×
محافظة المنطقة الشرقية

رغم تطاوله على النبي.. الزند كان سعيدا قبل تليفون من الرئاسة: «روح بيتك»

صورة الخبر

ربما تحتار حقا ويصيبك الدوار من التناقض الغريب والمثير بين هذا المستشفى وذاك، والاختلاف الجوهري بين دواء يكتبه لك طبيب ليبدله آخر بدواء جديد، وقد تتأثر حقا لغياب سرير أو طول انتظار في طابور ممتد لمسافات، ولكن يبقى ما قمت برصده كفيل بأن يحملك على متن الصدمة إلى العجب العجاب فى دنيا العلاج، حكاية صادمة كلفتنا الكثير ونحن نجوب بالقلم والكاميرا بين المستوصفات الحكومية والخاصة لنقف على الفروق الواضحة بين «مريض الكاش وأبو بطاقة» وأسأل: لماذا تحتفي المستشفيات بالأول وتتجاهل أوجاع الأخير؟ وكيف تحول المريض - حامل الوجع والألم - إلى فريسة تمسك به دور العلاج فلا تفلته حتى تستنزف آخر ريال في جيبه. ولماذا تعقدت المنظومة العلاجية إلى هذا الحد بين الحكومية والخاصة تارة وبين التأمين والكاش تارة أخرى، بينما المرض لا يرحم والأوجاع لا تبرح مكانها. فتعالوا نقرأ الحكاية. البداية.. إنفلونزا ذهبت مع صديقي لأحد المستوصفات حيث كان يعاني من الإنفلونزا الموسمية فاستقبلتنا موظفة الاستقبال لفتح الملف فكان أول سؤال واجهتنا به «تأمين ولا كاش»؟ ليرد عليها صديقي: كاش فأكملت فتح الملف الطبي ودفع صديقي 100 ريال قيمة الكشفية ومن ثم حولته لأحد الأطباء، وعند دخوله للطبيب قام الأخير بفحصه وبعد الانتهاء أجلسه على سرير وكتب له عدة إبر ومغذيات ومجموعة من الأدوية تخطت سقف الـ 400 ريال. صدمت من الفاتورة ذات الرقم الغريب؟ وتوقفت أمام كل هذه الإبر والمغذيات والأدوية التي تمت كتابتها لمواجهة الأنفلونزا التي تأتي وترحل سريعًا. لا أنكر أن سؤال «تأمين وللا كاش» استوقفني طويلا. كما غلاء الفاتورة حفزني لمواصلة المشوار لذا انطلقت الى مستوصف آخر لأتابع تفاصيل الحكاية «المدهشة» ادعاء الغثيان ذهبت إلى مستوصف آخر بحي السلمانية وادعيت شعوري بألم شديد وحموضة في بطني وإحساس بالغثيان، لتستقبلني الموظفة بالسؤال المعتاد «تأمين ولا كاش» فقلت: تأمين، جهزت ملفي ودفعت من قيمة الكشفية فقط 5 ريالات واتجهت إلى اختصاصي باطنية حتى يكشف عن حالتي ويصرف الدواء المناسب. جلست أمام الاختصاصي الوافد ورويت لها معاناتي وما انتهيت من كلامي حتى قاطعني وقال: استلق على السرير وأخذ سماعته الطبية وأجرى الفحص اللازم فيما أكملت الممرضة عملها بأخذ الضغط وقياس الحرارة وما ان انتهى التشخيص حتى عدت لمكاني أمام الطبيب. أخذ الاختصاصي قلمه وبدأ في الكتابة قائلًا: سأعطي لك علاجًا لتخفيف الحموضة لديك فأجبته لا اريد فقط دواء أليس من الضروري إجراء تحاليل دم ومنحي مغذيات حتى ترجع عافيتي. فأنا لدي تأمين يغطي تكاليف ذلك، قال الدكتور: لا استطيع أعطيك مالا تستفيد منه فأنا عرفت حالتك الصحية من الوهلة الأولى وصرفت لك العلاج المناسب. بدون تأمين تركت المستوصف وانطلقت لمستوصف آخر بحي مشرفة ولكن هذه المرة خبأت بطاقة التأمين وفتحت ملفا طبيًا بـ100 ريال وادعيت نفس الآلام الى شكوتها لطبيب المستوصف الأول..