مازال الإنسان والمكان يحتفي في قرية "رجال التراثية" بمحافظة رجال ألمع بتاريخ صامد منذ زمن بعيد. تتجدد فيه كل يوم حكايات الإنسان وإبداعاته، فهناك رموز الماضي الزاخر، والمستقبل المنير الذي تتنوع جمالياتها بتنوع تضاريس ألمع وأوديتها وارتفاعات هاماتها التي لامست سحابة السماء وعانقت قطرات المطر. وقد نحتت "قرية رجال" ذكراها بأصالة الماضي وتراثها الراقي، حيث تميزت بفن معماري أكثر إبداعا قدمه إنسان هذا المكان، إضافة إلى ما تحتويه من كنوز أثرية جعلتها مزاراً سياحياً ليس من داخل المملكة فحسب بل ذاع صيتها إلى دول الجوار ودول الغرب. موقع قرية رجال قصة هذا المكان نتعرف عليه من خلال موقعه، حيث تقع قرية رجال وسط محافظة رجال ألمع، ويفصلها جبل (رَز) وهو اسم العقبة التي كانت تفصل بين ألمع الشام (الشمال) وألمع اليمن (الجنوب)، ورُجال محاطة بالجبال من جميع الجهات عدا الجهة الجنوبية الغربية. مراحل التطوير وقد مرت هذه البلدة بمراحل عديدة من التطوير في مقدمتها المسرح المفتوح بمساحة 615 متراً مربعاً ويتسع لحوالي 1000 شخص إلى جانب المساحات المجاورة وهى عبارة عن أماكن للتسوق تعرض فيها المنتجات التي تشتهر بها بلدة رجال على وجه الخصوص ومحافظة رجال المع بصفة عامة، كما تمت زيادة الرقعة الخضراء بحوالي سبعة آلاف متر مربع، وأقيمت 15 مظلة وجلسات عائلية على مداخل البلدة ورصف وإنارة الطريق المؤدي من الشارع العام إلى البلدة مروراً بحديقة الجسر. معلم سياحي وتعد "قرية رجال" معلماً سياحياً مهماً يقصده زوار منطقة عسير من خلال رحلة مليئة بالمتعة بواسطة العربات المعلقة "التلفريك" أو السيارات مباشرة من سهول الصماء أو ضلع أو شعار. ويجد الزائر لهذه القرية أنه في حضرة التاريخ فمتحف رجال ألمع وما يضمه من مقتنيات أثرية يعكس نشاطاً للإنسان والمكان، إلى المكتبة التراثية التى تزخر بكتب دينية وأدبية ووثائق تاريخية، وتعد القصور الموجودة في بلدة رجال التاريخية شاهداً حتى على حضارة زاهية حيث يرتفع بعضها إلى ثمانية أدوار ومر على بنائها أكثر من قرنين من الزمان ومازالت حتى اليوم بإطلالتها المهيبة وطرزها المعمارية القديمة وإبداعات أهل تلك الأرض في وقت لم تكن الآلات الهندسية موجودة ولكنها فطرة الإنسان وعبقريته. متحف الآثار وتضم "قرية رجال" أهم متحف للآثار بالمنطقة وهو وجهة سياحية خاصة لمن يبحث عن موجز لحياة تقع بين المعاناة والرفاهية، وتصب في حضارة رائدة ومتميزة، حيث تعود قصة إنشائه الى مايزيد على 30 عاماً حين طرح أهالي ألمع اقتراحاً لإنشاء متحف يضم تراث المنطقة وشُكل فريق من رجال ونساء ألمع للقيام بأعمال ترميم القصر ونقش القصر بإشراف السيدة الألمعية "فاطمة علي أبو قحاص" رحمها الله وهي خبيرة الزخرفة وفن النقش والقط في ألمع. فيما سعى أبناء ألمع لتقديم ما يحتفظون به من أدوات وأسلحة وأثريات هدية لتحقيق الحلم فيما ساهم البقية بالمال لشراء كثير من القطع الأثرية، وتبع ذلك ترتيب محتويات المتحف وتجهيز الساحات المجاورة. وفي عام 1407ه بدأ في ممارسة دوره كقناة ثقافية سياحية منذ ذلك الحين مع استمرار بعض المهتمين بتزويد المتحف بالمقتنيات، ويحتوي المتحف على 20 قسماً وزعت فيه المحتويات طبقاً لترتيب الاستخدام أو الدلالة التراثية المتجانسة مثل، شنعة النحل وغرفة الحارس والمطبخ ومكان تخزين الحبوب وطحنها وأدوات الزراعة والبناء والنقل وقسم للأسلحة والحلي والطب الشعبي والمصنوعات الحرفية وبيت الرجل الألمعي وبعض المخطوطات القديمة التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين. ويضم المتحف أكثر من 2800 قطعة تراثية و500 كيلوغرام من المصوغات الفضية القديمة. دور هيئة السياحة وعن دور هيئة السياحة في تأهيل وتطوير الخدمات السياحية بالقرية قال مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير م. محمد العمرة: إن ما وصلت إليه القرية من مكانة وضعها في تحد كبير للمزيد من العمل الجاد والواعي لتكون نموذجاً مشرفاً للقرى التراثية، في ظل دعم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. ولفت العمرة إلى أن الهيئة أنشأت مركز الزوار بقيمة خمسة ملايين ريال، والذي يعتبر نموذجاً لمحاكاة تراث المكان، إضافة إلى دراستها لتشغيلها برؤية سياحية عالمية وعالية المستوى، ناهيك عن مشروعات بلدية المحافظة الثلاثة بقيمة 11 مليون ريال والتي يجري تنفيذها، وهي المسرح المفتوح بسعة أكثر من 2500 زائر، والمركز الحضاري بموقع كبار الزوار، وتأهيل وادي الخليس الرابط بين أربعة أحياء بطريقة جمالية، وتنفيذ الجلسات والمواقع السياحية وممرات للمياه ومواقع على جانب الوادي، والمرحلة الثالثة لحي مناظر والطريق الرئيسي بين القرية والبتيلة.