واشنطن: «الشرق الأوسط»* قال مسؤولون أميركيون يعملون في مجالي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بأن مجموعات من المتطرفين الإسلاميين في سوريا على صلة بتنظيم القاعدة، يقومون بتدريب وتجنيد أميركيين وغربيين يشاركون في القتال هناك بهدف تنفيذ هجمات لدى عودتهم إلى بلادهم. ويشير المسؤولون إلى تلك الجهود، التي ما زالت في المراحل الأولى، والتي تمثل أحدث التحديات التي أفرزها الصراع الدائر في سوريا ليس فقط بالنسبة لأوروبا، بل أيضا بالنسبة للولايات المتحدة. يأتي ذلك في الوقت الذي تحولت الحرب الأهلية إلى نقطة جذب للغربيين الذين يسعون للمشاركة في القتال إلى جانب المتمردين ضد حكومة بشار الأسد. ويضيف المسؤولون أن 70 أميركيا على الأقل دخلوا سوريا أو حاولوا الدخول إليها منذ بداية الحرب الأهلية في البلاد قبل ثلاث سنوات. وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) جيمس ب. كومي أول من أمس بأن الأميركيين الذين عادوا من سوريا أصبحوا ضمن أولويات المكتب فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب في البلاد. وخلال لقائه بالصحافيين، أضاف كومي، من دون الإشارة إلى أرقام محددة: «إننا نركز جهودنا على محاولة معرفة ما هي الخطوات التي ينبغي اتخاذها تجاه المواطنين الأميركيين العائدين من سوريا، ومن هم الذين ينبغي أن نتحدث إليهم، ومن هم الذين سنفرض عليهم رقابة، ومن هم الذين ينبغي أن نوجه لهم الاتهام»، مشيرا إلى أنه «من الصعب بالنسبة لي أن أوفر توضيحات أكثر من ذلك. غير أننا نبذل جهودا مكثفة بهذا الشأن». وأشار المسؤولون إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يراقب مجموعة صغيرة من الأميركيين العائدين من سوريا على مدار الساعة خشية أن يشكلوا تهديدا بسبب التدريب المكثف الذي خضعوا له لغرس الأفكار الجهادية في عقولهم. وقال مسؤول كبير في مجال مكافحة الإرهاب «نعرف أن (القاعدة) تستخدم سوريا من أجل تحديد الأفراد التي يمكنها تجنيدهم وغرس الأفكار الجهادية في عقولهم حتى يصبحوا أكثر تطرفا، وبالتالي تحولهم إلى جنود ينفذون مخططاتها المستقبلية، ربما في الولايات المتحدة». وكان ذلك المسؤول وستة آخرون قد رفضوا الكشف عن هويتهم بدعوى أنهم يتحدثون عن قضايا أمن قومي حساسة. وتتشارك أوروبا، التي يذهب العدد الأكبر من المقاتلين منها إلى سوريا، هذا القلق مع الولايات المتحدة. وثمة تعاون بين السلطات الأميركية والأوروبية لتنسيق إجراءات وقف تدفق الأفراد إلى سوريا، فضلا عن مراقبة العائدين. ويقول محللون بأن ما لا يقل عن 1.200 شخص من المسلمين الأوروبيين قد انضموا للقتال منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. وفي مذكرة سرية صدرت في نوفمبر (تشرين الثاني)، حذر جيل دو كيرشوف، منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، من أن «أول أفواج أولئك المقاتلين الأوروبيين عادوا إلى الديار، كما أن بعض هؤلاء الأفراد مستمرون في السفر ذهابا وإيابا بين سوريا وبلادهم». ويشير المسؤولون إلى أن غالبية الأميركيين الذين سافروا إلى سوريا ما زالوا هناك ولم يعودوا إلى ديارهم، رغم أن بعضهم لقوا حتفهم في القتال الدائر هناك. وكان نيكول لين مانسفيلد (33 عاما) من فلينت، ولاية ميتشيغان، الذي اعتنق الإسلام مؤخرا، قد لقي حتفه في مايو (أيار) مع المتمردين السوريين في محافظة إدلب. وكان أمريكي آخر، هو اريك جي. هارون (فينيكس، ولاية أريزونا)، وهو جندي سابق في الجيش، قد أُدين في ولاية فرجينيا من قبل هيئة محلفين اتحادية العام الماضي بتهم تتعلق بمزاعم قالت: إنه قاتل إلى جانب جبهة النصرة، إحدى الجماعات المعارضة السورية المرتبطة بتنظيم القاعدة. وفي سبتمبر (أيلول)، أقر بأنه مذنب في تهمة التآمر على نقل معدات وخدمات دفاعية، فجرى إخلاء سبيله. وكانت مسألة تورط هارون قد خرجت من حيز السرية عندما تفاخر في شهر فبراير (شباط) بالدور الذي أداه في سوريا، حيث قام بنشر صورة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) قائلا: «أسقطت مروحية سورية ثم قمت بسلب كل ما فيها من أجهزة تكنولوجية وأسلحة!». * خدمة «نيويورك تايمز»