×
محافظة المنطقة الشرقية

موسكو تبدأ سحب معداتها العسكرية من سوريا

صورة الخبر

تخيم أجواء الهدوء على حديقة حيوان جنوبي قطاع غزة بعدما كانت تضج بأصوات نحو 200 حيوان وطير باستثناء أصوات حادة تصدر عن بعض الحيوانات المتبقية لاستجداء سد رمقها، فبعضها لم يتناول طعاما منذ أربعة أيام. ويتضور نمر أسترالي -هو الوحيد في غزة- جوعا داخل قفص حديدي تآكلت بعض أطرافه من الصدأ، فهو ينتظر وجبته من اللحوم المثلجة منذ أيام، ويعجز صاحبه عن توفير نحو 30 دولارا يوميا لإطعامه، فضلا عن نحو عشرة حيوانات ما زالت على قيد الحياة. ويسابق الفلسطيني محمد عويضة صاحب حديقة غابة الجنوب بمدينة خان يونس الزمن لإنقاذ ما تبقى في حديقته من حيوانات حية، بعدما خسر آلاف الدولارات جراء نفوق عدد كبير منها جوعا أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014. وكان آلاف من الفلسطينيين يرتادون الحديقة يوميا من مختلف مناطق القطاع، ولاسيما رحلات طلبة المدارس والمؤسسات، لكن موت عشرات الحيوانات جوعا خلال العدوان الأخير تسببت في العزوف عن ارتيادها. مشاهد مؤلمة حيوانات الحديقة التي جلبت حية من 28 دولة في ست قارات، وجدت مصيرا قاسيا في غزة، فالأسد الأفريقي هلك هنا وكذلك نمر أسترالي وقرد من أميركا وسنجاب آسيوي وتمساح من أميركا الجنوبية. ويدفع مشهد الحيوانات المحنطة كالأسد والنمر والذئب التي يعرضها عويضة وسط حديقته، لتخيّل الظروف القاسية التي ماتت فيها، حين كان الاحتلال الإسرائيلي يقتل آلاف البشر الفلسطينيين بالصواريخ. ويلفت الناظر إلى الحديقة مشهد ذكر طائر البجع وهو ينظر إلى ما تبقى من جثة أنثاه التي نفقت قبل أيام جراء الجوع ونقص الرعاية، وكأنه يتخوف من أن يلقى نفس المصير. وعانت الحديقة -التي افتتحت عام 2007 على مساحة نحو ستة دونمات (الدونم= ألف متر مربع)- من ثلاث حروب إسرائيلية على القطاع خلال سبع سنوات، فاستطاعت النهوض بعد عدواني 2008 و2012، لكن طول فترة الحرب الأخيرة (51 يوما) كان كفيلا بتوجيه ضربة قاصمة للحديقة. البيع أو الهلاك خلال أيام العدوان الإسرائيلي لم يستطع عويضة الوصول إلى الحديقة لإطعام الحيوانات خوفا على حياته من استهداف الاحتلال، فنفق الأسد والنمر والذئب والثعلب والغزال واللاما والنعام والبجع والبشاروش، وعشرات الحيوانات والطيور الأخرى. غياب دخْل الحديقة بعد انقطاع زوارها بسبب نفوق عشرات الحيوانات، جعل صاحبها عاجزا عن توفير متطلباتها ولاسيما الطعام، وهو ما اضطره لعرضها للبيع أملا في إنقاذ الحيوانات المتبقية من الهلاك. ومنذ ذلك الحين، يضطر صاحب الحديقة لتوفير القليل من الطعام كل أربعة أيام ليحافظ على حيواناته من الموت في وقت لم يتجاوز دخلها منذ 2014 وحتى اليوم مئة دولار، وفق ما قاله عويضة للجزيرة نت. الواقع المتردي وإمكانية تعرض الحيوانات للموت جوعا في أي لحظة، دفع بعض الجمعيات لتوفير طعام لها في أحايين مختلفة، لكن الحيوانات اليوم تتضور جوعا، ولا يجد صاحب الحديقة بُدا من الاستدانة لإطعامها. خسائر فادحة مُني عويضة بخسائر فادحة منذ أكثر من سنتين جراء نفوق الحيوانات وعزوف المرتادين، فالمشروع الذي كلفه نحو مليون دولار عند إنشائه، لا يباع اليوم بأكثر من مائة ألف دولار، حسب صاحب الحديقة الذي يجلس متحسرا إلى جانب قفص نمر جائع، ويتطلع لاهتمام الجمعيات المعنية بالحيوان بحديقته، وتوفير ما يسد جوعها، أو المسارعة لشرائها خوفا على حياتها المهددة في أي لحظة. وتواجه مشاريع الترفيه في قطاع غزة تحديات عديدة أبرزها الأوضاع الاقتصادية المتردية للسكان، وارتفاع معدل البطالة لنحو 40%، بالإضافة لصعوبة إدخال احتياجاتها سواء من الحيوانات أو المعدات بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عشر سنوات. ويحتاج أهل غزة لمثل هذه المشاريع مع ازدياد الضغوط النفسية عليهم جراء الحروب الإسرائيلية، واستمرار عملية إعادة الإعمار بوتيرة بطيئة لا تلبي أبسط احتياجات السكان المتضررين.