عبر برنامج الثامنة الذي يقدمه الزميل داوود الشريان جاء صوت أم محمد المكلوم بفقدها لولدها عاصفا ومهيجا للنفوس ومذكرا بمئات الشباب الذين تم تفويجهم إلى معارك القتال بحجة الجهاد أو نصرة الإسلام، هذا التفويج بدأ من زمن بعيد وكلما أوقدت الحرب نيرانها في مكان من العالم كان المحرضون يدفعون بشبابنا إلى تلك المعارك مستغلين حماس الشباب وحرقتهم على دينهم بتصوير أن ما يحدث هنا أو هناك ما هو إلا مؤامرات تحاك ضد الإسلام ولم يقف التحريض عند الدعوة إلى الذهاب للقتال بل تحول إلى دعم لوجستي (متفق عليه)، أي تحولت الدعوة من القول اللفظي إلى المساهمة في نقل الشباب إلى أراضي المعارك. وحرقة أم محمد على فقد ابنها (18) سنة بنقله إلى سوريا تعيد ضرورة فتح ملف المحرضين الذين يدفعون بالشباب إلى الموت وهم يعلمون تماما أن ما يحدث من حروب ليس لها علاقة بالإسلام أو نصرة المسلمين وإنما هي لعب سياسية يتم التجييش لها والتنادي تحت لواء نصرة الدين. وكم كتبت بأنها لعبة متكررة منذ الحرب الأفغانية السوفيتية وصولا إلى معارك سوريا وأن هذه الحروب غدت مرهقة وليس فيها من جذب سوى العذابات التي يواجهها المغرر بهم وذووهم الذين يتألمون لما حدث لأبنائهم من قتل أو أسر، وفي كل مرة كانت تواجه هذه الكتابات بالتشويه والاتهامات ولم يشأ المغرر بهم أن يتنبهوا للفخاخ المعدة لهم في نهاية الطريق. وتكرار اللعبة (المعارك) بنتائجها الثابتة لم يمنح شبابنا الحصانة والوعي وعدم الانقياد لتحريضات تجار الدعوة بالذهاب إلى أي أرض تصارعت فيها السياسة وأرادت أن يكون لها ضحايا ودم. وتكرار إفراز النتائج الثابتة كان أدعى للتنبه وأخذ الحيطة والحذر من قبل الشباب ومعرفة النهايات لكل دعوة للخروج من أجل القتال في أرض تبحث عن الضحايا من أجل نصرة سياسية إلا أن كل تلك الحروب الفاشلة لم تمنح شبابنا المصل الكافي لتحصينهم من الانجذاب إلى معارك مخطط لها وهو الأمر ذاته الذي لم نفلح نحن كأسر من تحصين شبابنا به كي نحول بينهم وبين الخوض في معارك نحن الخاسرون فيها أولا وأخيرا .. وبالعودة لمكالمة أم محمد كانت قد وضعت سؤالا جوهريا: - كيف سمح لمحمد بالسفر للخارج وهو لا يزال في الثامنة عشرة من عمره.. فنحن نعلم بأن مغادرة الحدود لمن لا يزال تحت الوصاية تستوجب إذنا من ولي الأمر.. فهل خروج محمد يؤكد أيضا أن المحرضين لديهم الوسائل الاحتيالية والدعم اللوجستي لتجاوز المعوقات؟ أخيرا وفي كل مرة نقول ارحموا شبابنا من النار التي تقذفونهم إليها. عكاظ