لماذا تحتاج السعودية إلى إنشاء صندوق ثروة سيادي؟ ألا يكفي إدارة الاحتياطيات الرسمية الموجودة في مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" بالطريقة نفسها، كما يفعل أي بنك مركزي آخر؟ أعتقد أن هذه مسألة مسميات بالدرجة الأولى. كثير من البلدان تدير احتياطيات ضخمة ضمن بنوكها المركزية، وبعض البنوك المركزية لديها استراتيجيات استثمارية للاحتياطيات تشبه الاستراتيجيات التي تتبعها صناديق الثروة السيادية. كيف يمكن لصندوق الثروة السيادي أن يقلص من "لعنة الموارد"؟ يكون ذلك بالدرجة الأولى باستثمار الأموال خارج الاقتصاد المحلي، من أجل تخفيف الضغط الصاعد على سعر الصرف، وحتى يمكن تجنب الاندفاع المتسارع للاقتصاد المحلي. عند تصميم صندوق الثروة السيادي، كيف يمكن أن يكون متكاملاً مع الإطار الاقتصادي الكلي للبلد؟ هناك عدة جوانب لذلك. من خلال استثمار الأصول في الخارج، فإنه يتم بذلك مساندة السياسة النقدية. ومن المهم كذلك أن نتجنب أن يصبح الصندوق ميزانية ثانية موازية للميزانية العادية، فهذا سيجعل التنفيذ الجيد للسياسة المالية العامة أصعب من ذي قبل. ما أهمية هذا الهيكل الحكومي في حماية ثروة الأمة للجيل الحالي، وليس فقط من أجل أجيال المستقبل؟ هذا أمر مهم جدا. ينبغي أن يكون هناك فصل واضح في الأدوار والمسؤوليات بين الجهة المالكة والمديرة وبين أنظمة الإشراف الجيدة. ما مدى أهمية إطار الشفافية والمساءلة في تصميم صندوق الثروة السيادي؟ هذا جزء أساسي من موضوع الحوكمة والإدارة الرشيدة. تعمل الشفافية على تعزيز الحوكمة الجيدة وتقلص مخاطر سوء الإدارة، كما أنها تعمل على بناء الثقة والشرعية للصندوق، على المستوى المحلي والخارجي. بعد إنشاء وترؤس دائرة إدارة الأصول في وزارة المالية بالنرويج لعدة سنوات؛ ما الدروس الرئيسة التي تعطيها لبلد مثل السعودية؟ أعتقد أن أهم درس بهذا الخصوص هو أن الإدارة الناجحة للأصول، تعتمد على الحصول على أشخاص من نوعية جيدة. إن اجتذاب الموظفين من أصحاب المهارات المناسبة هو أهم موضوع، ولا يأتي قبله في الأهمية إلا إنشاء هيكل نشط للحوكمة والإدارة السليمة. هل يمكن القول إنك جعلتَ بلدك النرويج صاحب أقوى صندوق ثروة سيادي في العالم؟ صندوق الثروة السيادي للنرويج لديه رأسمال بحدود 820 مليار دولار، ووفقاً لمحللين مستقلين، يعتبر أكبر صندوق للثروات السيادية في العالم. هل طلبت السعودية مشورتكم للمساعدة في إنشاء صندوق سعودي للثروة السيادية؟ رسمياً لا، لم يُطلب مني ذلك. لكن لدي معرفة بطبيعة منطقة الخليج بشكل عام في المسائل المالية والسياسات المطروحة، بحكم عملي مستشاراً في صندوق النقد الدولي. ما هدف زيارتكم إلى السعودية هذه المرة؟ هل لديكم مهمة خاصة؟ أنا موجود هنا لحضور أحد المؤتمرات، ولدي عدة اجتماعات أرفض الإفصاح عنها، بناءً على الجهة التي قدمت لي الدعوة، لكن عموماً المهمة في إطار عملي وتخصصي. من خبرتكم في إدارة صندوق الثروة السيادية، هل تنصح بأن تذهب السعودية بعيداً في هذا المجال؟ نصيحتي لأي بلد لديه موارد طبيعية، أن يفكر في كيفية الاستفادة إلى أقصى حد ممكن من هذه الموارد لمنفعة الجيل الحالي وأجيال المستقبل. الموضوع المهم في هذا المقام، ليس الاسم الذي يُطلق على الصندوق، إنما حقيقةً أن الصندوق يتم ادخاره لأجيال المستقبل، على نحو يساند كذلك الاستقرار في الاقتصاد الكلي على المدى القصير. وفي هذا السياق، تعتبر الحوكمة السليمة عنصراً في غاية الأهمية. ما المشكلات الرئيسة التي يواجهها أي بلد يرغب في دخول مجال صناديق الثروة السيادية؟ أعتقد أن معظم البلدان تجد أن موضوع الموارد الطبيعية يشكل التحدي الأساسي، إلى جانب موضوع بناء الوعي العام حول القضايا الاقتصادية المتعلقة بالإدارة السليمة لثروة الموارد. هل ترى أن النرويج قادرة على أن تكون صاحبة أكبر صندوق للثروة السيادية في المستقبل، وتتربع على قائمة التصنيف العالمي؟ وما هي الأسباب في رأيك؟ الواقع أنه من غير المهم بالنسبة لي أن يكون صندوقنا هو أكبر الصناديق. الموضوع المهم في هذا المقام هو أن تكون قادراً على إدارة الثروة بصورة جيدة لمصلحة الناس في البلد، وأرجو أن أكون قادراً على القيام بذلك أيضاً في المستقبل. تعتبر السعودية واحدة من أكبر البلدان المنتجة للنفط في العالم. هل تظن أن هذه الميزة ستساعد في الاستثمار بصورة إيجابية في صندوق الثروة السيادي؟ لستُ متأكداً من أن هذا الأمر يشكل فرقاً كبيراً، لكن لديكم قدرة أفضل على الاستفادة من المهنيين الاستثماريين، الذين يتمتعون بدرجة عالية من الاحتراف، أكثر مما لدى البلدان الأخرى التي لديها صناديق ثروة سيادية، وهذا يعتبر أساساً مهماً لاستمرار الإدارة الجيدة، لما لديكم من موجودات. بعد مغادرتك منصب مدير الصناديق السيادية في النرويج، ماذا تفعل الآن؟ لدي شركة استشارات خاصة، وأشارك في كثير من المؤتمرات المختصة بمجال خبرتي وعملي، وكذلك أعمل في نفس التخصص مستشاراً في صندوق النقد الدولي، وقد تم تكليفي بأعمال في قارة إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط. مارتن شانكه عمل شانكه على قضايا تُعنى بالاستثمار طويل الأجل لأكثر من 20 سنة. ـــ في الفترة من 2006م إلى 2011م: أنشأ دائرة إدارة الأصول في وزارة المالية النرويجية، وتولى رئاستها. وهذه الدائرة مسؤولة عن إدارة صندوق التقاعد الحكومي، ولديها رأسمال تجاوز 700 مليار دولار في 2012م. ـــ في الفترة من 2002م إلى 2006م: عمل في منصب المدير العام لمكتب رئيس الوزراء، ورئيس دائرة السياسة المحلية. وتختص هذه الدائرة بالتحضير لاجتماعات الوزارة، وتقدم المشورة لرئيس الوزراء حول موضوعات داخلة في أجندة السياسة المحلية، وإعداد محاضر الجلسات. وقبل أن يلتحق بمكتب رئيس الوزراء، عمل شانكه أكثر من عقد من الزمن على موضوعات سياسة الاقتصاد الكلي، بما في ذلك العمل في منصب نائب المدير العام في وزارة المالية. كما عمل في مكتب أوسلو لشركة الاستشارات "ماكينزي"، المختص بتقديم النصائح للشركات النرويجية والدولية حول قضايا استراتيجيات الشركات. وعمل رئيسا لمجلس إدارة المجلس الاقتصاد العالمي، ومجلس أجندة المستثمرين العامين والمؤسسين؛ في الفترة من 2010م إلى 2011م، وكان ممثل النرويج في وضع "مبادئ سانتياجو" لصناديق الثروات السيادية، وفي المنتدى الدولي لصناديق الثروات السيادية.