تعددت الكتابات والمطالبات حول أهمية الحرص على تربية النشء وتحصين أبنائنا ضد ما يفسد أخلاقهم ويغذي فكرهم بأخلاقيات وصفات بعيدة كل البعد عن تربيتنا الدينية، وترابطنا الاجتماعي ولحمتنا الوطنية. كل نتائج الدراسات التي أجريت من المؤسسات الأكاديمية أو الباحثين وتركزت حول تأثر الأطفال بما يشاهدون على الشاشة، أكدت بجلاء ووضوح هذا التأثير على سلوكهم وأقوالهم وأفعالهم. أحد الأطفال خلال سلامه على سمو ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وهو يقدم العزاء والمواساة في شهداء الواجب، قال للأمير عندما سأله عن ماذا يريد أن يصبح في المستقبل، قال إنه يريد أن يكون (حرامي سيارات). هذه العبارة وحدها خير شاهد على إيضاح إلى أي حد وصل تأثير الألعاب الإلكترونية على أطفالنا وجعلهم يرون في من يقوم بأدوار البطولة فيها مثلهم الأعلى. (حرامي السيارات) أو كما يكتب على الأغلفة ( Grand Theft Auto ) هي إحدى الألعاب الإلكترونية التي تقوم على الجريمة وسرقة السيارات والهروب من الشرطة التي تلاحق اللصوص والمخالفين لأنظمة السلامة. وقد بدأت هذه اللعبة عام 2004 وتوالت إصداراتها ومراحل تطويرها إلى اليوم. (حرامي السيارات) في إصداراتها الأخيرة لم يعد الهدف منها سرقة سيارة فقط والهروب من ملاحقة الشرطة وإنما تمت إضافة مغامرات وجرائم بما في ذلك الممارسات الجنسية بالإكراه في إطار مغامرات اللعبة ومن يستحق الفوز من المشاركين، وكلما ازدادت معدلات الجريمة زادت النقاط وفرص التأهل للفوز. في مثل حالة الطفل الذي تشبع بألعاب الفيديو وتقمص شخصياتها لا بد لنا من وقفة تأمل وطرح تساؤلات عن : لماذا يحدث هذا التشبع ؟ ومن المسؤول ؟ الجواب هنا لا يحتاج إلى عصف ذهني أو طرح احتمالات. بطبيعة الحال المسؤولية تكاد تكون مشتركة بين الأسرة والمدرسة ويضاف إليهما الجهات الرقابية في عدد من القطاعات. وعلى الرغم من أن هذه اللعبة وغيرها ممنوعة من الدخول للمملكة إلا أنه يمكن الحصول عليها خفية أو عن طريق تحميلها من بعض المواقع. الداء مستشرٍ في مجتمعاتنا وأخذ الحيطة والحذر مطلب يقع على عاتق الجميع، واختراق المجتمعات من قبل الأعداء والحاقدين لا يمكن التكهن بمداه ولا وسائله. وسائل الإعلام والألعاب الالكترونية تأتي في قائمة الخيارات المتاحة للوصول إلى قائمة الكثير من الممنوعات التي تقع بين أيدى أطفالنا. هنا قد يبيع البعض ضميره أمام الإغراءات المادية وينظر إلى المردود المادي من وراء تجارة ترويج مثل هذه المنتجات الضارة ضارباً عرض الحائط بكل ما فيه ضرر المجتمع بكل فئاته. hazzaa81@hotmail.com