تستورد الصين أكثر من نصف احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط، 20 في المائة منها تأتي من السعودية، أكبر مورد لها. في المقابل تعد الصين في الوقت الراهن أكبر مستورد للنفط من السعودية. ومن المتوقع أن يزداد هذا الاعتماد المتبادل نتيجة القلق بشأن أمن الطاقة في الصين وتحول السعودية نحو الشرق. كانت الصين تستورد اثنين في المائة فقط من صادرات النفط السعودي العالمية عام 2000، لكن هذا المعدل ارتفع بنسبة 40 في المائة سنويا في المتوسط، إلى أن بلغت حصة الصين من الصادرات النفطية السعودية الآن 13 في المائة، لتكون بذلك أكبر عميل نفطي للمملكة. في المقابل، ارتفعت حصة السعودية من واردات الصين النفطية من تسعة في المائة في عام 2000 إلى 20 في المائة حاليا، ويرجع السبب في ذلك إلى العقوبات المفروضة على إيران. ومن المتوقع أن تحصل الصين على نصف الزيادة في الاستهلاك العالمي للنفط بحلول عام 2035، لترتفع بنسبة 60 في المائة خلال هذه المدة. ويتوقع أن تتضاعف الواردات من الشرق الأوسط في هذه الفترة إلى نحو سبعة ملايين برميل يوميا. ويؤكد الاستقرار الذي تتمتع به السعودية والاحتياطي النفطي الكبير الذي تملكه على دورها كشريك استراتيجي مهم لتلبية احتياجات أمن الطاقة للصين، ولكن الصين لا تزال بحاجة إلى مزيد من النفط من دول مثل العراق وإيران، التي تواجه كل منها عددا من المشكلات الداخلية. في الوقت ذاته لا يتوقع أن تؤثر عودة تدفق النفط من إيران على العقود الحالية مع السعودية، ولكنها قد تقوض من الحصة السوقية لبعض صغار المنتجين، وبخاصة الدول الأقل استقرارا. على الرغم من تضاعف إنتاج النفط والغاز غير التقليدي بين عامي 2000 و2013، فإن الولايات المتحدة لا تزال تستورد نحو ربع احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط. ولكن في الوقت الذي ستصبح فيه أكثر اكتفاء ذاتيا يتوقع أن تحل الصين وغيرها كبديل للولايات المتحدة. وتشير اعتبارات التكلفة واستهلاك الطاقة التي يحركها الوقود، والضمانات البيئية المتساهلة، إلى أن الوقود الأحفوري سيظل مصدر الطاقة المهيمن في الصين. وعلى مستوى المستهلك، يتوقع أن ترتفع ملكية السيارات إلى 320 سيارة لكل ألف شخص بحلول عام 2035، أي بزيادة تقدر بنحو سبعة أضعاف النسبة الحالية التي تقف عند 44 سيارة لكل ألف شخص في عام 2012، على غرار معدل النمو في اليابان خلال التسعينات. الزيادة المتوقعة في الطلب على النفط الصيني يجب أن يعوض جزئيا عن الانخفاض المحتمل في واردات الولايات المتحدة من السعودية، فقد شهدت الأشهر الـ10 الأولى من عام 2013 انخفاض واردات الولايات المتحدة من الخام السعودي بنسبة تسعة في المائة مقارنة بالعام الماضي، نتيجة لخفض زيادة إنتاج النفط المحلي من إجمالي الواردات النفطية بنسبة 20 في المائة على أساس سنوي خلال عام 2013. تتمتع الصين بوضع جيد يمكنها من دعم فرص التنوع الاقتصادي في السعودية، وتوفير سوق للصادرات البتروكيماويات السعودية. ويمكن للشركات الصينية أن تستفيد من الفرص في قطاع البناء السعودي والوصول إلى السوق الاستهلاكية ذات القوة الشرائية العالية. وتحظى صناعة البتروكيماويات السعودية، أحد روافد التصدير الرئيسة الأخرى غير النفط، بوضع جيد للاستفادة من النمو في الصين، حيث تمثل صناعة البتروكيماويات السعودية 67 في المائة من إجمالي إنتاج الشرق الأوسط و8.7 في المائة من إمدادات الأولية العالمية. وتحصل الصين على حصة كبيرة من الطلب العالمي على البتروكيماويات (تسعة في المائة في عام 2012)، ولكن الصادرات السعودية تمثل فقط خمسة في المائة من إجمالي واردات البتروكيماويات في الصين، حيث تصدر السعودية بالفعل ما يقرب من ربع إنتاج البتروكيماويات إلى الصين، ولكن التوقعات بإمكانية تضاعف قدرة الصناعة بنسبة 50 في المائة خلال عام 2020 يزيد من فرصة زيادة الصادرات إلى الصين. ونظرا لاعتماد نحو 60 في المائة من تكاليف إنتاج البتروكيماويات على الهيدروكربون، يتوقع أن تحافظ المملكة العربية السعودية على هياكل التكلفة المنخفضة وميزة المنافسة العالمية. فعلى سبيل المثال، فإن تكاليف المواد الخام من الإيثان في المملكة العربية السعودية أقل تكلفة بتسع مرات من منتجي جنوب شرقي آسيا. وسيجعل الاستهلاك السعودي الضخم والمتزايد (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 25 ألف دولار، الذي يفوق نصيب الفرد في دول الأسواق الناشئة ودول بريكس) السعودية سوقا جذابة للسلع الاستهلاكية الصينية. وتبدو الآفاق المستقبلية مشجعة أيضا، فالنمو السكاني في السعودية الذي يصل إلى 1.7 في المائة سنويا يفوق متوسط بريكس الذي يبلغ نحو 0.7 في المائة سنويا. إضافة إلى ذلك، تجاوزت مكاسب القوة الشرائية التضخم منذ عام 2008، الذي لا يزال خاضع للسيطرة عند أربعة في المائة. ومن المتوقع أن تحصل صناعة السيارات الصينية على حصة أكبر في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، بعلاماتها التجارية مثل «شيري»، و«جيلي»، و«غريت وول»، التي تكتسب زخما نظرا لأسعارها التنافسية. فسيارتها الـ«بيك أب وينغل»، على سبيل المثال، أرخص بنحو 23 في المائة من «تويوتا» ذات التصميم المماثل. * كبيرة الاقتصاديين في «أرابيا مونيتور»