يتيح المخرج الفلسطيني الشاب أمير نزار زعبي للجمهور استخدام خياله في فهم المشاهد الصامتة التي يقدمها في عمله الجديد «وحل» لبعض ما يجري في العالم على وقع عزف الموسيقي فرج سليمان. وشارك في تقديم «وحل» على خشبة مسرح قصر الثقافة في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 11 ممثلاً وممثلة وأربع مغنيات بمناسبة الإعلان عن أسماء الفائزين بمسابقة مؤسسة عبد المحسن القطان للكاتب الشاب لعام 2015 في مجالات الرواية والشعر والقصة القصيرة. ويبدأ العرض الذي يمتد على مدار ساعة بأم تضع طفلتها الصغيرة على سريرها لتبدأ بمشاهدة كوابيس تعكس ما يجري في بعض الدول العربية من قتل وتهجير في ظل الحروب المشتعلة فيها. وقال زعبي بعد العرض: «تبلورت فكرة العرض، لدى تعبيرنا عن انفسنا، في لحظة وجودية غريبة للعالم العربي». وأضاف «عادة ما يكتب فرج سليمان الموسيقى للمسرحيات التي أخرجها ولكن هذه المرة أنا أخرجت المسرحية للموسيقى التي لحنها». وتنتقل مشاهد العمل الفني الذي يعرض على قطعة مستطيلة أرضيتها من حجارة بيضاء كأنها شريط ذكريات يمر بصمت. ويقدم العرض في البداية صورة لحياة عادية تعيشها أسرة تتمثل في شاب وفتاة يبدو وكأنهما ينظفان أسنانهما وامرأة تضع المساحيق على وجها ورجل يشرب قهوته يمران في هذا الشريط بصمت. ولتبدأ بعد ذلك المشاهد الأكثر إيلاماً بظهور شبان يحملون سكاكين وآخرين يحملون قنابل حارقة وآخر يحمل مجسماً لبندقية يقوم بتنظيفها وقوات مكافحة شغب كلها تسير في هذا المستطيل في صمت. ولا يكسر حركة الممثلين الصامتة كأنها شريط سينمائي على خشبة المسرح، سوى عزف سليمان على البيانو بمرافقة أربع مغنيات تصدح أصواتهن ممزوجة مع الألحان والمؤثرات الصوتية من دون كلمات. ويستمر الشريط في عرض مشاهد تعكس بعض ما يجري في عالمنا العربي شبان ببدلات برتقالية كتلك التي يرتدونها قبل حكم الإعدام يجرون على الأرض وأناس يسيرون على غير هدى يحملون بعض أمتعتهم وجنود يلبسون رؤوس دببة وفتاة صغيرة تجر لعبتها. ويرى زعبي أن «هذه التشبيهات هي خلطة من الواقع والخيال تركيبة الخيال البشري في شكل مش طبيعي ممكن تتخيل أي شي مثل رأس جندي يتحول لرأس دب». وأضاف: «كل واحد من هذه المشاهد له أكثر من معنى وكل واحد من الجمهور يبحبش في راسه كيف يمكن أن يؤثر فيه العرض». وعن اختياره اسم العرض قال زعبي «وحل هو ما نشعر به يومياً، حين نفتح أعيننا ونفكر في ما يحصل بعالمنا العربي». ويتفق سليمان مع زعبي في وصفه ما يجري في العالم العربي ويقول: «العمل وحل عن عالم عربي يغوص في الوحل... عن بلد موحلة الناس موحلة سياسياً اقتصادياً هذه هي فكرة الوحل». وأضاف أن العرض «مشاهد وصور من العالم العربي لما يجري في سورية والعراق وغيرهما من الدول العربية». ويرى فرج أن المخرج زعبي «نجح في ترجمة المقطوعة الموسيقية التي هي عبارة عن خلطة من الموسيقى العربية والكلاسيكية والحديثة تمتد ساعة، إلى صور تمثيلية سارت بتناسق مع الشريط الموسيقي». ويوضح أنه يمكن وصف العرض بأنه «كونسيرت (حفلة موسيقية) بصري». وتصف إيمان عون المخرجة والممثلة العمل بأنه جميل وقالت إنه «كان وجبة سمعية بصرية دسمة تحاكي الوجدان والفكر»، مضيفة أن العرض «محاولة استنطاق النغمة بصرياً عبر صور جميلة ومعبرة». ويشير المخرج الفلسطيني إدوارد معلــم الذي حضر العرض إلى أن «عازف البيانو كان مبدعاً أما الأداء الغنائي فكان مزعجاً بعض الشيء لأنه كان روتينيـــاً طيلة العرض أما في ما يتعلق بالصــــور الخلفية فقد كانت جميلة جداً وكأنها لوحات لفنان تشكيلي».