منذ العام 2004، وهو تاريخ الصراع الصريح بين الدولة اليمنية وجماعة الحوثي، بعد أن صنفت الدولة الجماعة بأنها ميليشيات متمردة على الدولة، والتدخلات الخارجية تتضح أكثر وأكثر. وخلال اليومين الماضيين أعلنت الحكومة اليمنية أن لديها من الأدلة ما يكفي لإثبات أن أطرافاً خارجية، مثل إيران وحزب الله، كانت لها بصمات واضحة في مسار الصراع الداخلي، سواء من خلال الدعم الإعلامي والسياسي، أو من خلال الدعم العسكري لجماعة الحوثي، الذي تجسد في شكلين، الأول تهريب الأسلحة وإيصالها إلى المتمردين، بخاصة منذ الحرب الرابعة العام 2008، وما تلاها حتى الحرب السادسة، بواسطة السفن التي تزايدت أعدادها بما تحمله من وسائل الدمار، والثاني هو التدريبات العسكرية، وهذه التدريبات تمت على مستويين داخلي، أي في اليمن، وخارجي في لبنان على أيدي مدربين تابعين ل"حزب الله" وإيران، على أيدي الحرس الثوري. وخلال السنوات السابقة، وحتى قبل أن يتحالف معهم على أمل العودة إلى السلطة، أعلن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أكثر من مرة أن هناك عمليات تدريب كبيرة تتم لعناصر جماعة الحوثي في لبنان، واتهم صراحة "حزب الله" بالقيام بهذا العمل، إضافة إلى قيام إيران بعمليات تدريب للحوثيين في مناطق إيرانية عدة. وفي عهد صالح أيضاً، تم إلقاء القبض على خلايا تجسسية تعمل لمصلحة إيران، وقضت المحاكم الابتدائية في كل من صنعاء وعدن على عدد من أفراد الخلايا بالسجن لعدة أعوام، قبل أن يقوم الحوثيون بالإفراج عنهم بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2014. في العام 2008 أكد صالح أن هناك دلائل مؤكدة تشير إلى تورط حزب الله في اليمن، ودلل على ذلك بالعثور على العديد من الأشرطة والأفلام الوثائقية والأقراص المدمجة لخطط تدريبية لقادة في حزب الله يتم تداولها على نطاق واسع في صفوف أنصار الحوثي، ويقومون بتطبيقها على نطاق واسع. أكثر من ذلك، وجدت الدولة الكثير من الدلائل التي تؤكد ضلوع إيران في تسليح جماعة الحوثيين، أبرزها تلك الأسلحة التي تم ضبطها على متن سفينتي جيهان 1، وجيهان 2، وعرضت هذه الأسلحة على وسائل الإعلام اليمنية، سواء قبل إطاحة الرئيس السابق علي عبدالله صالح من السلطة، أو بعدها. لا يحتاج الحديث عن تدخل إيراني في اليمن إلى أدلة؛ لأن الأدلة كانت موجودة ومثبتة، ولكن صالح يريد أن يتغاضى عن ذلك نكاية بخصومه، حيث ينفي في مقابلاته الأخيرة أن يكون هناك أي دعم إيراني لحلفائه الحوثيين، وهذا يضرب مواقفه السابقة في مقتل، وتجعله أمام مواطنيه كاذباً حينما كان في سدة السلطة. ما الذي يريده صالح والحوثيون، إذاً، من وراء التحالف مع إيران؟ ماذا يقصد صالح عندما يغطي على الدعم العسكري الإيراني ويحوله إلى دعم إعلامي، لماذا قبل على نفسه أن يكون رهينة لأهوائه ومصالحه الشخصية عندما وصلت النار إلى حظيرته، وحظيرة حزبه؟ من المؤكد أن إيران لم تغير موقفها تجاه وكلائها في اليمن، لكنها وجدت أيضاً من يتحملون وزر ما تقوم به من تخريب ليكونوا وكلاء إضافيين لعملياتها التخريبية في اليمن، ويقبلون ان تتحول البلاد إلى ساحة صراع لتدخلات خارجية ستكون مسألة إطالتها عاملاً من عوامل تدمير اليمن برمته. Sadeqnasher8@gmail.com