ارتفع عدد الدعاوى القضائية المقامة من بنوك محلية وأجنبية ضد شركات وأفراد تعثروا في سداد التزاماتهم المالية للبنوك، بنسبة 50% خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب هيثم عالية، المستشار القانوني ورئيس قسم التقاضي في شركة بيكر أند ماكينزي. حبيب الملا، عازياً ذلك إلى الانكماش الاقتصادي الحادث على خلفية التباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي والإقليمي. وأكد هيثم عالية، خلال حلقة نقاشية عقدت أمس حول كيفية تعامل البنوك والمؤسسات المالية في دولة الإمارات مع الانكماش الاقتصادي، أن غالبية تلك الدعاوى أقيمت ضد شركات صغيرة ومتوسطة، حيث كانت الأكثر تأثراً سلباً بالأوضاع الاقتصادية السائدة ما أدى إلى زيادة حالات التعثر، وتالياً عقد المصرف المركزي اجتماعاً مع اتحاد مصارف الإمارات من أجل البحث عن آليات لمساعدة تلك الشركات في إعادة هيكلة ديونها. وطالب عالية البنوك بمنح الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة فترة سماح، والعمل على تخفيض الفوائد والرسوم، مع إعادة جدولة الديون من أجل مساعدة تلك النوعية من الشركات التي تعد العصب الرئيسي لاقتصاد أي دولة، إلى جانب قيام البنوك بدراسة الوضع المالي للشركة جيداً قبل منحها أي نوع من القروض أو التسهيلات، مع دراسة المشروع والقطاع الذي تعمل فيه الشركة وتقييم المخاطر مسبقاً. ونوه إلى أن مراقبة الشركة خلال كل مرحلة والتعامل مع أي بوادر لمشكلات مالية يجنب البنوك تعثر العميل، مع ضرورة العمل على مساعدة العميل المتعثر، وإجراء عملية إعادة هيكلة للدين قبل اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، خصوصاً وأن اللجوء للقضاء يستغرق فترة طويلة ويكون مكلفاً. ومن جهته، طالب مازن البستاني، الشريك في قطاع البنوك والتمويل في مكتب بيكر أند ماكينزي. حبيب الملا بتعديل القوانين الإماراتية من أجل السماح للمقيمين الأجانب في الدولة باللجوء إلى المحاكم الأجنبية على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة قانونياً مثل فرنسا، مسوغاً ذلك بأن الإمارات أصبحت وجهه عالمية لاستقطاب الشركات والأعمال من الخارج، فضلاً عن وجود عدد كبير من عملاء البنوك المحلية من الجنسيات المختلفة، ما يتطلب منحهم الحق في اعتماد المحاكم الأجنبية كجهة اختصاص في الدعاوى القضائية. وقال: إنه على الرغم من تطور المحاكم في مركز دبي المالي العالمي والسماح للقضاة بإصدار الأحكام بشكل فوري في حال عجز أي طرف من أطراف القضية في تقديم ما يدعم موقفة في الحكم، فإنه في حال إصرار الطرف الخاسر في التحكيم على عدم تنفيذ الحكم فإن الأمر يستغرق فترة طويلة للحكم في الاستئناف والتمييز، مشدداً على ضرورة إيجاد محاكم متخصصة وقضاة متخصصين في الفصل في القضايا المتعلقة بالمنازعات التجارية والاقتصادية بما يتوافق مع التطور الحادث في الإمارات كدولة منفتحة على التجارة العالمية، وبما يقلل الاعتماد على إصدار الأحكام، بناء على تقرير خبراء غير متخصصين في القطاع المالي والمصرفي. وطالب البستاني بمنح موظفي البنوك الصلاحيات والقدرة على اتخاذ القرار عند التعامل مع حالات التعثر المالي، منوهاً إلى أنه في كثير من الأحيان تقوم إدارات التحصيل في البنوك بالتواصل مع العميل المتعثر، ومطالبته بسداد الدين وتهديده من دون أن يكون لديهم القدرة على اتخاذ قرار لمساعدة العميل المتعثر الجاد، وحتى الذي توقف عن السداد لفترة قصيرة. نسبة الدين وبدوره كشف بهافين شاه، مدير قطاع الخدمات المالية في شركة ديلويت، عن انخفاض نسبة الدين المحصل في الإمارات في حالة إعلان الإفلاس مقارنة بعدد كبير من الدول، موضحاً ذلك بأنه في الإمارات يتم تحصيل 29 سنتاً فقط من كل دولار تتم المطالبة به من الدين، وذلك مقابل 72 سنتاً في الخارج.