سألني نفس الأسئلة وبعد أن انتهى من تشخيصه الطبي أجلسني على الكرسي وقال: أنت تحتاج لعدة أشياء يجب أن تقوم بها حتى ترجع لعافيتك بسرعة وأولها تحليل لجرثومة معدة وتحليل للبراز وتأخذ مغذية حتى تخفض لك حموضة معدتك كما سأكتب لك عدة أدوية سوف تساعدك على الشفاء قلت للطبيب: لا أريد كل هذه التحاليل كلها لأنها سوف تثقل فاتورتي وسأدفع مبلغًا كبيرًا قاطعني بالجواب: إذا أردت أن تتحسن حالتك الصحية يجب أن تنفذ ما قلته لك حتى لا يكون هنالك مضاعفات على معدتك في المستقبل القريب. صراحة مستفزة كنت حريصًا على استفزاز الطبيب ومواجهته فقلت: لقد ذهبت إلى دكتور قبلك لأن المستوصف يشمل بطاقتي التأمين الطبي، ولم يعطني كل هذه التحاليل بل اكتفى بدواء للحموضة فقط، فغضب وعلا صوته: هذا خطأ إنه طبيب فاقد المهنية والمصداقية.. انتبه يا ابني أن تقع فريسة لهؤلاء الأطباء غير الأكفاء فهم يخافون من شركات التأمين لأنها لا تدفع مقابل التحاليل الإضافية والتي توضح المرض بشكل أفضل لذلك وصف لك علاجًا فقط بدونها.. انتهى الطبيب من نصيحته وأخذت الوصفة كاملة وذهبت إلى موظفة الاستقبال حتى تصدمني بمبلغ 390 ريالًا مقابل كل ذلك. لم أدفع ما قالت عليه وخرجت من المستوصف، وانا أفكر في حجم الفرق بين التأمين وبدون التأمين. حي السامر لم أقف فقط عند هذا الحد بل أكملت تحقيقي متجها إلى أحد المتسوصفات في جنوب جدة. وقفت أمام موظفة الاستقبال وابلغتها أنني «تأمين» وشكوت من نفس المرض ومن نفس الاعراض فإذ بالطبيب يقوم بالكشف كما قام سابقاه ثم يصف لى علاج الحموضة فقط. خرجت من غرفته وانتظرت في سيارتي لمدة ساعتين وبعدها رجعت لنفس المستوصف وقلت للموظفة أريد أن أفتح ملفا باسمي ولم أسلمها بطاقة تأمين طبي بل قلت: أريد «بالكاش» بعد أن انتهت وأكملت عملها أرسلتني عند طبيب آخر ليقوم بالكشف والتشخيص ويكتب لي تحاليل دم ومغذيات وعدة أدوية خرجت من غرفته وأنا في قمة الاندهاش من مستوصف واحد بوصفتين مختلفين؟. ابتسامة لـ «الكاش» توجهت إلى أحد المستوصفات بشارع الأمير سلطان عندما وقفت أمام موظف الاستقبال قلت له أنا مريض «كاش» لتنفرج أساريره معي ويعاملني معاملة حسنة حتى الانتظار لم يدم طويلا.. دخلت على الطبيب لأشتكي من الألم المزيف ولم انتهِ حتى أعطاني ورقة فيها عدة إبر ومغذيات بتكلفة 800 ريال مع بعض أدوية من صيدلية المستوصف. مستشفيات الحكومية.. وداعا للتشخيص ذهبت لمستوصف «حكومي» في حي السامر في بداية الأمر استقبلني زحام السيارات وتباعدها وتغيُّب عدد من الأطباء وضيق الممرات وانقطاع الماء داخل دورات المياه، وقلة النظافة، سوء الخدمات المقدَّمة في المركز،، أكملت طريقي أخذت دوري في طابور المراجعين أنتظر دوري كان بجانبي أحد كبار السن اسمه «أبو صالح» سألته عن حالته الصحية فقال: أعاني من مرض السكري.. لجأت للمركز الصحي بسبب أنتفاخ غريب في قدمي اليمنى وأعاني من آلام مستمرة في نفس القدم ووصف لى الطبيب علاجا وأخذ عينة من دمي أنا أنتظر ما يُقارب الاسبوع وما زلت أنتظر موعد نتيجة التحليل التي تأخرت بلا مبرر وأنا شخص كبير في السن ولست من سكان جدة أنما أتيت للمنطقة لزيارة ابني، وأتمنى أن أنهي أمورى على خير. بعد ان أنتهى «أبو صالح» حتى أتى دوري ودخلت إلى طبيب المستوصف وشكوت له ما أعانيه من ألم في بطني ليبدأ بكتابة الدواء على «الروشتة» دون ان يقوم بالكشف واجراء التشخيص وقياس للضغط فقط أكتفى بالنظر في وجهي وأخذ أسمى وكتب