لم نعد بمعزل عن العالم الافتراضي بكل فصوله وبرامجه ومقتنياته وأجهزته التي يتسابق المفكرون وصناع التقنيات في سباق محموم يسابق عقارب الزمن لإمدادنا بما يفوق أحلامنا وتطلعاتنا،منها وأصبحت هذا الصناعة تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام والاستراتيجيات المستقبلية للنمو، فبحسب الدراسات التنبؤية للاستثمارات التي ستضخ لبرامج التحول الرقمي سيتم رصد ما يتجاوز (30) تريليون دولار على المدى البعيد ستوجه للتطوير في القطاعات المصرفية والتأمين والسياحة وتجارة التجزئة والتعليم والصحة. استخدام هذه البرامج لم تٌحصر في مجالات التسلية والمرح فقط عند الأطفال مثلاً أو التواصل الاجتماعي عند الشباب وكبار السن لتعويض النقص الاجتماعي الذي يعانون منه، ولكنه أصبح واقعاً لمن يريد الفائدة وتسهيل أمور حياته وتطوير قدراته وتنوع معارفه، فمثلاً برامج التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، واتساب، انستجرام وسناب.. وغيرها) أضحت السمة الشخصية الملازمة التي تستأثر بجزء كبير من وقت واهتمام أفراد المجتمع لتعزيز العلاقات الاجتماعية وتبادل الأخبار والخبرات والنشر المعرفي والتجارة الإلكترونية. عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية نما وتجاوز (22.5) مليون مستخدم بنهاية عام 2016 م، فيما زاد الصرف على البرامج الرقمية للشركات المزودة في المنطقة (62%) العام الماضي، جزء كبير منها ذهب لقطاعات التعليم والصحة والطاقة والأعمال والنقل والبنية التحتية، وتوجد فرص توسعية تتطلب استثمار (54) بليون دولار لتغطية مشاريع التقنية والاتصالات سيقود لتوفير فرص وظيفية متاحة لـ (340.000) عامل في قطاع الاتصالات والتقنية خلال العشر سنوات المقبلة، وللمعلومية فالسعودية تُعد ضمن أكبر (48) دولة لمقدمي ومستخدمي الخدمات الرقميّة المتطورة، حيث تضاعفت حركة نقل البيانات لآخر خمس سنوات عشر مرات، والاستخدام الشهري لحاملي الأجهزة الذكية تجاوز ثلاثة أضعاف دولة ألمانيا وضعفي دولة بريطانيا. هذه النقلة النوعية في وسائل الاتصال والتواصل مكنت المستفيدين من تسهيل أمورهم في شتى المجالات وفتحت الأبواب لمتابعة كل ما يستجد في العالم وإجراء كافة المعاملات الحكومية والتجارية والعملية بيسر وسهولة، وما سيأتي في المستقبل لا يمكن حصره أو وضع إطار لحدوده، فمختبرات الأبحاث والتطوير ترسل لنا مؤشرات لتقنيات مستقبلية وحزماً متطورة تقدم حلولاً وابتكارات أعلى من سقف طموحاتنا ومما نتوقعه لكافة شرائح المجتمع أفراداً أو هيئات، ومع هذه الفوائد الجمة لعله من المفيد أن ننوه لما يجب علينا أن نقوم به بالحرص على النشء من الإدمان بالاستخدام المتواصل لتلك البرامج وترك واجباتهم اليومية والانجرار خلف المواقع المشبوهة عقائدياً وإباحياً أو خلف مروجي الأفكار الهدّامة فهناك ثغرات يسهل على المخربين الوصول للمجتمع وتحقيق أهدافهم ومخططاتهم لو غاب الرقيب الشرعي أو الرقيب الذاتي وأيضاً الحرص على الحد من الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية أو برامج النظارات المتنوعة والمتطورة والروبوتات التي تجعله يخرج عن واقعه المألوف وينغمس في عالم افتراضي ينسيه إنسانيته وحقيقته واحتياجاته الواقعية.