أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن استشراف المستقبل عملية ضرورية لبناء اقتصاد متين، وجعل الإمارات مركزاً عالمياً للمعرفة، وهو ما تسعى إليه الوزارة، ومجلس التخطيط والتميز المشترك بين أربع جهات يشرف عليها وزير الاقتصاد، وهي وزارة الاقتصاد والهيئة العامة للطيران المدني وهيئة التأمين وهيئة الأوراق المالية والسلع. جاء ذلك خلال ورشة عمل حول استشراف المستقبل، التي نظمها مجلس التخطيط والتميز المشترك لوزارة الاقتصاد والهيئة العامة للطيران المدني وهيئة التأمين وهيئة الأوراق المالية والسلع، بهدف رسم آفاق العمل في هذه الجهات وإعداد الاستراتيجيات والمبادرات الاستباقية لمرحلة اقتصاد ما بعد النفط، وتجذير ثقافة استشراف المستقبل لدى قيادات وزارة الاقتصاد والهيئات الحكومية لها. حضر الورشة معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد رئيس المجلس و أعضاء المجلس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية وعبد الله أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، وسيف محمد السويدي مدير عام هيئة الطيران المدني وإبراهيم عبيد الزعابي مدير عام هيئة التأمين وعبيد سيف الزعابي الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع بالإنابة، وعدد من المسؤولين ومديري الإدارات في الجهات التابعة. وأكد وزير الاقتصاد رئيس المجلس في افتتاح الورشة التي عقدت في دبي أهمية التفكير بمنظور استراتيجي لرسم آفاق العمل في الجهات والهيئات المنضوية تحت المجلس وإعداد الاستراتيجيات والمبادرات الاستباقية لمرحلة الاقتصاد ما بعد النفط. وقال: إن دولة الإمارات تحرص على استشراف المستقبل بهدف ترجمة رؤية القيادة الحكيمة وطموحاتها في ضمان استمرارية تحقيق الازدهار والتقدم للدولة والرفاهية للأجيال القادمة وفي جعل الإمارات مركزاً دولياً للمعرفة والتحول الإيجابي في العالم. معايير وأضاف، إن دولة الإمارات حققت خطوات متقدمة في استشراف المستقبل، الذي يشكل اليوم معياراً رئيساً من معايير منظومة التميز الحكومي لجائزة الشيخ محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز، التي تركز على أهمية بناء ثقافة استشراف المستقبل وتطبيق ذلك في أعمال الجهات الحكومية ومساعدتها في تحليل تأثير التطورات وتحديد البدائل واختيار أفضلها لتطوير الاستراتيجيات والمبادرات الاستباقية التي تتواكب مع التوجهات المستقبلية، إضافة إلى الدراسات والأبحاث المتعلقة بالتخطيط المستقبلي وتدريب العاملين وتأهيلهم على مبادئ الاستشراف بشكل يرتقي بمنظومة عمل الحكومة ويعزز مكانة الإمارات على المستوى العالمي. وأكد أن استشراف المستقبل يمكن المؤسسات من وضع السيناريوهات والبدائل المستقبلية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة وتوفير متطلبات الاستجابة لاقتصاد ما بعد النفط، إضافة إلى مواكبة الاتجاهات والتطورات المستقبلية من النواحي الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والاجتماعية وغيرها وتحقيق مفاهيم الاستدامة في المجالات كافة. تنسيق ويعمل المجلس على التنسيق بين الوزارة والجهات الحكومية المعينة في مجال المفاوضات التجارية الدولية، والتعاون وتنسيق الجهود لتنظيم فعاليات وورش عمل ومؤتمرات، وبحث موضوعات متعددة الأبعاد لا يمكن تناولها من منظور كل من الوزارات والجهات الحكومية المعنية، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال إعداد التشريعات واللوائح، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال المشاركات في الجوائز الوطنية والدولية التي تعنى بالأداء الحكومي المتميز، وكذلك تبادل النتائج الخاصة بقياس نسب تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتشغيلية وقياس رضا الموارد البشرية والمتعاملين والشركاء الاستراتيجيين، وتبادل الخبرات والتدريب المشتركة والنشرات التي يتم إصدارها لجميع الأطراف. وسعت الورشة التي توزعت على جلسات عدة لنشر الوعي وتجذير ثقافة استشراف المستقبل لدى قيادات وزارة الاقتصاد والهيئات التي يتولى معالي وزير الاقتصاد رئاستها بما يمكنها من تجذير ومأسسة هذه الثقافة، ضمن العمل المؤسسي فيها في ظل توجيهات القيادة الحكيمة في الدولة بأهمية مواصلة استشراف المستقبل والتخطيط له والمضي في إطلاق المبادرات الوطنية الفاعلة لرفد مسيرة التنمية الشاملة