×
محافظة المنطقة الشرقية

"الأخضر" ينهي استعداداته لمواجهة الإمارات ويغادر الليلة إلى أبوظبي

صورة الخبر

الشارقة (الاتحاد) قدمت فرقة مسرح عيال زايد للفنون، مساء أمس الأول (الأربعاء 23 مارس 2016) في معهد الشارقة المسرحي عرضها «كن صديقي»، ضمن عروض المسابقة الرسمية للدورة 26 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي كسب من خلاله اسماً إخراجياً جديداً هو المخرج الشاب مرتضى جمعة لينضم إلى مجموعة مبدعة من صنّاع فن المسرح في الإمارات، انطلاقاً من مشاركاته السابقة والمميزة في المهرجانات المخصصة للهواة، وللمواهب الواعدة في المشهد المسرحي المحلي. كتب نص مسرحية «كن صديقي» المؤلف أحمد الماجد، مستوحياً حدثها المركزي وشخصيتها المحورية من مسرحية (خطبة لاذعة ضد رجل جالس) للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وتولى مهمة الدراماتورج الفنان مرعي الحليان، بينما أدت دور الشخصية الرئيسية الفنانة سميرة الوهيبي، مع مشاركة مجموعة من الممثلين الشباب الذين ظهروا على حوافّ العرض كشخصيات مساندة، وهم: فؤاد القحطاني، وحسن الرئيسي، ويعقوب الزرعوني، ومحمد حسين. يبدأ العرض بسينوغرافيا متقشفة، وفضاء يخلو من الأثقال الديكورية الكبيرة، وهي ظاهرة شاهدناها في معظم عروض الدورة الحالية من المهرجان، ونرى على يمين الخشبة امرأة تدير ظهرها للجمهور وتتزين أمام مرآتها، وعلى الجانب الأيسر نرى فرقة موسيقية تبدو خائرة ومنهكة ومكونة من ثلاثة عازفين، تتحرك المرأة نحو المنطقة المعتمة في المشهد العام، بمصاحبة موسيقى حالمة، ونستمع لها وهي تخاطب زوجها الذي تكشفه الإضاءة في مقدمة الخشبة جالساً على كرسيه وصامتاً، ليبقى على صمته وحياديته طوال زمن العرض، بينما تسيطر المرأة وبالكامل على خيوط الحكاية المروية ضمن مونولوج طويل واعترافات ذاتية وإدانات صارخة تجاه زوجها، وتجاه الرجال عموماً، وتبدو صورة الذكر محاصرة هنا داخل قفص اتهام واسع ومشتبك بعقد اجتماعية وقهر أنثوي وأسرار سوداء، وخيانات وسلطة مشبعة بأنانيتها، وبحثها عن لذائذ محرمة خارج العلاقة الزوجية السوية والمتزنة. يتدخل العازفون لإحداث نقلة مشهدية في ثنايا العرض، وفي كل انتقالة نرى الإدانة الأنثوية للمجتمع الذكوري، وهي تأخذ مساراً تصاعدياً، وأكثر جرأة في كشف الخبايا، وتسليط الضوء على عذابات النساء، وإبراز أصواتهن المكبوتة في المجتمعات المغلقة. هذا النقد اللاذع الذي توجهه المرأة للجمهور أولاً قبل توجيهه لزوجها، سيأخذ أشكالاً وصيغاً متعددة، ليتخذ الخطاب الاحتجاجي هنا مدى أوسع يتقاطع مع قصص مأساوية كثيرة عانت منها النسوة في ظروف مختلفة. ومن خلال توجيه الإدانة المباشرة لزوجها بالخيانة، يسعى العرض ضمن مساراته الصريحة والضمنية، والأخرى الجريئة والرمزية، إلى إسقاط الأقنعة الزائفة، وفضح الممارسات المشوهة التي يرتكبها الرجل، وسط منظومة هائلة من الأحكام والأعراف التي صاغها هذا الرجل بالذات، كي يظل حراً ومستقلاً ومهيمناً، لدرجة قد تصل إلى الطغيان، والنفي الممنهج لحق المرأة في التعبير عن ذاتها، وعن صراعها النفسي، وعن معاناتها الصعبة التي دونها ألف جدار، وألف حجاب، وكم هائل من القيم المصطنعة والظالمة والكاتمة على أنفاسها. استطاعت الفنانة القديرة سميرة الوهيبي أن تمسك بتفاصيل الشخصية، وأن تعبر عن صوت المرأة المقموعة همساً وصراخاً وانفعالاً صادقاً وتعبيراً جامحاً، كما استطاع المخرج مرتضى جمعة أن يوظف عناصر السينوغرافيا البسيطة في ترجمة مقولة العرض، وترك مساحة خصبة للأداء الحركي، ولبؤر الإضاءة المكثفة في المساحة التجريدية للحكاية، والإضاءة الواسعة في المساحة الواقعية، مع ملاحظة أن دور العازفين كان مشوشاً أحياناً للتصاعد التدريجي في الحبكة، بينما كانت صورة الزوج الجالس والصامت طوال العرض، تجسيداً موفقاً‏‭ ‬لفكرة‭ ‬الأقلية‭ ‬الهائلة ‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬الرجال‭ ‬المهجوسين ‬بغريزة‭ ‬التسلّط، ‭ ‬واعتبار‭ ‬المرأة‭ ‬بضاعة‭ ‬مؤقتة، ‭ ‬أو‭ ‬سقط‭ ‬متاع، ‭ ‬بدلا‭ ً‬من‭ ‬اعتبارها‭ ‬حبيبة‭ ‬وصديقة‭ ‬ومشاركة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الثقافات‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬وجودها‭ ‬كعنصر‭ ‬حيوي‭ ‬وكطاقة‭ ‬جمالية‭ ‬وإنسانية‭ ‬وعاطفية‭ ‬تستحق‭ ‬التبجيل‭ ‬والالتفات‭ ‬لروحها‭ ‬الجميلة‭ ‬الممتدة‭ ‬نحو‭ ‬أجيال‭ ‬لاحقة، ‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اعتبارها‭ ‬جسدا‭ ً‬محضاً‭ ‬يمكن‭ ‬استبداله‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت.