هيو جاكمان لديه وقت يقضيه حالياً بعيداً عن الكاميرات، فترة نادرة بالنسبة له؛ إذ إنه عادة ما إن ينتهي من فيلم حتى يدخل تصوير آخر، لكن في مطلع الشهر الماضي، وجد أن الفيلم الذي كان من المفترض دخول تصويره في هذا الشهر تأجل حتى آخر الشهر المقبل، لا بأس، فهناك أشياء مؤجلة كان عليّ الانتهاء منها على أي حال حسب ما يقول لي. من بين هذه الأشياء عودته إلى مدينة سيدني حيث وُلد؛ للقاء أسرته وأقاربه، فهو ينتمي إلى عائلة كبيرة كنا خمسة أشقاء وكل واحد من إخوتي تزوج وأنجب، وبعض أهلنا ما زالوا أحياء أيضاً، ذهبت لأسبوع وبقيت أسبوعين. حين عاد إلى لوس أنجلوس استعلم عن المشروع، لا عجب في ذلك، فالمشروع الذي يعيره هذا الاهتمام هو حلقة جديدة من سلسلة وولفرين، وهي مأخوذة عن مسلسل رجال إكس الذي جسّد فيها شخصية وولفرين ذاتها مرّة بعد أخرى. ولد هيو جاكمان في الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول سنة 1968 كأصغر إخوته الأربعة، كان يهوى لفت الأنظار لذلك انضم إلى فرقة موسيقية في المدرسة، ثم تحوّل إلى الصحافة فدرسها في إحدى جامعات سيدني، ثم مال إلى التمثيل وتخرج في كلية سيدني للفنون سنة 1994. كانت السينما الأسترالية في التسعينات من القرن الماضي تمر في الوضع نفسه الذي تمر فيه سينمات كثيرة: انحسار لمصلحة الفيلم الأمريكي، وذلك من بعد أن شهدت رواجاً نسبياً في السبعينات والثمانينات، لكن هيو جاكمان لم يجد الطريق صعباً؛ ذلك أنه سريعاً ما وجد نفسه في دور رئيسي في فيلم تلفزيوني عنوانه كوريللي لاعباً شخصية سجين، وهذا أدخله بعد ذلك إلى المسرح والسينما على حد سواء، إلا أن قائمة أفلام هيو جاكمان في أستراليا آنذاك لم تزد على فيلمين اثنين، وهذا لأن عرضاً من هوليوود وصله في مطلع عام 2000، وما إن اطلع عليه حتى سافر على أول طائرة، العرض كان الظهور كأحد أبطال رجال إكس المأخوذ عن شخصيات الكوميكس المعروفة. * كيف حدثت هذه النقلة المفاجئة؟ كانت مفاجأة بالنسبة لي أساساً، كنت بدأت التمثيل في السينما والتلفزيون في سيدني، ولم يكن في بالي أنني سأجد فرص عمل في أي مكان آخر ناهيك عن هوليوود، لكن أحد الأمور الذكية التي قمت بها آنذاك هو تواصلي مع مدير أعمال جيد، وعد بأن يجد لي فرص عمل أفضل إذا ما أوكلت إليه مستقبلي وفعلت، بعد 3 أشهر اتصل بي وسألني إذا ما كنت أمانع التمثيل في هوليوود. * هل اعتقدت أنه يمازحك؟ للوهلة الأولى نعم، لكنه كان جادّاً من حسن حظي طبعاً. * آنذاك كان هذا النوع من الأفلام التي تتطلب جهداً بدنياً جديداً عليك، وأنت كنت جديداً على الجمهور الأمريكي. أليس كذلك؟ صحيح تماماً، فهوليوود عالم قائم بذاته، التمثيل هنا يدخل في صميم لعبة كاملة، والممثل في أنحاء العالم الأخرى يبقى أكثر تحرراً من الممثل في هوليوود، ولا يتعرض للضغط نفسه، لكن في المقابل لا أحد يصنعك ممثلاً كما تفعل هوليوود، فهي تطلقك للعالم بأسره. * رجال إكس كان فيلماً مجهداً بالنسبة لك؟ الحقيقة أنني لم أكن أعرف مدى الجهد البدني الذي كان عليّ القيام به فعلاً، أقصد أنني وافقت على أن أقوم بالعديد من المشاهد التي تتطلب مخاطرات وحركات صعبة، وكنت ولا أزال سعيداً بذلك، لكن لم أعلم إلى أي مدى أستطيع تحمّل ذلك. الذي حدث هو أنني ارتديت تلك البذلة السوداء الضيّقة، فإذا بي أعاني عدم القدرة على التنفّس، مما تطلب نقلي إلى المستشفى، كان ذلك أسوأ يوم في حياتي. * سمعت أن السكاكين الحادّة التي سُلّحت بها كانت مشكلة بالنسبة لك. كل شيء كان جديداً عليّ وعلى الفنيين والمخرج أيضاً، كانت تلك المخالب تشكّل عنصراً مهمّاً في شخصية الرجل الذئب التي أؤديها، وهي كانت نصولاً حديدية بالفعل. * اعتقدت أنها صنع مؤثرات الديجيتال. في ذلك الوقت لم تكن، ولاحقاً لم تعد تزعجني كثيراً، وما زلنا نستخدمها في العديد من المشاهد، ولا تزال مصدر خطر إذا ما نسيت وحاولت أن أحكّ بها جسدي مثلاً أو أصبت شيئاً من دون قصد. * التاريخ يسجل لك أنك لم تبق حبيس الدور الواحد، أقصد دور وولفرين، فأنت مثلت أفلاماً مختلفة ما بين كل جزء من رجال إكس وآخر، كيف استطعت تجنب ذلك؟ الحقيقة هي أن رجال إكس هو الذي ساعدني على التنويع الذي تتحدث عنه، وما أعنيه أن النجاح يجعل الجميع يريد العمل على الممثل، ويمنحه ذلك فرصة التنويع. فالمشروعات معروضة وما عليك إلا أن تحسن الاختيار. * ما دفعك إلى العودة قبل 4 أعوام إلى أستراليا، وتمثيل فيلم مع نيكول كيدمان عنوانه أستراليا؟ أنت ذكرت جزءاً من الجواب نيكول كيدمان، كان من المهم كثيراً أن أقبل هذا العرض؛ لأنني دائماً ما رغبت في أن أمثل معها في فيلم ما، فهي أسترالية أيضاً. * وماذا أيضاً؟ الأجزاء الأخرى في الإجابة أن المشروع جذبني بحسناته؛ إذ كان الفيلم ملحمة عن أستراليا الأمس، إنه ويسترن أسترالي، هذا إلى جانب أنني لن أرفض فيلماً كهذا يصوّر في أستراليا. * في ذلك الفيلم تعرضت لحادثة خطرة، قال لي صحفي أسترالي إنك كدت تقع عن ظهر الحصان. صحيح أنني تعرضت للخطر، لكن ما حدث كان مختلفاً عما قيل لك. هل تذكر ذلك المشهد الذي تنطلق فيه الخيول الجامحة في البرية، حسب المشهد كان عليّ أن ألمّ جمعها من جديد، لكنها فجأة غيرت مسارها وتركتني مع 6 خيول فقط، فجأة وجدت الخيول تعود متجهة صوبي، ولولا سرعة البديهة لكانت اندفعت صوبي وصوب الحصان الذي أركبه ولسقطت تحت أقدامها، كانت حادثة غريبة. * بعد ذلك شاهدناك في البؤساء الذي برهنت فيه عن خبرتك المسرحية والموسيقية. كان ذلك الفيلم بمثابة فرصة لتمثيل دور مختلف في فيلم مختلف عما تعودت عليه، بالنسبة لي أحب المسرح والأدب، والاثنان مقترنان في رواية فكتور هوغو، وفوق ذلك ها هي تتحوّل إلى فيلم سينمائي، وبذلك جمعت بين كل هذه العناصر الرائعة. * هل كنت مرتاحاً خلال التدريبات الغنائية أم خشيت أن تفشل فيها؟ على العكس، كان الفيلم بمثابة تجربة صوتية لي، وأدركت منذ البداية أنني أمام امتحان صعب، لكنّ من يطلب النجاح في أي شيء يقوم به، عليه أن يكون مستعداً لكل العقبات. * في السنوات الأخيرة، ازداد عدد الأفلام التي تفشل، رغم أسماء النجوم التي تقود بطولاتها، لكن هذا لم يحدث معك، كيف تفسر ذلك؟ سؤال مهم، لكن اسمع، هناك أفلام لممثلين فشلت، حتى بعض أفلامي لم تنجز المطلوب منها وبينها أستراليا مثلاً، كان الإقبال عليه جيداً لكن لم يكن كما توقعنا، ما أراه هو أن لكل ممثل سقطة، وأنه ربما يقع له فيلم أو فيلمان، لكنه سيواصل نجاحه في أفلام أخرى. * سأعود بك إلى المسرح بعض الشيء، في العام الماضي مثلت على مسارح لندن، وقيل إنك أوقفت الأداء حين رنّ جرس هاتف أحد الحاضرين، وطلبت منه الخروج من القاعة، صحيح؟ يا له من مسكين، فهو اعتذر بشدّة وقبلت اعتذاره على الفور؛ إذ نسى هاتفه من دون إغلاق، وارتبك كثيراً حين وجد أنه هو السبب في إيقاف العرض، بالنسبة لي كنت جاداً، فآخر ما أريد سماعه هو واحد من اثنين: ضحكة في غير مكانها أو رنين هاتف، غضبت لكني أدركت الموقف وقبلت اعتذار المشاهد. * إلى جانب وولفرين، أهناك مشروعات جديدة أخرى؟ ليس هناك أي مشروع جاهز حالياً للتصوير، هناك عدّة سيناريوهات عليّ أن أستغل الوقت وأقرأها. * أو تنتجها. نعم. فالإنتاج مهنة مختلفة وهي لا تزال جديدة عليّ، وسنتحدث عنها لاحقاً.