×
محافظة المدينة المنورة

الأمير فيصل بن سلمان يرعى تخريج كليات ومعاهد الهيئة الملكية بينبع

صورة الخبر

"إذا لم نكن نؤمن بحرية التعبير مع من نختلف معهم فنحن في الحقيقة لا نؤمن بها على الإطلاق".* نعوم تشومسكي تمثل حرية التعبير بعداً مهماً على كافة المستويات خصوصاً في مسألة الوحدة الوطنية والإيمان بثقافة التنوع والقدرة على قول الأسئلة والقضايا المؤرقة لأي إنسانٍ مهما كانت الفئة العمرية التي ينتمي لها أو الخطاب الثقافي الصادر منها، ومن هذا المنطلق فلقد حرصت القيادة الحكيمة على زرع مفهوم حرية التعبير في كافة الحقول الاجتماعية والإنسانية وتكريس كافة الأدوات لذلك؛ عِلماً منها أن زمن الكبت والخوف قد مضى خصوصاً وأن هذا الجيل يعيش في القرن العشرين، قرن الفضاء الممتد والواسع، الفضاء الذي أصبح الكل يستطيع أن يقول دون أن تصاب كلماته بالموت مبكراً. لقد أسس الملك عبد الله - يحفظه الله- الكثير من الجهات المعنية بذلك، والتي تساعد في تنظيم مفهوم "التعبير" وتكريسه اجتماعياً وإعطائه الحرية التي يستحقها سلوكياً وتنظيرياً؛ ليصبح صادراً عن الأفواه بشكل إيجابي له غاياته الواضحة وشروطه البينة وطريقته المحددة، ومحاولةً منه لإلغاء التعصب الفكري والتحيز للآراء الفردية وما ينتج عنها من استشكالات فردية وثقافية وحتى اقتصادية، فمتى ما كان الإنسان أو المجتمع غير منفتحٍ على نفسه وعلى الآخر بأفكاره ورؤيته وطريقته في فهم الأشياء والدائرة الاجتماعية التي تحتويه فإنه من الصعوبة بمكانة أن يستشعر ذاته وأفكاره والإيجابيات والسلبيات التي يتعرض لها أو يؤمن بها سواءً كانت تلك الآراء معه أم ضده، تماماً كما تقول تلك المقولة الشهيرة لأحد المفكرين: " إن كنت تؤمن بحرية التعبير، فأنت تؤمن بحرية التعبير عن الآراء التي لا تعجبك!". إن المنظمات والمؤسسات التي أعتني بها الملك عبد الله -يحفظه الله- والتي تكرس لهذا المفهوم وتخدمه لا يمكن حصرها ولعل ما يمكن الاستشهاد به ما يلي: 1-مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي: يعتبر مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي واحداً من أضخم مبادرات التنمية الاجتماعية، ويهدف إلى دعم جهود المملكة في التنمية الاجتماعية والثقافية، مركزاً بشكل خاص على التعبير وممارسته معرفياً وابتكارياً؛ فالبيئة التي لا تقبل التعبير من المستحيل بمكانة أن تكون بيئة مبتكرة أو منتجة وناهضة مع ركاب الأمم المتقدمة. إن مركز الملك عبدالعزيز سيضم بحلول عام 2015م مكتبة عالمية المستوى وقسماً للمحفوظات ومركزاً للتعلم المستمر، وبرامج لإثراء الشباب، ومتحفاً من أربعة أقسام بالإضافة إلى متحف للأطفال، وقاعات للعروض الإعلامية المتنوعة، ويحتضن نشاطات دائمة وموقتة، وعروضاً حية ومتنوعة، وكل المرافق اللازمة لذلك، علماً بأنه سيقوم هذا المركز بالتواصل مع الكثير من الدول الأخرى المختلفة ثقافياً ولغوياً بشكل مباشر وبحرية مطلقة تطمح إلى التطوير والتشارك والاحتكاك المعرفي. 2-مركز الملك عبد الله لحوار الأديان والحضارات: وجه خادم الحرمين الشريفين بتاريخ 23/3/1428ه بالموافقة على إنشاء مركز الدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وصدر تعيين أ.