سَئِمتُ تكاليف الحياة الجادة، ومَلَلْتُ مغَالبةَ الفكر العَصِيِّ، وكرهت النَبشَ في عفن الأوضاع الموغلة في التفاهة. واشمأزت نفسي من احتقار الإنسان لأخيه الإنسان. ومَنْ يَعِشْ أوضاع الأمة العربية يسأم تكاليفها. وما من دابة تمشي على الأرض، ولاسمك يعوم في البحر، ولا طائر يخفق بجناحيه في السماء إلاَّ أممٌ أمثالنا، لها غرائزها، وشهواتها، وعوالمها الغريبة. وعُدْوانها محكوم بسُنَّة الدورة الغذائية، وفواسقها لا تزيد عن خَمْس.