يواصل صندوق النقد الدولي تقديم توصياته، تحذيراته إن أردنا الحق، بعد سلسلة الاجتماعات المطولة بل المعمقة التي أجراها مسؤولوه مع عدد كبير من مسؤولينا، الغريب أننا لم نقرأ أي توضيح أو تعقيب من أي مسؤول لدينا على «نصائح» الصندوق، كأنما يديرون أمورهم بطريقة «سكتم بكتم». آخر اكتشافات الصندوق أن قطاعنا الخاص لن يستطيع خلق فرص عمل كافية، وأنه ومع تزايد أعداد السكان فإن معدلات البطالة ستصل إلى مستويات مرتفعة، تبلغ الآن 12 % بين السعوديين عامة و 30 % بين الشباب و 35 % بين النساء «الرياض 19 رمضان الجاري» وهي نسب تستلزم إعلان الطوارئ في أية دولة أخرى. الصورة جلية ولا تحتاج تفسيرا، بظني المتواضع مخطئ من ينتظر تعاونا من القطاع الخاص الباحث دوما عن مصلحته، ولا بأس فذلك دأب القطاع الخاص في كل دول العالم المتبعة لاقتصاد السوق، غير أن ما ينقصنا هنا هو تحديد مصلحة هذا القطاع وكيف تتم، أو بالأصح كيف تتراكم وتتكون. وجود ما يزيد على تسعة ملايين عامل أجنبي داخل هذا القطاع يعتبر بكل المقاييس مفسدة اقتصادية واجتماعية وأمنية، وجود التستر في هذا السوق مفسدة أخرى، سيطرة هذه العمالة على قطاعات اقتصادية بشكل شبه كامل يعتبر مفسدة ثالثة، كمثال فقط يسيطرون على أنشطة التجزئة والبناء وأسواق الذهب والخضار والأثاث المستخدم ومكاتب العقار والخدمات العامة والحج والعمرة والتموينات والمؤسسات المالية والإدارية والشركات المساهمة. أمام هذه المفاسد الكبرى يجب على القطاع الخاص تعويض المجتمع عن أضرارها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. القطاع الخاص بحاجة لمن يقول له نعم نحن اقتصاد حر يتخذ قراراته في السوق، وإن له مطلق الحرية في استقدام العدد الذي يريد وأن يتستر على العدد الذي يريد، لكن عليه دفع تكلفة ذلك الأذى داخليا بتعطيل أيد عاملة وطنية وخارجيا بالإساءة لسمعة الوطن باستجلاب عمالة رخيصة يستطيع أن يسخرها لأكثر من خدمة، هذا إذا لم يسربها في الشوارع لقاء أتاوة شهرية، هذا القطاع لو ترك وشأنه فبالتأكيد لن يستطيع ولن يرغب تقليل اعتماده على دجاجة تبيض له ذهبا كل يوم ويستبدلها بديك يزعجه كل صباح.