د. عبد المحسن بن محمد السميح عميدا للمركز في 14/10/1430ه، وصدر الأمر السامي الكريم رقم 2024 / م ب بتاريخ 30 / 2 / 1431ه القاضي بالموافقة على تسمية المركز باسم (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات. وعن رؤية المركز وطموحاته فإنه يأمل تحقيق التميز في الدراسات والبرامج المتخصصة بفاعلية تتناسب مع مكانة المملكة ومسؤوليتها الحضارية، تعزيزا لمبادرة خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- لحوار أتباع الأديان والحضارات، وليكون المركز أنموذجاً للريادة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، سعياً لإسهام رشيد في العبور نحو المستقبل وصناعته بما يتوافق مع غاياته القيادة اللامحدودة. وفيما يتعلق بأهدافه فإنها تتمركز حول التالي: 1-إبراز عظمة الإسلام في معالجة القضايا المستجدة. 2 -التعريف بالنظم الإسلامية وإظهار تميزها. 3 -التعريف بحقوق الإنسان في الإسلام. 4 -العناية بقضايا الشباب ومشكلاتهم. 5 -العناية والاهتمام بقضايا المرأة وحقوقها في الإسلام. 6 -بيان موقف الإسلام من الإرهاب. 7 -بيان مواقف المملكة العربية السعودية من القضايا العالمية المعاصرة. 8 -الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي المستجدة. 9 -التأصيل الشرعي لثقافة الحوار. 10 -التعرف على الحضارات المعاصرة وترسيخ مفاهيم التواصل والحوار بين الحضارة الإسلامية وسائرالحضارات. وعن إنجازاته التي حققها المركز فلعل من أبرزها أن أصدر مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات مؤخراً إصدارا يوضح في محتواه مسيرة المركز وأهم الإنجازات التي أوجدها في دعم ثقافة الحوار والتعبير وقبول الآخر خصوصاً فيما يتعلق بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة وإيجاد المشتركات الإنسانية والدينية من أجل بناء خطاب وبنية مشبعة بالقيم البشرية التي تعزز من مفهوم والتسامح والتعاون والتحاور في كل ما يخدم الإنسان والحياة ومصالح الشعوب المشتركة التي أصبحت تطمح في أن يحل السلام عليها وعلى الأجيال القادمة. لقد عرض الكتاب مسيرة وإنجازات وتفاعلات المركز بصورة مختصرة ومفيدة في نفس الوقت والتي كانت حاضرة في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للمؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في فترة من الفترات بمدريد، والذي قال فيها: "ليكن حوارنا مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة والعدالة في مواجهة الظلم والسلام في مواجهة الصراعات والحروب والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية". ونظراً لأهمية الكتاب وما يحتويه من معان إنسانية عميقة فلقد أهدى المركز بتاريخ 18 من نوفمبر الماضي نسخاً متعددة للمشاركين في المؤتمر العالمي والذي عُقد تحت عنوان"صورة الآخر" والذي نظمه بالعاصمة النمساوية فيينا، وفي هذا الصدد فقد أكد الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن معمر، ضخامة المسؤولية المنوطة بالمركز في تنفيذ مبادرة خادم الحرمين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، مشيراً إلى أن العمل جار على تحقيق تطلعات خادم الحرمين في إنشاء مؤسسة دولية للحوار تمد جسور التفاهم والتعاون لما فيه خير البشرية بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة وأن هذه المسؤولية تشريف وتكريم وأمانة، فلا أنبل ولا أسمى من العمل من أجل تحقيق التعاون والتعايش السلمي بين أفراد الأسرة الإنسانية الواحدة وزرع الخير بين الناس، ذاكراً في تقديمه للكتاب: "إن الحوار يقوم على تعدد وجهات النظر ليتشكل في الأفق الحواري قدر من التساؤل المعرفي الذي ينأى عن التعصب للفكرة وينبذ الصدام، بحثاً عن الحقيقة وعن الصورة الحوارية المثلى التي تجعل قيم المشترك الإنساني في الأخلاق والتسامح والتعاون هي الصوت الأقوى حضوراً في هذا الحوار". وأضاف أن "المعنى الكامن في تلاقي أتباع الأديان والثقافات يتجلى في كونه حواراً إنسانياً بالدرجة الأولى، وهو ما يسهم في