وبناء دولة متقدمة علمياً واقتصاد وطني متين يعتمد على الصناعات المتقدمة والبحث العلمي والابتكارات التي تسهم في تغير حياة الأجيال القادمة إلى الأفضل. وتطرقت الورشة إلى مواضيع عدة أهمها التعريف بمفهوم استشراف المستقبل وأهدافه وأهميته وأبعاده ومناهج وأساليب الاستشراف والنتائج المتأتية منه والتحولات الكبرى في الخدمات الحكومية إضافة إلى الجيل الرابع من منظومة التميز واستشراف المستقبل، إضافة إلى جلسات عدة تفاعلية وحوارية. نهج استباقي وأكد المحاضر الدكتور أحمد الهنداوي أن مفهوم استشراف المستقبل هو فن وعلم تشكيل المستقبل وهو مهارة علمية وعملية تتضمن رسم نهج استباقي واعتماد سيناريوهات يمكن تحويلها إلى واقع ملموس يرتقي بالعمل الحكومي على أسس ومعايير مبتكرة. وتابع: لا يهدف الاستشراف إلى التنبؤ بالمستقبل لكشف النقاب عما يحصل فيه كما لو أنه محدد سلفاً وإنما للمساعدة في بنائه، ما يدعو للنظر في المستقبل كونه شيئاً يمكن بناؤه أو تشكيله، وليس كونه شيئاً مقرراً مسبقاً. ولفت إلى الفرق بين التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل، موضحاً أن التخطيط الاستراتيجي يعتمد على عدد كبير من العوامل في البيئة الحالية سواء كانت داخلية أو خارجية ومن ثم العمل على استقراء البيانات في المستقبل وهو يركز على الاتجاه الداخلي، بينما يعتمد استشراف المستقبل على تصور المستقبل ويتيح المجال لوضع أهداف يتم التخطيط لها اعتباراً من الوقت الحاضر وهو موجه خارجياً. واعتبر المحاضر أن عملية الاستشراف تتضمن عدداً من الأساليب مثل رصد الاتجاهات والتوقعات وتحليل المخاطر وتطوير السيناريوهات ودراسة الفرضيات، والخرائط الذهنية، كما تتضمن بناء الشبكات التي تجمع الناس من مختلف القطاعات والمؤسسات للمشاركة في تمرين الاستشراف وخلق إحساس مشترك بالالتزام بهذه الرؤى بين جميع أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين أبعاد وتناولت الورشة أهم أبعاد المستقبل، والمتمثل أولاً بالتقدم التكنولوجي الذي يتضمن كل التحسينات التي تدخل في الحواسيب والطب والنقل وغيرها من التكنولوجيات مثل النانو التكنولوجي، وتكنولوجيا الريبوت وتطور الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وثانياً بالنمو الاقتصادي إذ يحفز التقدم التكنولوجي النمو الاقتصادي لأن البشر متلهفون لاستخدام ما يعرفون صنعه في إنتاج السلع والخدمات، سواء لاستخدامهم أو لبيعه إلى الآخرين، مع الإشارة إلى أبعاد الثورة الصناعية الرابعة ومفهوم الاقتصاد التشاركي. ويتمثل البعد الثالث للمستقبل بتحسن الصحة إذ أدى التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي إلى تحسن في صحة الإنسان لأنهما أديا إلى إنتاج المزيد من الغذاء وتعزيز معالجة القضايا الصحية وتوفير خدمات صحية أفضل، ما أدى إلى إطالة الأعمار وهو ما كان له نتيجتان هامتان هما النمو السكاني وارتفاع معدل العمر بين السكان، فيما يتمثل البعد الرابع بالزيادة في القدرة على التنقل، إذ أصبح تنقل البشر والسلع والمعلومات بسرعة وكميات أكثر من أي وقت مضى وبشكل مضاعف. ويتمثل البعد الخامس للمستقبل بالتدهور البيئي، إذ يستمر التدهور البيئي في العالم ككل بسبب النمو في عدد السكان والتطور الاقتصادي، ويبرز ضمن الظواهر الناتجة عن التدهور البيئي، التغيير المناخي على مستوى العالم، وتضاؤل مصادر المياه العذبة، وانخفاض المساحات الزراعية والإخلال بالتنوع الحيوي وانقراض العديد من أجناس الحيوانات والنباتات، فيما يتمثل البعد السادس بالفقدان المتزايد للثقافات، في حين يتمثل البعد السابع بالجانب الاجتماعي مثل تغير دور المرأة في العمل والمجتمعات. مناهج استعرض المحاضر مناهج استشراف المستقبل، التي يتمثل أولها باستشارة الخبراء التي تعد طريقة قديمة سواء في الدول المتقدمة أو النامية. كما استعرض أساليب استشراف المستقبل والمتمثلة بالعصف الذهني وتحليل المخاطر وتحليل التقنيات والتغذية الراجعة من الجمهور وتصميم السيناريوهات ودراسة الفرضيات ومسح البيئة الخارجية. وينجم عن الاستشراف مجموعة واسعة من النتائج الرسمية منها التقارير والمواقع على شبكة الإنترنت وغيرها من أنواع المستندات مثل الأفلام والملصقات، والتي تعد نتيجة لعملية منهجية للتفكير حول التطورات المستقبلية التي تنطوي على عدد كبير من المشاركين من مختلف قطاعات المجتمع.