** يبدو حكم كرة القدم الدولي السعودي (خليل جلال الغامدي) أكثر فرحًا من قهقهةٍ طائشةٍ.. فالعالم حول ذاته نظيف.. وهذا منتهى الصواب. لأن (خليل جلال).. رغم كونه قاضيًا كرويًّا وذا جدارة عُلّقتْ على حائط الكرة الأرضية، ورغم كونه رسّاَمًا (لنتائج متغيّرات وأحداث) لا يصنعها هو.. بل يكتفي برصدها وتقويمها وتقييمها، إلاّ أنه لا يرسم قلوبًا معطوبة على رأي (الناقد العربي)، ذلك أن (نفسه خضراء) مثل تحف في بازار أو باقة بوح! ** و(خليل جلال).. أعلن توًّا اعتزال التحكيم بعد أن شارك في أكثر من عشر مرات ببطولات دولية، منها مرتان بكأس العالم للمنتخبات الكبرى، وكأس العالم للمنتخبات على مستوى الأولمبي والشباب والناشئين، وكأس العالم للأندية، ناهيك عن البطولات القارية، والآسيوية، والإسلامية، والعربية، والخليجية، زخم هائل جابت به صافرتُه الكرة الأرضية ليرسم ببراعته وببشاشته وعدالته طريقه إلى جماله!! ** وتتداخل الأزمنة.. ليرحل! بعد أن كان يفتح عينيه (عشية المباراة) فيجد رأسه مشحونًا بضبطها جُلّ استطاعته ليملأ جميع جوانبها، وهو لا يجذِب متابعة الألوان خشية أن تتبعثر صافرته أو عدله في باحة الجمجمة!! في الوقت الذي تجد فيه لياقته البدنية ومرونته بنص القانون، أو روح القانون أداءً رائعًا ملفوفًا بمهارة المتابعة والإنصاف الحاذق المتمكّن الجاهز دائمًا لكل نصٍّ قانونيّ. ** و(خليل جلال).. يملك شخصية صبورة مجتهدة صامتة، تُصيب وتُخطئ (لغزها) عقل بشر.. فيستطيع في مباراة، أو بطولة أن يحول (الموقف الكروي) في لمح خاطف للبصر، و(عبر مهارات صانعيه من لاعبي الفريقين) إلى فرح سعيد، وإن كانت ليلة مثقلة بالمتاعب والاتهامات، أو ليلة أرهقتها ألف ذلة!! أو ليلة هزّتها إنهاكات الأرواح والأجساد..! ** و(خليل جلال).. شخصية يحبها ويكرهها هؤلاء وهؤلاء.. إلاّ أن المنصفين يعلمون بأن خليل جلال هو: * الشبعان في التو الراهن على مائدة (حاتم الطائي)!! * والغني الساعة بدنانير (قارون)!! * والفاتك اللحظة بذراع (عنترة)!! وعلى حد قول ذلك (الأديب الأريب) حمل في قلبه أخلاقياته، وشمائله الطيبة، وطوق وفائه للقَسَم بالعدالة وأزاهيرها لنلتحف بها فنًّا وذوقًا واجتهادًا! بل.. وننسج بها على رأي (يحيى السماوي) ألف منديل للمحبة لنفترش شاطئ العذوبة! ** نعم.. يبدو الآن (خليل جلال).. أكثر فرحًا بالاعتزال بعد أن وضع نظارة الزمن السميكة، لنفتح الأعين على سعتها، وننظر إلى من نعتقد أنهم هم السعداء بهذا؟! و(الحكم اللمّاح).. يجد أن السعادة ليست ابتسامة رائقة مرسومة على شفاه يابسة بالقوة.. أو بالفعل يضعها عليها ليعيد إليها الحياة! كما أن (الواثق من أمانته) يجد أن السعادة ليست ريالاً، أو درهمًا يزيد عن حاجته في كل يوم.. كما أنه لا يلتهمه جوع الخصاص (الفاغِر الفَم) في كل دقيقة!!