أسدل معرض الرياض الدولي للكتاب أبوابه، وسط تطور ملاحظ عن الأعوام الماضية، مسجلاً حضورا لمحبي الثقافة بلغ عددهم نحو 350 ألف زائر خلال الأيام العشرة الماضية، وبحجم مبيعات بلغ نحو 60 مليون ريال، فيما كان ارتفاع أسعار الكتب والمؤلفات في بعض دور النشر المشاركة، السلبية الأبرز في معرض هذا العام. ومما يحسب للجهة المنظمة التوسع الذي شمل عدد دور النشر المشاركة، كما شمل تنوعا كبيرا على مستوى الضيوف والمهتمين بمختلف الأنماط الثقافية والفنية والإبداعية، الأمر الذي جعل من المعرض فرصة لعقد لقاءات شتى تتناول مجالات الثقافة من أدب وحوار وإعلام جديد ونقد وتصوير وغير ذلك. ولعل ما يسجل للمنظمين هذا العام خلو المعرض مما يعكر الأجواء الثقافية، وتنامي خبرة العاملين في المعرض، ما أسهم في تلافي الأخطاء السابقة في الأعوام الماضية. فالملاحظ طيلة أيام المعرض التوافق الذي جمع بين الجهات العاملة في المعرض، حيث روح التآلف بين رجال الأمن وجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع إدارة المعرض، ما أسهم في النجاح. وأجادت لجنة ثقافة الطفل في المعرض بالتعاون مع عدد من الجامعات والجهات المختصة صنعاً في توحيد الجهود لتقديم ورش وأنشطة يشترك في تقديمها الكبار والصغار، ليمارس الطفل من خلال الجناح حقه في التعبير عن الرأي بالمتعة واللعب، ويفعل دوره في التعلم والإبداع والخيال، حيث ضم ثمانية أركان شملت ثقافة الطفل وأدب الأطفال ومواهب الأطفال وعديدا من المحاضرات المختصة بالطفل والأسرة. ويأتي تخصيص 40 فعالية ثقافية تنوعت بين الندوات والورش العلمية والعروض المسرحية والسينمائية، خصص منها تسع فعاليات للشباب، سجلت المرأة فيها حضوراً كخبيرة في كل المجالات. وضرب متطوعو المعرض أروع الأمثلة على ما يقدمه الشباب والشابات السعوديون بحضورهم في عملية التنظيم وإرشاد الزوار الذين تجاوز عددهم 350 متطوعاً ومتطوعة، توزعوا لأداء عديد من المهمات، حيث سجلت ساحة الحافلات في مركز المعارض ومواقف السيارات الإضافية تناوب 60 متطوعاً في تسيير الحشود وتنظيم عملية وصولوهم ومغادرتهم المعرض، وتواجد بقية المتطوعين في الخدمات الداخلية كتنظيم الصفوف أمام البوابات، وتوزيع بطاقات الدخول، واستقبال استفسارات الزوار حول المعرض والأجنحة. وعلى الرغم من هذه الإيجابيات إلا أن ذلك لا يمنع من وجود ملاحظات عكرت صفو زوار المعرض تأتي في مقدمة ذلك ما واجهه الزوار من مشكلة مغالاة بعض دور النشر في الأسعار، خاصة الأجنبية فالأسعار مبالغ فيها، عما يباع في بلادهم. ويبدو أن شكاوى الزوار حول أسعار الكتب والمؤلفات في بعض دور النشر المشاركة، هي السلبية الأبرز، حيث اشتكى الزوار من ارتفاع أسعارها، مشيرين إلى أن بعضها يفوق سعره خارج المعرض، مطالبين بتخفيض الأسعار وفق المتعارف عليه في جل معارض الكتب التي تكون أسعارها في متناول الجميع وبمستوى يقل كثيراً عن منافذ البيع الثابتة. ومن الملاحظات التي رصدناها نقلاً عن زوار المعرض المبالغة في أسعار خدمات شحن الكتب والتغليف، إضافة إلى المبالغة في زيادة أسعار المشروبات والمأكولات. ولم يشهد معرض هذا العام تطبيق "الباركود" في عمليات البيع على الرغم من تأكيدات مسؤولين سابقين في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية تطبيقه هذا العام، في حين أكدت اللجنة المنظمة للمعرض عدم معرفة الحجم الفعلي للمبيعات نظير صعوبة الاعتماد على فواتير الشراء، مشيرين إلى عدم التزام دور النشر بتسجيل الفواتير إلكترونيا. ولعل من الأشياء التي لاقت استحسان المؤلفين السعوديين هو تخصيص إدارة معرض الرياض الدولي للكتاب جناحاً خاصا بهم، وذلك للأفراد الراغبين بعرض وتسويق إنتاجهم، الذين لا توجد لديهم دور نشر تتبنى مؤلفاتهم، حيث تتولى إدارة المعرض عرضها وتسويقها من خلال عملية البيع وتحصيل المبالغ بعد أن يحدد كل عارض السعر المناسب للبيع.