تعد المدرسة الصولتية واحدة من أقدم مدارس التعليم بالمملكة، كما تعتبر أقدم مدرسة بمكة المكرمة، وقد تعاقب على طلب العلم والدراسة فيها أجيال وأجيال، ووصل عدد من خريجيها إلى مناصب مرموقة، كما ساهم الكثيرون من خريجيها في نشرالعلم في العديد من البلدان الإسلامية. وقد ولدت فكرة إنشاء هذه المدرسة على يد الشيخ «رحمت الله»، الذي كان يلتقي بطلابه في المسجد الحرام آنذك، وعندما زاد عدد الطلاب قام بنقلهم إلى بيت من بيوت الشامية، فجاءت السيدة «صولت النساء» إلى الحج، حيث ورثت مالا كثيرا بعد وفاة زوجها وكانت تهم بإنشاء رباط أو إقامة عمل وصدقة جارية، فأشار عليها الشيخ محمد رحمت الله إلى أن تبني مدرسة، فاشترت الأرض وتم بناء المدرسة بحي «الخندريسة» بحارة الباب في العام 1290هـ، وآثر الشيخ أن تسمى المدرسة بالصولتية نسبة إلى صولت النساء. «عكاظ» زارت موقع مدرسة الصولتية بحي الكعكية بعد أربع سنوات من نقلها إلى هذا الموقع لصالح مشروع تطوير وتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، والتقينا بالشيخ ماجد مسعود رحمت الله حفيد الحفيد بالنسبة لمؤسس المدرسة الصولتية. فقال الشيخ ان تاريخ المدرسة يعود إلى تاريخ 12/8/1290 أي قبل 145 عاما فقد تخرج منها الكثير من العلماء والشيوخ ممن كان لهم الفضل في تأسيس مدارس وجامعات في بلدانهم كالشيخ بشير أحمد، والشيخ طاهر الرحيلي، والشيخ محمد زين الدين عبدالمجيد والشيخ عبدالوهاب أحد تلاميذ الشيخ رحمت الله، وابنه الشيخ ضياء عبدالوهاب. كما تخرج من المدرسة العديد من كبار العلماء القدامى كالشيوخ عبدالرحمن دهان، وأخوه أسعد دهان، وعبدالله غازي، وعبدالستار دهلوي، وحسن مشاط، وحسن يماني، وصالح يماني، ويحيى أمان، وسالم شفي، وأحمد ناظرين، ومحمد علي سعيد اليماني، وعبدالله كامل عليهم رحمة الله تعالى وغيرهم كثيرون. وأضاف أن من خريجي المدرسة من المعاصرين الآن الشيخ سعد المليص رئيس نادي الباحة الثقافي الأدبي السابق الذي أسس مدرسة الريحانية على نفس نظام المدرسة الصولتية، والدكتور محمد عبيد بقسم الحديث بجامعة أم القرى، والشيخ المطوف جميل جلال. وأبان أن المدرسة تضم قرابة 1000 طالب، وتزخر بالعديد من المتميزين والموهوبين في مجالات القراءة، والتجويد والترتيل، والحفظ والتلاوة، والآداب، والخطابة، والإنشاء، والرسم، والتشكيل، ويقوم بتدريسهم أكثر من 50 معلما من عدة جنسيات مختلفة يحمل بعضهم مؤهلات في الماجستير، وتخضع المدرسة لأنظمة ولوائح وزارة التربية والتعليم في قبول الطلاب ومناهج الدراسة، وذلك وفق مناهج مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ويتم توزيع الكتب من قبل وزارة التربية. ولفت الشيخ رحمت الله إلى أن البحث جار عن أرض لإقامة مبنى للمدرسة بدلا من المبنى المستأجر الحالي، غير أن غلاء أسعار الأراضي، والبحث عن موقع مناسب يؤخر تحقيق هذه الرغبة، متمنيا أن يكون في كل منطقة مدرسة تعنى بالتعليم الأثري القديم، بطريقة التعليم قديما في المسجد الحرام. كما التقت «عكاظ» أيضا بمدير المدرسة أحمد معيض الزهراني الذي قال: أفتخر بالانتساب لهذه المدرسة التي أصبح لها قرابة قرن ونصف من الزمن في السعي إلى تعليم طلبة العلم من أبناء المسلمين دون النظر إلى مستوياتهم الاجتماعية في سابق الزمان، وما زلنا نسعى في ذلك بناء على أهداف المدرسة قديما، والأهداف السامية في مساعدة الطلاب على طلب العلم، وفق متطلبات وزارة التربية والتعليم. وأشار إلى أن كثيرا من خريجي المدرسة يأتون إليها في الحج وأوقات العمرة، وقد وصل بعضهم إلى مناصب كبيرة في بلدانهم، مضيفا أن ما يميز طلاب المدرسة الانضباط والنظام والأدب، وتهتم المدرسة عموما بجميع فئات الطلاب، وعلى وجه الخصوص الطلاب المتميزين، حيث يتم إعطاؤهم برامج إثرائية لتعزيز تميزهم في مجالات عدة مثل؛ الخط، والتلاوة المجودة، وحفظ القرآن الكريم، ومراجعة ما تم حفظه، ماساهم في حصول الطلاب على درجة عالية من الإتقان، وقد حقق أبناء المدرسة العديد من المراكز المتقدمة في المسابقات التي تجريها إدارة التربية والتعليم بمكة المكرمة، حيث كان آخرها مسابقة الخطاط الصغير، وذلك بحصول أربعة طلاب من المرحلة الابتدائية على مراكز متقدمة في المسابقة.