دواء عبارة عن مسكن ومخفف حموضة فقط. نظرت اليه بدهشة فقال إنك لا تحتاج بأكثر من هذا وبالشفاء العاجل. طبيب: شركات التأمين تجبرنا على صرف الأدوية الأقل ثمنا حيرتي من منظومة العلاج المتناقضة حفزتني لسؤال أحد الأطباء «عن الكاش والتأمين» فقال: شركات التأمين تجبر إدارة المستوصفات والمستشفيات على تمديد فترة المرض لدى المراجع وتمنعنا أن نعطي الإبر والمغذيات التي تسرّع في الشفاء ويكون رد شركة التأمين لا تعالج المريض في يوم واحد دعه يأخذ الدواء فقط ويبقى مريض لمدة أربعه أيام مثلا. كما أنها تجبر الاطباء وخاصة متخصصي الباطنية على أن تقدم الادوية الاقل ثمنا في السوق مهما كانت الحالة كما لا يمكن أن نعطيه دواء مستوردًا بأعلى من المحلي ثمنا، وإذا قمنا بذلك يلغى ملف المريض من الشركة ويتحمل المستوصف تكاليفه. وقال: أنا اتكلم معك بكل صراحة نحن الاطباء لا نفضل المرضى حاملي بطاقة التأمين الطبي لأن وراءهم شركات تأمين تملك جيوش من الأطباء والمختصصين لمراجعة كل ملف مريض بحثا عن ثغرة صغيرة موجودة في الملف وبذلك نخسر مبالغ طائلة من الاموال كما ان لديها قيودا صارمة تفرضها على المستشفيات والاطباء ولا نستطيع أن نكسرها فهنالك أكثر من 30 % من الملفات المرضى تلغيها وتتحملها المستشفيات المتعاقدة معها، فهناك تضارب مصالح بين المستوصف وشركة التأمين، فالمريض الذي بدون تأمين يريح الطبيب في الكشف الطبي وتحديد المرض أكثر. مواطن يهرب من الحكومية إلى «كاش» القطاع الخاص في جولتي بأحد المستوصفات اقتربت من أحد المراجعين اسمه خالد الرفاعي فاستأنس لحديثي معه قال: لدي مراجعة لدى اختصاصي جلدية فقد أصابني طفح جلدي في أجزاء من جسمي ويسبب لي الحكة سألته هل انت كاش أم تأمين؟ قال: لا أنا «كاش» عدت له بالسؤال لماذا لم تذهب إلى مستشفى حكومي حتى توفر المال وأطباء المستشفيات الحكومية اكفاء أكثر من القطاع الخاص؟ فداهمني بالقول: من قال لك إني لم أذهب ولكن كانت مواعيد المستشفى بالشهور والحالة التي كنت أعاني منها مزمنة وتسبب لي الازعاج ولم أستطع أن أقوم بعملي مما أجبرني أن أذهب لمستشفى قطاع خاص حتى أشفى من هذا الطفح المزعج.. صحيح أن المستشفى تكاليفة عالية ولكنني مجبر على ذلك، فإني حتى الآن فقد دفعت ما يقارب 1500 ريال من تحاليل وأدوية ومراجعات للأطباء. موظفة الاستقبال تعترف في أحد المستوصفات الشهيرة بجدة كنت أنتظر دوري للدخول على الطبيب جلست أتأمل المرضى والمراجعين من أطفال وكبار سن، وتمنيت لحظتها لو أتكلم مع أحد من المستوصف وأسأل عن تعامل الاطباء مع مرضاهم. وبالفعل اتجهت الى موظفة الاستقبال لأسالها عن المريض المفضل فقالت: «الكاش» لأن الأطباء يستغلون مرضه ويطلبون منه تحاليل وأشعة غير ضرورية بغية سحب أكبر قدر من المبالغ المالية من جيبه. أما أنا فدوري محصور في قطع الفواتير للمرضى والمراجعين وأخذ المبالغ وأذكر مرة أتى شاب في ريعان شبابه كان يعاني من رضوض في قدمه وحالته ليست خطيرة وبعد أن قام الطبيب بالكشف عليه فوجئت ومعه أوراق كان أكثرها لا يحتاجها مسكنان للآلام مختلفان يعطيان نفس المفعول ومرهم للعضلات وأشعة لساقه حتى خرج من المستوصف بقيمة 450 ريالًا ولقد دفعها وهو لا يدري أنه دفع مبالغ لإجراءات لا يحتاجها. المزيد من الصور :