خيم أمس الهدوء الحذر في طرابلس بعد ليلة اشتباكات حامية بين باب التبانة وجبل محسن، واستمرت أعمال القنص المتقطعة على كل المحاور في طرابلس، وطالت عمليات قنص كل هدف متحرك، لا سيما على الطريق الدولية التي تربط طرابلس بعكار. وردت وحدات الجيش على مصادر النيران، مستعملة القنابل المضيئة لتحديد مواقع القناصين والمسلحين، جنوبا شهدت مزارع شبعا المحتلة تحليقا مكثفا للطيران المروحي الإسرائيلي امتدادا حتى مرتفعات الجولان المحتلين، في ظل حركة ناشطة للدوريات الإسرائيلية المؤللة بمحاذاة السياج الحدودي على طول الخط التقني ما بين الوزاني الغجر والعباسية»، من جهته حذّر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس، من أن الأحداث الأمنيّة الأخيرة «تنذر بمنعطف خطير يهدد بفلتان خيوط الأزمة من أيدي من يظنون أنهم ممسكون بها المسيحيّة تستدعي الصمود في الأرض والتضامن بروح المسؤولية. إلى ذلك قال النائب علي بزي ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري: «إن لبنان يعيش في لحظة سياسية ضاغطة وحرجة جدا بسبب من يعزف على آلات التحريض والشحن وإثارة الغرائز الطائفية والمذهبية والمناطقية». وتابع خلال احتفال ثقافي في أقليم الخروب قائلا: «في لبنان ليس باستطاعة أحد على الإطلاق كبير كان أم صغيرا أن يأخذ دور الآخرين ويقرر عنهم، ولا أحد بإمكانه إقصاء أو عزل أو الاستئثار بأي شيء، لذلك انطلقنا من فكرة حكومة جامعة، حكومة الكل والشراكة والمصلحة الوطنية، واعتقد أن الجهد الذي بذل في تدوير الزوايا الذي قام به الرئيس نبيه بري بالتنسيق مع وليد جنبلاط إضافة إلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للحكومة وإضافة أيضا إلى الكلام الذي صدر عن الرئيس سعد الدين الحريري، يشكل فرصة إيجابية ويجب ترجمة هذه الإيجابيات إلى حكومة جامعة يشعر الجميع أنهم مؤتمنون على فتح صفحة جديدة في لبنان»، من جانبه أعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان عن أن «التفاوض الجدي في ما يتعلق بحكومة جامعة سياسيّة بدأ منذ ساعات»، وشدد على أن «الحكومة يجب ألا تكون على حساب رئاسة الجمهوريّة، خصوصًا وأنّ مهمتها الأساسيّة الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي»، ووصف موقف تيّار المستقبل الأخير بـ»الإيجابي». في حين أعرب وزير محمد فنيش في أن «تستمر الإيجابيات التي تسود اليوم في البلد لكي نتقدم خطوة باتجاه إنهاء الملف الحكومي من خلال تشكيل حكومة جامعة قادرة تمثل مختلف الفرقاء ليستطيع لبنان أن يواجه كل التحديات سواء كانت أمنية أو سياسية أو اجتماعية، أو كل ما يعانيه المواطنون، على أن يكون هذا الأمر مقدمة لمواجهة الاستحقاق الرئاسي وإعادة العمل للمجلس النيابي، فمسؤولية القوى السياسية أن تبحث عما يمكن المؤسسات الدستورية من تأدية واجبها في إدارة شؤون البلد ومواجهة المخاطر»، أما النائب نضال طعمة فقال: «إن الموقف الأساسي الذي أعطى دفعا عمليا لتشكيل الحكومة العتيدة، هو الموقف الوطني الشجاع، والتاريخي، للرئيس سعد الحريري، الذي قارب مصلحة الوطن، من زاوية دفع الشركاء في الوطن ليتراجعوا عن اندفاعاتهم غير المحسوبة، فجاء قبوله بالحكومة الجامعة، ثمنا واضحا لتكون الحكومة مثمرة، منتجة، بعيدة من منطق التعطيل، وهو بذلك يكون قد انتصر لمنطق استعادة الدولة لحراك مؤسساتها الشرعية، وأعطى فرصة للضغط على حزب الله أكثر، لتأكيد لبنانيته، وخروجه من أتون الحرب السورية، التي تثقل كاهله، وتكبده خسائر بشرية تحرجه في شارعه رغم كل البروباغاندا الإعلامية التي يمارسها في هذا المجال»، ولفت إلى أنه «من مؤشرات رغبة حلفاء سورية في الهروب من الحلول، وربما تأجيلها إلى ما بعد مؤتمر جنيف 2، هو تفجير الوضع الأمني في طرابلس التي باتت خاصرة أمنية رخوة، يلعبون فيها على هواهم، ويفجرونها متى كان ذلك يخدم مصالحهم السياسية، أو يساعدهم على تمرير الوقت»، على صعيد آخر نوّه النائب أكرم شهيب بعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الذي تميز بالرقي والتنظيم والدقة، مشيرا إلى أن الجلسات التي عقدت أكدت أن العدالة آتية لا محالة وأن التشكيك في عمل المحكمة أصبح من الماضي.