×
محافظة المنطقة الشرقية

مسؤولو الشرقية: زيارة الملك للمنطقة تجسد أسمى صور التلاحم مع المواطنين

صورة الخبر

أحياناً يتحول الحزن إلى بهجة دون سابق إعداد، ليس هذا كلام تنمية بشرية، ولكنه تطبيق عملي لكلمة "لعله خير" حين تحدث أشياء تغيّر مجرى حياتنا ولا نعلم السبب، ولكن يتضح لنا بعد فترة أنه عين الخير.. وهذا ما حدث معي، بعد أن تم إلغاء ترقيتي وبدلاً من البقاء مع والدتي فترة التدريب في الدوحة، جاءت رحلة بانكوك لتغيّر خطتي كلياً، وقتها لم يكن معي ما يكفي من المال، خاصة أنني صرفت الكثير على الهدايا التي حملتها معي في إجازتي القصيرة للقاهرة، لذا قررت الاقتراض من حفصة، سافرت ومعي مبلغ 1500 ريال قطري فقط. كنتُ متحمّسة جداً لسفر والدتي معي، جهزنا الحقيبة معاً، جلسنا نتحدث عن ماذا سنفعل هناك؟ وكيف ستكون الرحلة؟ وكان قلقنا الوحيد أن تكون الرحلة ممتلئة، ولكن ربنا ستر، الطائرة تتسع لـ300 راكب ويشغلها 100 راكب فقط، استغللنا فرصة المقاعد المتاحة وحجزت لوالدتي صفاً مكوناً من 4 مقاعد معاً حتى يتسنّى لها النوم خلال الرحلة التي تتجاوز 7 ساعات طيرانٍ مرهِقة ومتعِبة ولكنها ممتعة لوجود أمي. لم أكن الوحيدة المصطحبة أمي، كانت زميلتنا المغربية هدى مصطحبة زوجها معنا في الرحلة، حيث تفنّنا أنا وهدى في تقديم الفواكه والمكسرات التي أحضرها من الدرجة الأولى، حتى الوجبات حاولت أن أجد أطباقاً لذيذة لوالدتي، ولكنها آثرت النوم، كم كنت فرحة بمروري في الكابينة حيث أرى والدتي تغط في النوم بكل أريحية. مرت السبع ساعات بسرعة على غير العادة، لعلها الحماسة للوصول واستكشاف البلدة مع أمي. من حسن حظي أن معظم طاقم الضيافة عرب، مما أسهم في خلق روحِ دفءٍ بيننا جميعاً. عند الهبوط، طلبت من الكابتن أن أصطحب أمي معي في باص الشركة للفندق، كان أردني الجنسية وخلوقاً جداً، وافق ورحب بأمي ودعانا جميعاً لتناول العشاء معاً. وصلنا للفندق حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً، كنت متعَبة جداً، لذا تركت أمي تستكشف قنوات التلفاز وغططْتُ في نوم عميق أفقت منه على رنين الهاتف، كان الكابتن يؤكد حضورنا لبهو الفندق خلال ساعة للخروج لتناول العشاء. عند نزولنا، كان تقريباً كل الطاقم موجوداً بالردهة أمام باب الفندق، تقدم الكابتن نحونا وسلّم على والدتي ورحب بها بكل أدب، كم أسعدني طريقته واهتمامه بوالدتي! كما بادر بالسلام على زوج هدى، ثم استقللنا جميعنا سيارة كبيرة من الفندق، والتي أقلتنا إلى مطعم معروف ببانكوك يطلق عليه "سي فود ماركت". كان المطعم كبيراً حجماً، يشبه سوق الأسماك؛ حيث يعرض جميع أنواع السمك الطازج على طاولات كبيرة وبجوارها طاولات أخرى معروض عليها أنواع الخضراوات والفواكه المختلفة التي يتم استخدامها في الطهي؛ حيث يختار الزبون السمك الذي يحلو له والخضراوات التي يريدها ويقدمها للطباخ، حتى طريقة الطهي متروكة