فتاة تقفز بمظلة من طائرة، من ارتفاع عشرات الكيلومترات، وأخرى تمارس رياضات خطرة واستثنائية، وثالثة تمارس رياضة المبارزة بالسيف، وغيرهن يشاركن في سباق السيارات والدراجات النارية. إنهن فتيات خرجن عن المألوف وجازفن لخوض غمار المغامرات وتخلين عن الألعاب والأنشطة الاعتيادية التي لا تحتاج إلى جهود بدنية وقوة جسمانية كبيرة، ولم يمنعهن كونهن إناثاً من ممارسة هواياتهن ورياضاتهن المفضلة، بل حققن فيها تفوقاً ونجاحاً كبيرين، وفرضن أنفسهن في كثير من الأنشطة والمجالات التي كانت حكراً في يوم ما على الرجال. العنود مبروك السعدي، لاعبة مبارزة بالسيف (22 سنة)، تقول: بدأت ممارسة لعبة المبارزة بالسيف رسمياً في سن 19 عاماً، لكن كانت لي فكرة أساسية عن اللعبة بعمر 12 سنة، وساعدني التحاقي بنادي سيدات الشارقة وتعاون المدربة ريهام حسين وشريف محمود مدرب منتخب الإمارات لسيف المبارزة. وتضيف: استطعت تنمية مهاراتي والاستفادة من قدراتي بالمحافظة على مستوى لياقة مرتفع، مع الاستمرار بالدروس مع المدرب واللعب والاحتكاك مع لاعبين آخرين من مختلف المستويات، وكنت أتدرب 3 أيام في الأسبوع، وكل هذا بدعم قوي من أفراد عائلتي وأصدقائي وزملائي وزميلاتي في العمل. ترى السعدي أن رياضة المبارزة بالسيف لا تختلف كثيراً عن الرياضات التنافسية، فهي لعبة ذات مذاق مختلف، تتطلب حضوراً ذهنياً وبدنياً، لذلك فهي ممتعة بالنسبة لها أكثر من الألعاب الأخرى، فضلاً عن كونها لعبة تشويقية ومنظمة، وتحتاج إلى توافق عضلي وعصبي، ومن يجربها يعشقها من أول مرة، كما أن منافساتها تنقسم لثلاثة أنواع تبعاً لنوع السلاح المستخدم، إما فلوريه (سلاح الشيش)، أو الإيبيه (سيف المبارزة)، أو السابر (السيف العربي)، ولكل سلاح قوانين مختلفة في رصد النقاط. وتؤكد أنها لا تشعر بأي إحراج، كونها تمارس لعبة يختص بها الرجال، مضيفة: الرياضات التنافسية مصدر فخر لممارسيها نساءً ورجالاً، فالمرأة قادرة على الإنجاز والمنافسة في الرياضة، ما دامت إرادتها موجودة، وهي في بادئ الأمر وفي نهايته ستنافس نساءً مثلها، ما يعني أن هناك تكافؤاً في التنافسية، وفي رأيي إذا استطاعت امرأة واحدة إتقان الرياضة، فكل النساء قادرات على فعل نفس الشيء، وفكرة أن الرياضة حكرٌ على الشباب ليس لها أي أساس من الصحة. وعن قدرتها على إقناع والديها بممارسة رياضة تبدو شبابية أكثر منها نسائية، تقول: والداي داعمان لي ولإخوتي في كل الأمور التي تعود علينا بالاستفادة في بناء الذات وتطويرها والاعتماد على النفس، ولم أجد الصعوبة في إقناعهما، خصوصاً أن عائلتي تحب الرياضة بشكل عام ولي أخوة رياضيون. وتؤكد أن أهم ما منحته هذه الرياضة لها كان إتاحة الفرصة لتمثيل الدولة، فضلاً عن الحفاظ على صحتي الجسمانية والنفسية، والتخلص من الطاقة السلبية، وكسر الروتين في حياتها بالسفر إلى المعسكرات والبطولات الخارجية، واكتساب خبرات عديدة، وفتح أبواب التعارف والتواصل الاجتماعي مع مختلف الجنسيات والأقطاب. وتسعى السعدي إلى تمثيل الدولة في المحافل الخارجية، وإحراز ميداليات باسم الإمارات، إلى جانب الانخراط في السلك التحكيمي للمبارزة في المستقبل أيضا، لذا تحرص على أخذ الدورات التدريبية. شيخة عتيق (21 سنة) تهوى القفز بالمظلات، منذ صغرها. موهبتها بدأت في عام 2012م، وساعدتها عزيمتها وإصرارها في البداية على الاستمرار. تقول: لم يمنعني خوف أهلي الشديد ورفضهم في البداية، ولكن بالتنسيق بين الدراسة والرياضة استطعت المشاركة في عدة بطولات، ففي هذه الرياضة اختلاف كبير، فهي كما يعتبرها البعض حكراً على الرجال، ويندر العنصر النسائي بها، لكنني لا أشعر بأي إحراج عند ممارستها، فالنجاح في أن تثبت الفتاة نفسها بأخلاقها في كل الميادين، وأرى أن أسباب نجاحي هي شغفي وإصراري الدائم واقتناعي بأنه لا توجد رياضة بلا مخاطر، وتزيد من جرأتي وشجاعتي. وتضيف: أحلم بممارسة القفز بالمظلات في جميع دول العالم، وأن أمثل بلدي في المحافل الدولية، كما أنوي أن أكون مدربة في المجال نفسه تشجيعاً للفتيات على ذلك. لم يمنع صغر سن نورة حسن المازمي، والطالبة بالصف الثاني عشر، من الالتحاق بفريق المنتخب بنادي سيدات الشارقة لرياضة تنس الطاولة. تقول المازمي (17 عاماً): شجعني أهلي منذ الصغر على المشاركة في رياضة معينة، حتى أفرغ فيها طاقاتي واستثمر وقتي، وكانت بداية نشاطاتي في نادي الشطرنج بالشارقة، وكنت في المرحلة الابتدائية. وتضيف: كنت الوحيدة بين الأسرة التي انتسبت إلى نادٍ، وحققت إنجازات أتمنى أن أستمر في ممارستها، وأصل للاحتراف على المستوى العالمي، فرياضة تنس الطاولة تعتمد على استثمار الجانب العقلي والفكري. وتشير إلى أنه أثناء اشتراكها في النشاط الصيفي الذي ينظمه نادي السيدات، استقطبتها لي هوان، مدربة فريق تنس الطاولة، وبعد تشجيع أهلها تدرجت سريعاً في فريق المنتخب، وبدأت رحلتها مع تلك الرياضة، وخلال 4 سنوات شاركت في مباريات داخلية وخارجية. وتضيف: حصلت على عدة ميداليات خليجية وعربية وآسيوية، وحققت الذهبية في مباراة داخلية وأسعى لرفع اسم إمارة الشارقة في المحافل الرياضية، وهذا النجاح ثمرة تدريبات يومية وأسبوعية ومعسكرات داخلية وتشجيع للوالدين والأهل. وتأمل المازمي أن تحظى تلك الرياضة بأهمية بين الفتيات، فهي تجمع بين الجانبين الفكري والحركي، وأن تكثر عدد الأندية لكي تكون هناك منافسة نسائية أقوى داخل الدولة. وتقول أماني خالد دنهش (28 سنة): حبي المغامرات والرياضات الصعبة بدأ مبكراً، ففي عمر التاسعة ربحت بطولة في كرة الطاولة وأكملت التمارين الرياضية وفزت ب 14 بطولة، وفي السابعة عشر انتقلت من الرياضة البدنية إلى رياضة السيارات، فأنا محبة للمخاطرة والمجازفة، واشتركت في رالي صغير بلبنان ثم انتقلت إلى دبي وبدأت ممارسة ركوب الدراجات النارية. وعلى الرغم من أنها رياضات تعتبر رجالية، فإن تلك الفكرة لم تقنعها، وتقول: هناك من البنات من تقود طائرات، ومنهن أبطال سباق سيارات، فالقيادة بشكل منتظم وبوقت طويل تساعد على تنمية مهارتك والوعي والإدراك وترقب الطرقات بطريقة دقيقة. وترى دنهش أن أهم ما يميزها الشجاعة والثقة بالنفس، وأنها استفادت من تشجيع الوالدين والأصدقاء في الاستمرار في ممارسة هواية ركوب الدراجات النارية، وتضيف: صحيح اعتمد هذه الهواية من باب الترفيه إلا أني أطمح إلى أن أكون مدربة دولية، مشيرة إلى أنه لا يوجد وقت محدد لممارسة هذه الرياضة، فهي أحياناً تذهب إلى العمل بدراجتها، وفي العطلات تستغني عن السيارة وتقود دراجتها النارية لساعات طوال.