما تركز على كل جوانب سلسلة القيمة اللازمة لبناء أي قطاع بدءاً من التعليم والبحث والتطوير من خلال معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي تأسس بالتعاون مع مؤسسة أكاديمية مرموقة عالميا هي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومروراً بالاستثمار في تطوير التقنيات النظيفة وتنفيذ المشاريع المحلية والعالمية لتوليد الطاقة من المصادر المتجددة وخفض انبعاثات الكربون وانتهاء ببناء مدينة تسعى إلى أن تكون واحدة من أكثر المدن استدامة في العالم ومنصة تسهم في نمو القطاع وإتاحة اختبار التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع. وتقوم مصدر بدور فاعل في الحوار والنقاش بشأن المواضيع ذات الصلة بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة والتصدي لتداعيات تغير المناخ بما في ذلك استضافة أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يقام تحت مظلته العديد من المؤتمرات المهمة كالقمة العالمية لطاقة المستقبل والقمة العالمية للمياه التي أثبتت أنها منصات ممتازة للتعاون وإبرام الشراكات. وفي خطوة تهدف إلى تشجيع الابتكار والتميز في قطاع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة والاستدامة أطلقت حكومة أبوظبي جائزة زايد لطاقة المستقبل العالمية والتي تديرها مصدر حيث تخلد رؤية الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي أرسى ركائز التنمية المستدامة وحماية البيئة في الإمارات العربية المتحدة. وتهدف هذه الجائزة السنوية التي تبلغ قيمتها 4 ملايين دولار إلى تكريم أفضل الإنجازات التي تجسد الالتزام بمعايير الابتكار والرؤية طويلة الأمد والريادة وتحقيق أثر ملموس في قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة والتنمية المستدامة. وعلى صعيد مبادرات الطاقة المتجددة المبتكرة تعمل مصدر على تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة للطاقة المتجددة التي تسهم في توليد أكثر من 1.5 جيجاواط من الطاقة النظيفة في مشاريع تعمل حالياً أو قيد التنفيذ مثل مشروع مصفوفة لندن أكبر محطة لطاقة الرياح البحرية في العالم بطاقة إنتاجية تبلغ 630 ميجاواط ومشروع محطة شمس 1 للطاقة الشمسية والتي تعتبر أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في العالم حيث تقوم بتوليد 100 ميجاواط من الطاقة الكهربائية النظيفة. وتسهم مصدر حالياً في تنفيذ مشروع محطة دادجون لطاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة والتي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 402 ميجاواط، وكذلك في تنفيذ مشروع محطة الطفيلة لطاقة الرياح في الأردن بطاقة 117 ميجاواط إضافة إلى محطة ظفار لطاقة الرياح في سلطنة عمان بطاقة إنتاجية تبلغ 50 ميجاواط. منافع اقتصادية وبيئية وقامت مصدر أيضاً بتنفيذ مشاريع حيوية مثل محطة ميناء فكتوريا لطاقة الرياح في جزر السيشل ومشروع في أفغانستان لتزويد 600 منزل بأنظمة شمسية كهروضوئية خارج شبكة الكهرباء ومحطة لطاقة الرياح في جزيرة أوبولو في ساموا وأخرى في جزيرة فافاو في مملكة تونغا وغيرها من المشاريع. وفي خطوة تهدف إلى استخدام تقنيات الطاقة المتجددة في تحلية مياه البحر وبالتالي توفير حلول مستدامة وذات منافع اقتصادية وبيئية كبيرة أبرمت مصدر شراكات مع أبرز مطوري تكنولوجيا تحلية المياه عالمياً مثل أبينجوا وديجريمون وسيديم فيوليا وتريفي سيستمز لإطلاق مشروع تجريبي لاختبار وتجربة تقنيات تحلية مياه البحر تتميز بكفاءة عالية في استخدام الطاقة. ويهدف هذا المشروع التجريبي إلى تطوير محطات تحلية مياه البحر في دولة الإمارات تعمل بالطاقة المتجددة على أن يتم تسويقها تجاريا بحلول عام 2020. ويتضمن هذا المشروع التجريبي أربع محطات جرى تركيبها بمنطقة غنتوت في أبوظبي تعمل لمدة 18 شهراً، حيث تعمل كل محطة على تخفيض استهلاك الطاقة بشكل كبير من خلال الربط ما بين تقنيات تحلية المياه الواعدة التي يجري تطويرها في الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية والتطبيقات الصناعية واسعة النطاق التي تعمل من خلال الطاقة المتجددة. شوارع حضرية يعمل مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني على تنفيذ رؤية التخطيط العمراني لإمارة أبوظبي 2030 من خلال استخدام عدد من المبادرات مثل برنامج استدامة وصولاً إلى الإرشادات الخاصة بالأماكن العامة وتصميم الشوارع الحضرية. وتتوفر هذه المبادرات من خلال كافة خطط تطوير المناطق الشاملة وتسهم هذه المشاريع والمبادرات الطموحة بضمان عملية تطوير مستدامة وعالية الجودة وإقامة مفهوم المجتمعات المستدامة المتكاملة. تقييم اللؤلؤ يهدف نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ من برنامج استدامة إلى تقييم أداء الاستدامة لدى المجتمعات والمباني والفلل.. وهو يمثل أول نظام تقييم للاستدامة في العالم العربي حيث جرى تصميمه للتعامل مع مناخ وطبيعة أبوظبي. ويهدف نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ إلى دعم عملية التطوير المستدام بدءا من التصميم وصولا إلى البناء والأداء الفعال حيث يتيح إرشادات ومتطلبات تصنيف أداء المشاريع المحتمل لما يتعلق بمحاور استدامة الأربعة. ويضم البرنامج نظام تقييم اللؤلؤ الخاص بالمجتمعات ونظام التقييم بدرجات اللؤلؤ الخاص بالمباني ونظام التقييم بدرجات اللؤلؤ الخاص بالفلل وأخيراً نظام التشغيل بدرجات اللؤلؤ الذي أطلقه مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني خلال الفترة القليلة الماضية. وانطلاقاً من كونها الجهة المسؤولة عن تشغيل وتطوير وتشريع قطاع النقل في إمارة أبوظبي براً وبحراً وجواً تحرص دائرة النقل على تعزيز استدامة قطاع النقل عبر تطوير إطار عمل مستدام. احتياجات العملاء أولت دائرة النقل أهمية قصوى للاستدامة منذ تأسيسها من خلال إطلاق العديد من المبادرات والخطوات التي تصب في هذا التوجه إضافة إلى اعتماد أحدث وأفضل التقنيات والحلول العالمية المستدامة في كل المشاريع التي تقوم بها الدائرة. وتتألف خطة استدامة النقل من ستة محاور تتضمن تخفيف الازدحام من خلال توفير خيارات نقل متعددة مثل النقل العام وتطوير بنية النقل التحتية وإدارة المواقف وتعزيز الأمن والسلامة عبر تطبيق أفضل السياسات والتشريعات والممارسات في هذا الجانب والارتقاء بمستوى الخدمات لتلبية احتياجات العملاء لمختلف أنماط النقل وتعزيز العائد الاقتصادي بحيث يتم بناء نظام نقل بمعايير عالمية يشكل حافزا لعملية التنمية وتحقيق التميز على صعيد أداء دائرة النقل لضمان تطوير شبكة نقل متكاملة وعصرية وفق أعلى المعايير إضافة إلى تحقيق الاستدامة البيئية عبر اعتماد تقنيات نظيفة وتقليل التأثير على استهلاك المصادر البيئية.