×
محافظة المنطقة الشرقية

مواجهات بين متظاهرين والشرطة اثر تظاهرة حاشدة في كييف

صورة الخبر

«ويك أند» مصر ليس كأي «ويك أند» آخر، فكما تلخص برامج الـ «توك شو» فعاليات الأسبوع في حلقة الجمعة مع قليل من الترفيه وبعض الغناء وربما الرقص، لخص المصريون أسبوعهم واختزلوا استفتاءهم وحللوا ما جرى لهم على مدار أسبوع في جلسة صفا لطالما اشتاقوا إليها وهفت إليها قلوبهم التي أعيتها سلمية الجماعة وأنهكتها تهديدات الإخوة وتربصت بدقاتها تحالفات الشرعية. «شرعيتهم سقطت وباتوا بلا شرعية»، قالها كبير القعدة وعمود الجلسة ووتدها الضارب في جلسة الجمعة الصباحية التي جمعت أصحاب المعاشات وذوي الخبرات ومتشككي الثورات ومتهيبي التغييرات. القائمون على الجلسة لم يكونوا في حاجة إلى تسمية من سقطت شرعيتهم، بل كانوا في حاجة إلى عمل إسقاطات والمبالغة في الضحكات التي تعوض ما فات من شباب وما عز من نكات خارجة على الآداب العامة لكنها عادت بقوة مع تشبيهات سقوط غطاء الشرعية عن الجماعة وانهيار أكذوبة الغالبية عن «الإخوة» وانقشاع هالة الطهر والنقاء عن «الحرائر». حديث الصباح لم يخرج عن إطار «فضيحة الإخوان اللي بجلاجل» حيث طوابير الاستفتاء ذات الأغاني ونسب التصويت الكبيرة والغالبية الساحقة الماحقة الماحية للتنظيم وكوادره وقواعده. القاعدة المعمول بها يوم الجمعة على مدار الأشهر الستة الماضية منذ احتكرته قواعد الجماعة بمسيرات الشرعية والشريعة المتحولة «آنتي كو برو ديموكراسي» والعائدة «سيسي يا سيسي مرسي رئيسي» والمنقلبة شتماً وسباً لفئات الشعب الانقلابي، كانت لقاء صباحياً سريعاً للتواصل في مقهى صغير منزو بعيداً من مسيرات السلمية وإخفاء كل مظاهر الوطنية خوفاً من تربصات الشرعية حيث حرمانية الأعلام ووساوس السيسي القهرية ومسات جنون «تسلم الأيادي» الراقصة. لكن يوم أمس شهد انقلاباً ملحوظاً وتحولاً محسوباً وتحوراً ملفوظاً وتنفساً سلساً وفره هواء الاستفتاء ومهدت له نتائج التصويت بنعم. «نعم لمصر» التي كتبت بالبنط العريض على رصيف المقهى رمزت إلى جلسة المجموعة السبعينية في المقهى الواقع في خط سير مسيرات الجماعة «السلمية» في يوم الجمعة من كل أسبوع، إذ تجرأت المجموعة وخرجت بمقاعدها إلى شمس الرصيف رغم أنف المسيرات المنتظرة، وأعاد صاحب المقهى الأعلام التي أزالها خوفاً من فتك أصحاب الأعلام الصفراء والأصابع السوداء. السواد الأعظم من المصريين اكتسب خبرة تحدي التهديدات في طابور الاستفتاء وتغلب على الخوف من احتمالات التفجيرات بمداواتها بالتي كانت هي الداء وتدرب على أجواء استنشاق الغاز باعتباره علامة مطمئنة إلى وجود الشرطة وترقب اشتعالات «المولوتوف» وروائح احتراق الكاوتشوك باعتبارهما سمتين «إخوانيتين» معروفتين، فخرج إلى شوارع القاهرة الكبرى أمس من دون اعتبار لمخاطر «مليونيات» الجماعة العشرية وتجمعاتها «السلمية». سلمى ابنة الـ18 عاماً التي عُرفت بخوفها من يوم الجمعة ومرابطتها في البيت أملاً في أن يمر اليوم بسلام وتنقشع تظاهرات «الإخوان» بأمان بعدما حرقت سيارة والدها قبل أشهر وهُدِّدت والدتها قبل أسابيع وكاد الإخوة يفتكون بشقيقها قبل أيام نزلت مع صديقاتها أمس بعدما غمرها شعور عارم بالثقة وإحساس غامر باليقين بعد وقوفها في طابور الاستفتاء للمرة الأولى في حياتها: «أيقنت أننا غالبية لأنني بصراحة لا أصدق لا الإعلام الإخواني المحرض على المصريين ولا الإعلام المصري المحرض على الإخوان. تأكدت بنفسي أن أبناء مصر الحقيقيين وليس المتأسلمين هم أصحاب اليد العليا فتخلصت من عقدة جمعة الإخوان التي أصابتني بهلع خلال الأشهر الماضية». وعلى امتداد السنوات الماضية، لم يكن مصري يتخيل في أكثر أحلامه خيالاً وأعتاها هزلاً أن يقف مواطنون لالتقاط الصور التذكارية مع جنود الأمن المركزي على سبيل تخليد ذكرى جميلة أو تجسيد علاقة وطيدة. لكن اللامعقول بات معقولاً والمستحيل أصبح معمولاً. صورة «بروفايل» أحمد تحولت صباح أمس من «أسد قصر النيل» رمز «ثورة يناير» إلى صورة فوتوغرافية التقطها لنفسه مع جندي أمن مركزي «رمز سبب قيام ثورة يناير» في يوم الاستفتاء وكتب معلقاً: «لم أكن أتخيل يوماً أن أعتبر الأمن المركزي وقواته من رموز الوطنية أو من دواعي الصور الفوتوغرافية. لكن رب درس إخواني خير من ألف محاضرة في الوطنية». أحمد شرح في ما بعد أن «أي خلافات والانتهاكات التي يعترض عليها الشعب في ما يختص بالأمن المركزي أو الشرطة يمكن حلها في ما بينهما عقب التأكد من زوال غمة الإخوان التي تتبلور الآن». في تلك الأثناء كان أحدهم يكتب على «تويتر»: «حين أسمع الإخوان يهتفون: عيشوا بشرف جاتكم القرف، أشعر كأن أم كلثوم تغني: آه يا بت يا خايبة أعصابك سايبة». لكن الأعصاب أمس بدت «حديداً»، وهواء الجمعة بدا «جديداً»، ومسيرات «الإخوان» رغم استمرارها على العهد وحفاظها على حبات العقد المنثور أملاً في الشهادة للمتاجرة وبحثاً عن الشرعية للمقامرة، وبيانات تحالفاتهم رغم تمسكها بوهم وصف الدستور بـ «إملاءات العسكريين مع مزاج النخبة العلمانية وتكريس لديكتاتورية عسكرية دموية جديدة»، إلا أن المصريين استعادوا يوم الجمعة المسلوب واسترجعوا الثقة في مصرهم وهويتهم و «ويك أندهم».