محمد أحمد بابا الذاكرة والعقل البشري، عضو كسائر الجسد، الذي إن أصابته الحمى، تداعت كل أعضائه متضامنةً، وربما سقيمة ذات نقص في الأداء والمهمة، بل قد يصيبها عجزٌ مؤقت، أو دائم، حزناً على ألا تجد ما تُنفق. يتعاطى بعضهم منشطاتٍ للعضلات، والقدرة البدنية، ويخوضون غمار مسابقات يفوزون بها، وعند سبْرٍ مفاجئ لأغوار الدم بالتحاليل، يُدانون، فيُعاقبون، وربما تسحب منهم جوائز وألقاب، ويضيع مشوارهم هباءً. من جهة قانونية: قاعدة البناء على المخالفة، تجعل الإيجابي بعدها مخالفةً، تطول كل ما قبلها وما بعدها، ومن ناحية طبية وصحية، نعوِّل على المختصين بتأكيدهم ضرراً جسمانيَّاً، ومن زاوية تكافؤ الفرص، فإن مدخل الـمُعينِ فيما يلزمه الانفراد بالعمل، يُفضي بذلك لاحتمالية التزوير والكذب ومخالفة الحقيقة. كيف إذن لو حاولنا مجاراة هذا النموذج في مكافحة المنشطات، ونحن نتابع، أو نقرأ للمبدعين من الكُتَّاب، أو الشعراء، أو المؤلفين وصنَّاع الكلمة؟ حينها وجب أن نربط بين أجوبة مختلفة للأطباء، وباحثي العلوم في مجال الكيمياء، هل للذاكرة منشطات؟ وذلك حتماً سيدخلنا في جدل منطقي، يفتح باباً حول تعريف وماهية العقل، وحقيقة القلب، وحدود الذاكرة، وكذلك الانصياع إلى محاولة التفريق بين التفكُّر والتدبُّر، بين الإبداع والابتكار، وبين البحث والدراسة، ولو جمعنا مضمون ذلك لإسقاطه على فرضية وجود «قرص»، أو«حقنة»، أو«عشبة» تزيد فاعلية التركيز، وتفتح أفقاً لاستخدام الآلة في الإنتاج، لن نسلم من حنقٍ وضغينةٍ من عيِّنة ما يجده بعضهم على السعودي محمد نور، والروسية ماريا شارابوفا. ماذا لو اكتشف عالمنا أنه في حاجة إلى إخضاع مفكِّريه ومبدعيه وكُتَّابه وشعرائه لاختباراتٍ معيَّنة، تظهر مدى تعاطيهم منشطات عقلية، أو «ذاكريَّة»، إن صحَّت النظرية؟ وكيف سيكون تأطير قانونٍ حينذاك للنظر في مسابقات، أو مجالات تكريم، أو جوائز كان لهم فيها قصب سبق؟ وماذا لو ظهرت نتائج تحليل إيجابية صادمة في دماء باحثي مراحل الماجستير، والدكتوراة، وأعضاء مراكز الإبداع وبراءات الاختراع؟! حتماً، حينذاك سيتطفَّل عقار «الفياجرا» على ساحة تنظير كهذه، فلو أجاد مستخدمه الأداء الجنسي، فناتج ذلك من رضا معنوي، أو محبة شريك، أو مشروع حمل، هل سيضيع في الهواء حين اكتشاف التنشيط الهرموني، أو الدموي؟ وهل لصاحب الحق رفع دعوى لسحب ثقةٍ، أو رصيدٍ، أو إثبات حالة؟ وأيام الاختبارات في التعليمين العام، والجامعي، زاخرة بحكايا من ألف قصة وقصة لاتجاه كهذا مزدحم بأوهام، يبيعها مجرمون للجيل. أجسادنا عالمٌ من بيئة سائغة للتفكير والتبصُّر «وفي أنفسكم أفلا تبصرون». وهي تستدعي المساعدة الخارجية «سماحاً، أو منعاً» للحصول على مُراداتٍ أعلى وأكبر، فهل القانون نظَّم ذلك بإنصافٍ، يستغرق كل الأحوال، وجميع الأفراد، وكافة الاحتمالات؟ أخشى من أنَّ التنشيط في ظلِّ زوبعة «وادا» يتعطَّل طبيعيَّاً، لا بتدخل العقاقير، تجنباً للفضيحة، التي أزعجت حتى وزير الخارجية الروسي رغم انشغاله بدوامة سوريا، والشرق الأوسط، فسخِر من إيقاف اللاعبين الروس. ربما، لو اكتُشف فسادٌ في جائزة نوبل، سيقود ذلك بعد حين إلى آلية للفحص الإكلينيكي والمخبري لكافة المرشحين للجائزة، وربما الحاصلين عليها، ولو بالحمض النووي لـمَنْ مات منهم. أؤكد لكم أنني كتبت هذا الهذيان وأنا سليمٌ من أي منشطات عقلية.. فلا تكترثوا!