نشر جيفري غولدبيرغ في مجلة أتلانتيك أخيراً، مقالة تتألف من 20 ألف كلمة، وتحوي أساساً أفكار الرئيس الأميركي باراك أوباما في السياسة الخارجية ومكانة الولايات المتحدة في العالم، وعلى اعتبار أنني كتبت في السابق عما إذا كان هناك ما يمكن تسميته بـ مبدأ أوباما، فإن لدي أفكاراً في هذا الشأن. مفاجأة لافتة الأمور الخمسة المدرجة أدناه هي أكثر ما فاجأني في مقالة غولدبيرغ: أولاً أوباما ليس معجباً بمجتمع السياسة الخارجية في أميركا. المقالة مليئة بمشاعر الازدراء من جانب الرئيس وطاقمه في البيت الأبيض، تجاه آراء وأحكام مجموعة المراكز البحثية والمعاهد المعنية بالسياسة الخارجية في واشنطن. وكما يقول غولدبيرغ: يعتقد أوباما عموماً أن مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، التي ينظر إليها بنظرة ازدراء في السر، تصنع صنماً لـ (المصداقية)، وتحديداً مصداقية من النوع الذي يباع ويشترى مع الفرض والإكراه. ويقول إن الحفاظ على هذه المصداقية تسبب بحرب فيتنام. ثانياً أوباما ليس معجباً كثيراً بقادة الشرق الأوسط، فهو لا يحسن الظن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ولا ينطق بكلمة مديح واحدة في المقالة عن أي من قادة العالم العربي. ومن الواضح أنه مستاء من كل لحظة يكرس فيها وقته، حسب رأيه، للشركاء في المنطقة. ثالثاً - هناك القليل من دونالد ترامب في أوباما. ويخوض ترامب حملته على فكرة أن الولايات المتحدة لا تحصل على المعاملة نفسها من باقي العالم، ويقول إن علاقاته ستكون سلسلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي المقابل، يقول أوباما بشكل مستغرب إن محادثاته المباشرة مع بوتين وتأثيره عليه، كانا يسيران على خير ما يرام. وتحديداً، كان مثيراً رؤية أوباما يشاطره المشاعر نفسها بشأن المنتفعين بالمجان. يقول غولدبرغ: إذا كان أوباما قد شكك يوماً في أن أميركا حقاً الدولة الوحيدة التي لا غنى عنها في العالم، فإنه كف عن فعل ذلك. لكنه يعد الرئيس الاستثنائي الذي يبدو أحياناً مستاءً من خاصية لا غنى عن أميركا، بدلاً من أن تبنيها. وقال لي أوباما إن المنتفعين بالمجان يثيرون سخطه، وقد حذر أخيراً، من أن بريطانيا العظمى لن تكون قادرة بعد الآن على المطالبة (بعلاقة خاصة) مع الولايات المتحدة إذا لم تلتزم بإنفاق ٪2 من ناتجها المحلي الإجمالي، على الأقل، على الدفاع. وبرغم ذلك، يختلف منطق أوباما بشكل جذري في رغبته بمزيد من تقاسم الأعباء عن منطق ترامب. يرى أوباما النزعة التعددية بأنها قيدٌ مفيدٌ، طريقة لوضع ضوابط على نبضات أميركا الأكثر جموحاً، باستخدام كلمات غولدبيرغ، وهذه الكلمات لن تسمعها من جمهوري حالياً. رابعاً - إخفاقات أوباما الأكبر في السياسة الخارجية كانت محلية من حيث طبيعتها. جملة دالة مشكلة أوباما الكبرى أنه فشل في إقناع الأميركيين بأن هناك مبالغة على نطاق واسع بشأن تهديد الإرهاب. خامساً - إذا كانت هناك جملة في المقالة تحيط بوجهة نظر أوباما حول مكانة أميركا في العالم فإنها الجملة التالية: على الرغم من العيوب التي تشوب أميركا، إلا أنها كانت، بوضوح، قوة من أجل الخير في العالم. واعترف أن ما أحبه في تلك الجملة هو عدد الأشخاص الذين سينفجر غيظهم. سينتفض كل المحافظين في أميركا ضد الفقرة الأولى من الجملة التي تتحدث عن وجود عيوب لدى أميركا، وسيقولون: هذه هرطقة! وكانت استعدادات أوباما للاعتراف بأن أميركا يشوبها الكثير من العيوب، في الأساس، بين انتقادات المحافظين لهذا الرئيس بأنه لا يحب الولايات المتحدة، ويميلون إلى الغضب الشديد إلى درجة أنهم لا يلاحظون الفقرة الثانية في الجملة. لكن عدداً كبيراً من الليبراليين يلاحظون الفقرة الثانية، ومع ذلك، فإنها تثير غيظهم. مؤيدو بيرني ساندرز ومنتقدو هيلاري كلينتون من الجناح اليساري (وقلة على اليمين) يشككون بشدة بالجزء الثاني من مزاعم أوباما، مشيرين إلى العراق وليبيا وعدد كبير من إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية، وهذه تعد عيوباً جسيمة. لكن كما لاحظ أوباما في مقالة غولدبيرغ، فإن عدداً كبيراً من الدول المطلة على المحيط الهادي وأميركا اللاتينية وأماكن أخرى تتطلع إلى الولايات المتحدة، خلال ولايته. تهديد كان الصحافي الأميركي جيفري غولدبيرغ من مجلة أتلانتيك خارج البلاد مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، عندما أخفق أوباما تماماً في رد فعله الأولي على هجمات باريس وسان برناردينو. وكل ما يتعلق برد فعله على تلك الهجمات في مقالة غولدبيرغ يؤكد ما كتبته في صحيفة واشنطن بوست في ديسمبر الماضي: .. استراتيجية أوباما العظمى تشدد بدرجة أقل على الإرهاب والشرق الأوسط بوصفها تهديدات، بالمقارنة مع صعود الصين والتغير المناخي. وبكل وضوح، فإن معظم الجمهوريين لا يتفقون مع هذه المجموعة من الأولويات، وكما يقولون، يمكن لأشخاص منطقيين أن يختلفوا في الرأي بشأن هذه المجموعة من الأولويات.