أربيل: شيرزاد شيخاني في خطوة تؤكد السياسة البراغماتية التي تنتهجها الحكومة التركية خلال هذه الفترة مع القضايا الكردية، استقبلت الخارجية التركية رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» السوري، صالح مسلم، الذي أجرى مباحثات مع كبار مسؤوليها، أكد بعدها أنها «أسفرت عن نتائج إيجابية ومهمة ستنعكس على أرض الواقع، من أهمها تعهد تركيا بتقديم مساعدات إنسانية لأكراد سوريا»، حسبما أوردته صحيفة «ملييت» التركية. وقال مسلم، الذي زار تركيا بدعوة رسمية من وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو، إن «تركيا غيرت موقفها بالنسبة لحزب (الاتحاد الديمقراطي)، وإن مجرد وجودي هنا يشكل أكبر تغيير». وهذا ما أيده شيرزاد اليزيدي، الناطق الرسمي باسم «مجلس شعب غرب كردستان»، الواجهة السياسية لحزب «الاتحاد الديمقراطي»، حيث قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات التي أجراها مسلم كانت مثمرة وإيجابية للغاية، فيبدو أن تركيا بدأت فعلا بتغيير مواقفها وسياساتها معنا بعد سنوات طويلة من العداء المستحكم، والسعي لإجهاض أي دور كردي متنام بغرب كردستان في خضم الثورة السورية المندلعة منذ ما يقرب من عامين ونصف». وأضاف: «اليوم تجري مباحثات مباشرة بين مسؤولي الخارجية التركية ورئيس حزبنا، ويتم خلالها تأكيد أن تركيا لم تعد قلقة من الوجود الكردي قرب حدودها، هذا في وقت كانت تركيا تعرب فيه دائما عن قلقلها الشديد من أي اقتراب لمقاتلي حزبنا من هناك، رغم أننا لم نكن نستهدف أيا من عناصر الجيش التركي، وكذلك أي دولة إقليمية أخرى، بل كان نضالنا محصورا في الداخل السوري فقط، وهو نضال وطني لبناء سوريا موحدة وديمقراطية تتحقق فيها الحريات والحقوق لجميع المكونات». وحول أهمية المساعدات التركية التي وعد بها قادة الخارجية، قال اليزيدي: «طبعا، المساعدات ستكون مهمة جدا، لأن مناطقنا الكردية بالداخل تعاني حالة حصار قاس، فمن جهة أغلقت حكومة إقليم كردستان (العراق) حدودها البرية مع كردستان سوريا منذ فترة، والجماعات الإرهابية المسلحة الأخرى تفرض بدورها حصارا اقتصاديا ضد السكان هناك، والجانب التركي أيضا أغلق حدوده ومنع مرور أي مساعدات أو مواد إلى داخل مناطقنا، لذلك فإن تقديم المساعدات الإنسانية التركية إذا رافقه فتح الحدود والمعابر فإن من شأن ذلك أن يخفف كثيرا من وطأة الحصار المفروض على شعبنا». وحول مصير الإدارة الذاتية التي أعلن حزب «الاتحاد الديمقراطي» تشكيلها كأمر واقع في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، قال الناطق الرسمي باسم «مجلس شعب غرب كردستان»: «كانت لدى الأتراك شكوك كثيرة حول الإدارة المزمع إنشاؤها من قبلنا بغرب كردستان، وحاول رئيس حزبنا تبديد تلك الشكوك والمخاوف التركية من تلك الإدارة». وتابع قائلا: «نحن نعيش حاليا حالة من الفوضى داخل سوريا، هناك حصار اقتصادي وهناك إدارة مشلولة، وكذلك هناك محاولات لجرنا إلى الجحيم والمحرقة التي يعدها النظام بشكل يومي، ثم هناك مشاكل حياتية نعانيها يوميا، منها الغلاء وانهيار العملة ونقص المحروقات، وتوقف مصالح الناس، لذلك يجب علينا أن نعمل على معالجة هذه المشاكل الحياتية»، وأضاف: «فكرنا في أن ننشئ إدارة مؤقتة لحين استقرار الأمور بسوريا، فلا يمكن أن نترك شعبنا يعاني هذه المعاناة والمشاكل، خصوصا أن هناك تكهنات وتحليلات من المصادر السياسية تشير إلى أن الأزمة السورية ستدوم لأعوام أخرى، ونحن لا نستطيع أن نتخلى عن شعبنا بمثل هذه الظروف». وقال: «أبلغنا الجانب التركي أنه يجب أن تتفهم هذه الأوضاع، وألا تتخوف من نتائج هذه الخطوة، لأنها إجراء مؤقت إلى حين عودة الأمور في بلدنا إلى حالتها الطبيعية، فعلى تركيا أن تنظر إلى إقليم كردستان بعد عشرين سنة من تجربتها بالإدارة الذاتية فإنها لم تنفصل عن العراق، بل ما زالت تعمل في إطاره، وانظر إلى ما حققوه بالإقليم من تقدم وازدهار جراء تمتعهم بإدارتهم الذاتية، هذه التجربة نريد أن نستفيد منها، ولا مبرر للمخاوف التركية من الانفصال لأننا لا نريد ذلك».