يقسم لي أحدهم أنه على أتم استعداد ـ لو أراد ـ أن يتحول إلى واحد من أثرياء هذا البلد في زمن قياسي لا يتجاوز سنة واحدة.. فقط عليه أن يطيل لحيته، ويمتهن الرقية وتفسير الأحلام والمنامات والخرافات! قلت له: أظن باستطاعتك أن تختصر المدة إلى ستة أشهر، من خلال توسيع القائمة لتشمل قصص السحر وإخراج الجن والمس والعفاريت! هو ـ وأنا معه بالطبع ـ يراهن على هذا الكم الهائل من المجتمع، الذي يركض خلف الدجالين وبائعي الأوهام، ليل نهار! قبل أيام، يتباهى أحد تجار الرقية وتفسير الكوابيس بأن عدد الذين يلاحقونه من خلال جواله ومواقع التواصل يقدرون بالآلاف.. لم أكن أود الدخول معه في جدل لا طائل وراءه.. أعلم أنه سيتحول لمقاتل شرس؛ فالأمر يتعلق بمصدر ثروته، ولن يسمح لأحد أن يهدد هذا المصدر! أنا والله سعيد جدا حينما أقرأ حدة النقد تجاه هذه الظواهر.. هذا يعني أن المجتمع بدأ ينفض غبار الجهل والتخلف.. بدأ يستوعب أن هناك شيئا اسمه قدرات بشرية ونفسية.. بدأ يعي أن النفس تمرض كما يمرض الجسد، وأن هناك شيئا اسمه طب نفسي. الخلاصة: طرحك للقضية مرة لا يعني عدم طرحها وطرقها مرة أخرى، خاصة في ظل تنامي الظاهرة.. أبسط تعريف للرقية وتفسير الأحلام التي يمارسها بعض الأشخاص في السعودية، هو تجارة وبحث عن الثراء على حساب المرضى والموهومين والبسطاء.. لذلك، الحل ليس عبر المنع من وجهة نظري.. لو منعنا هؤلاء التجار الذين يتسترون بالدين، ثق أنهم سيمارسون عملهم بالخفاء.. تماما مثل تجار المخدرات.. فالغاية هي المال.. ولذلك ليس هناك أجدى من توعية المجتمع.. نعم التوعية هي الحل. أرجوك اسأل نفسك: هل يوجد في كل كتب وأحاديث السلف أي حكاية عن المس؟ هل سبق أن قرأت في كتب التراث عن أي قصص من هذا النوع؟ أم أنها طارئة منذ ثلاثين سنة؟! اسأل نفسك هل سبق أن قرأت أن المسلمين الأوائل تزاحموا على بيت أحد الرقاة لاستخراج الجن؟! - ابدأ بنفسك.. حاور نفسك، العاقل خصيم نفسه. الوطن