التواصل المتميز الذي ينتج معرفة جديدة متنوعة تحترم الاختلاف الذي هو آية من آيات الله الواحد".. معتبراً أن مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات يتطلع بطموح كبير إلى تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وأن يكون مركزاً لإشعاع المعارف والثقافات والأفكار ومنبراً للحوار والتعبير المنفتح مع الجميع ومن أجل الجميع وإبراز القيمة الحضارية للتنوع البشري والعمل على إرساء القواعد والأسس التي تقوم عليها صروح التفاهم والتعاون بين الناس على اختلاف أديانهم وثقافاتهم. كما حوى هذا الإصدار الذي تم توزيعه كما ذكر الأمين العام عرضاً موجزاً لرؤية المركز، التي تتلخص في أن الدين والمصادر التي يعتمد عليها إنما هو قوة فاعلة ومتينة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية، بالإضافة لرسالة المركز في دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب، كما يذكر هذا الإصدار مسيرة المركز كطموح لا محدود لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز التي وضحت بإعلان هذه المبادرة التي تطمح للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. 3- مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: لقد ناقش مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الكثير من القضايا المهمة، سواءً كانت تلك القضايا متعلقة بالقضايا الداخلية كدور الشباب التنموي والثقافي والحضاري أو بالمرأة السعودية ودورها الاجتماعي والأسري، كذلك الإعلام ووسائل تطويره، لم تقف تلك القضايا عند باب المناقشة فقط بل إنها أصدرت توصيات عديدة وذات جوانب متنوعة تم رفعها للجهات المختصة ذات العلاقة للعمل بها ونقلها من الأسلوب التنظيري إلى الأسلوب التطبيقي، وفق مركز متخصص على أسس التعبير الصادق منطلقاً من رؤيته الشغوفة بأن يكون هو بيت الخبرة الأول في نشر ثقافة الحوار وطنياً وإقليمياً خلال التدريب وخلال القيام باستطلاعات الرأي العام ولتعزيز التواصل بين المجتمع ومؤسساته لما يساهم ذلك في دور كبير في صناعة القرار بالإضافة إلى القيم التي ينطلق منها المركز وهي الموضوعية والتميز والمهنية والالتزام والمشاركة والديمومة في العمل الجادة والمتواصل ووفق أهداف تطمح إلى تصميم البرامج والحقائب التدريبية المتخصصة في التعبير الحواري القائم على المشاركة بالإضافة إلى إعداد المتدربين في مجالات التواصل والحوار وإجراء الدارسات الاستطلاعية والميدانية وتقديم الدعم اللازم لصناع القرار مهما كانت المؤسسة التي ينتمون لها بجانب ربط المشاريع والدراسات الاستطلاعية لما يحتاجه المجتمع من قضايا وطموحات. لا تقف إنجازات الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- في دعم التعبير والحوار عند هذا الحد، بل إن رعايته لكل ما يسهم في ذلك ممتدة وغير منقطعة جغرافياً ومفاهيمياً ولعل برنامج الإبتعاث الخارجي خير دليل على ذلك حيث إنه لا يقوم فقط على تحسين مستوى المؤهلات الدراسية للمواطنين المبتعثين وإن كان ذلك من ضمن أهدافه بقدر ما يقوم على مشروع أجدى وأكثر أهمية في تاريخ الأجيال وهو القيام بالتبادل الثقافي عملياً وبشكل مباشر حتى يتمكن أفراد هذا المجتمع من فهم الآخر واستيعابه كلياً والتعبير عن مضامينه الثقافية والتي فهمها الغرب بشكل مغلوط في أغلبها، حيث صورونا وفق المصطلح الشهير"الإسلام فوبيا" وبأننا كائنات بشرية لا تقبل الحوار أو التعبير عن الأفكار بقدر ما تنزع إلى هجوم الآخر، لقد أتى مركز الملك عبدالله للابتعاث الخارجي لأجل كسر هذا التنميط الغربي المجحف في حق الثقافة العربية والإسلامية.