للزبائن. أعجبتني الفكرة جداً؛ حرية الاختيار في كل شيء ولكن طبعاً كله بثمنه. اقترح الكابتن أن يختار للجميع الأطباق المعروفة لتذوقها، كما أعلن أنه "عازمنا" وليس علينا أن نقلق من الفاتورة، ساعتها تنفّست الصعداء، فحالتي المادية لا تسمح، فعلاً ربنا حليم ستار! استمتعنا جميعاً بالتهام كل الأصناف التي وُضعت أمامنا في وقت قصير، كان السمك رائعاً والأرز العجيب المخلوط بالخضراوات لذيذاً جداً، ولكني وقعت في غرام شوربة "تام يام" التايلاندية المعروفة بمذاقها الحراق واللذيذ، وقررت أني لو عدت بانكوك مرة أخرى فسأعاود زيارة هذا المطعم حتى إنني طلبت من الشيف طريقة عمل الشوربة التي أتقنها وأطهيها من وقت لآخر كي أتذكر تلك الأيام الجميلة ونكهة تايلاند الخاصة جداً. اختتمنا جلستنا بأكواب من الشاي بالنعناع، حيث عدنا للفندق متعَبين، ولكن لفت نظري أن طقس البلد حار ورطب جداً، كم أكره الرطوبة وهذا الشعور بالتلزيق الذي يفسد متعة التنزه في الهواء الطلق. في الصباح الباكر، قررنا الخروج واستكشاف البلدة، على أقدامنا، لكن بشاعة الطقس جعلتنا نعود للفندق لاستقلال سيارة خاصة بعد فشل محاولاتي للتواصل مع السائقين، موظف الفندق طلب من توكتوك أن يوصلنا للسوق، أعطاني كارت الفندق حتى يتسنى لنا العودة. حملَنا التوكتوك وانطلق في غزوات بين السيارات كأنه فارس مغوار يخترق البحار ويتجاوز الأسوار، كانت علامات الضيق على وجه أمي واضحة، ولكن ما باليد حيلة! وصلنا للمكان الذي يشبه تماماً الأسواق الشعبية في مصر، ولكن الرائحة البشعة استقبلتنا، مما جعلنا ننفر من المكان.. فوجئنا بوجود دجاج مخنوق ومعلَّق ومعروض للبيع، بجواره عربات خشبية صغيرة مثل عربات الخضراوات ولكن معروض عليها صراصير مقلية وبجوارها مطعم شعبي مرسوم على يافطته وجه كلب، يا إلهي حتى الكلاب يأكلونها! لم نتحمل المزيد، لذا قررنا الرحيل من المكان وقد لاعت أنفسنا وكنا على مقربة من الغثيان بفعل رؤية الناس وهم يستمتعون بقزقزة الصراصير. كانت تجربة قاسية جعلتنا نلتزم بتناول الجبن والتونة فقط، ولكن قطع البطيخ الباردة التي وجدتها تباع على عربات صغيرة، طازجة ومقطعة في أكياس، كانت كافية أن تنسيني أي شيء؛ البطيخ هو عشقي حيث أعتقد أن البطيخ من طعام الجنة، اللهم ارزقنا إياها وارزقنا ما اشتهينا من البطيخ والتين الشوكي وغيرهما. لم أقابل أحداً من زملائي؛ فالكل انشغل ببرنامجه في التنزه واستكشاف المكان، سألت عن أهم المناطق التي يجب زيارتها. وبالفعل، خرجنا في المساء بعد أن حاولنا نسيان ما رأيناه وشممناه. وبعد أن نلنا قسطاً من الراحة، توجهنا إلى منطقة "بات بونج"، حيث نصحتني موظفة الاستقبال بالذهاب هناك لمشاهدة العروض الراقصة ولشراء الهدايا، طبعاً لم يكن شراء الهدايا في نيتي ولكن فكرة مشاهدة العروض الراقصة أغرتني ويا ليتنا ما ذهبنا! (يُتبع) ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.