شركتان فقط من عشرات الشركات المساهمة العامة في الإمارات التي تزيد أرباحها على 70 مليار درهم، تعتزم توزيع جزء من أرباحها على المسؤولية الاجتماعية! هل هذا وضع صحي في مجتمع شعاره التسامح، وفي اقتصاد نموه مستمر، وفي بلد حكومته لا تُقصر في واجباتها ومبادراتها، لمساعدة القريب والبعيد معاً، وأيديها البيضاء تلف أصقاع المعمورة؟ في الماضي كانت الشركات المساهمة تتعذر بأن القانون لا يسمح لها بتقديم المال في غير الأعمال التجارية، وإداراتها تتعذر بأنه ليس لها حق صرف أموال مساهمين، أمّا الآن، فالأمر تغير بتغير قانون الشركات الاتحادي لسنة 2015، الذي أتاح رسمياً تقديم المساهمة الاجتماعية الطوعية، بما لا يزيد على 2 في المئة من الأرباح الصافية، شرط موافقة المساهمين. لكن ماذا حصل؟ شركتان أو ثلاث فقط قررت استقطاع جزءٍ من الأرباح، لتقديمها للمجتمع ولمؤسساته الخيرية والاجتماعية المحتاجة. ماذا عن البقية؟ هل إدارات الشركات لم تعرف بعد أن هناك قانوناً جديداً للشركات يسمح بتعزيز مسؤوليتها الاجتماعية؟ إذا كان الأمر كذلك فهذه مصيبة، وإذا كانت تعرف بالقانون الجديد، ولم تقم بواجباتها تجاه مجتمعها ووطنها، فالمصيبة أكبر. هل كان المطلوب من المشرع في الإمارات أن يحول كلمة في القانون من مساهمة طوعية إلى مساهمة قصرية، ليصبح الأمر مُلزماً للجميع بإفادة الجميع في هذا الوطن المعطاء الذي لم يبخل على أحد؟. يتعين علينا ألّا ننسى أن المسؤولية الاجتماعية هي واجب تجاه من قدم لنا الكثير، وهي بالتالي ليست مِنة ، هكذا علمنا ديننا الحنيف، وهكذا علمتنا القيادة، وهذا ما نشأنا عليه من عادات وتقاليد.. المسؤولية الاجتماعية باتت واجباً وطنياً مُلحاً، وقد حان الوقت لأن يتحمل القطاع الخاص مسؤولياته في احتضان عشرات المؤسسات الخيرية والاجتماعية. ورعاية الشباب والشابات، وتقديم الدعم للابتكار، والاهتمام بالصحة والتعليم والبيئة. الحكومة قدمت الكثير لمناخ الأعمال، ليبقى مزدهراً، فلا قيود أو ضرائب.. فكل ما تجنيه لك وحدك.. مع الاستفادة من تسهيلات وامتيازات وحماية وأمن وأمان وبيئة استثمارية وتشريعات، وفرص لا حدود لها في الصناعة والتجارة والعقار والمال والخدمات والتقنية والصحة والتعليم والإعلام. عندما نتحدث عن التناغم بين القطاعين ، والذي أفرز اقتصاداً قوياً، يغيب عن بال البعض أن كفة التناغم تميل لصالح الخاص، فهو المستفيد الأكبر، صحيح أنه مبادر في المشاريع، وذكي وشجاع في اقتناص الفرص، لكنه متردد محجم لدرجة التقصير تجاه المجتمع. نأمل في أن تقرأ مجالس إدارات الشركات المساهمة القانون الجديد، وأن تلفتها المادة التي تتيح لهم تخصيص جزء من أرباحهم للمسؤولية الاجتماعية، والأمل أكبر في أن يرتفع المستجيبون من شركتين هما الواحة كابيتال واسمنت الشارقة، هذا العام، إلى عشرين وثلاثين، العام المقبل، والجميع بعد ذلك.