بالأمس استيقظت على رسائل تهنئة بالاحتفال بيوم الأم.. وأي يوم لك يا أماه! وانا أشمّ رائحتك التي تجري في جسمي كجيش من عبق الورود.. توقظ فيّ الأيام التي قضيتها بقربك، لا أزال أسمع حرفك، صوتك، بل حتى آهاتك.. تحلّق في السماء لتلاحق تلك الأوقات بدعواتك التي تسكن الوقت.. وتظلل الطرقات.. كل شيء فيّ يتيم بعدك يا أماه. أذكر أين كنت، وأين كنت أجلس حين رنّ جرس الجوال في ذلك اليوم، كان قادمًا لزيارة مدينة مكة التي تسكن فيها والدته، قال معلقًا: بقى لي أمنية واحدة من الله «أن لا أموت قبل أمي» ، تذكرت أنني بقيت حاملة الجوال في يدي برهة وأنا مشدوهة بقسوة تلك العبارة.. احتلّني الحزن كطوفان.. أحاول أن أمسك بهذه اللحظة التي ارتبطت بتلك العبارة، حاصرتني أمنيته في الحياة، يحمل في أعماقه أحاسيس يأكلها الحنين.. تتقدم الذاكرة بسرعة معي وأنا أسمع ذلك الخوف الذي بداخله على حزن والدته من الفقدان. أحيانًا يمكننا رؤية السعادة بالعين المجردة ولكن يستحيل وصفها.. أما الحزن فيستحيل فهمه من دون لمسه، ولكن وصفه أسهل لسبب ما.. كنت أتساءل: يا هل ترى هل والدته الحبيبة تعرف تلك الأمنية؟ كنت أفكر في قرع جرس بابها.. ماذا أقول لها؟ أأقول لها امرأة تائهة تقتفي أثر أيام أمّها!! نجحت تلك العبارة في استعادة ذكرى فقدان والدتي! لمحة خاطفة حملتني إلى الخلف، حملتني إلى مدينتي (مكة المكرمة) المدينة التي ولدت فيها، المدينة التي دفنت فيها والدتي. أعرف هذا الحنين يعاودني كلما تحدث ذلك الصديق عن حبه ورعايته لوالدته.. هلت الذكريات الجميلة مع هذا الحب كإشراقة الشمس الأولى تساعدني على أن أتخطى جراحي وهمومي، فبين العقل والقلب جسر كوني دائمًا ينعشه الفرح. كل عام وكل يوم وأنت حبيبتي يا أمي. A.natto@myi2i.com