×
محافظة المنطقة الشرقية

التربية الخاصة تنمي مهارات طلابها في «جنادرية 30»

صورة الخبر

هل يكون إصدار جنيه جديد بقيمة 10 جنيهات بدلاً من الحالي حلاً لمواجهة استمرار تدهوره في السوق؟ سؤال بات ملحًا في السوق المصرية، بعد الهبوط المتتالي لسعر صرف العملة المصرية، لتصل لأدنى مستوى في تاريخها أمام العملة الأمريكية. هذه الخطة فعلها الجنرال ديجول بعد عودته إلى السلطة في 1958، حيث أصدر فرنكًا جديدًا يعادل 100 فرنك قديم ليبدأ عصرًا جديدًا من المسئولية النقدية بحماية قيمة العملة لتستعيد فرنسا الثقة في اقتصادها. ألمانيا فعلت نفس الشيء بعد التضخم العظيم الذي أعقب الحرب العالمية الأولى، حيث تدهور اقتصادها بعد دفع تعويضات كبيرة فرضتها البلدان المنتصرة على برلين، وحدث تدهور سريع في قيمة العملة وقوتها الشرائية وكذلك ضياع ثقة الناس فيها. كما استبدلت إسرائيل الشيكل بآخر جديد بعد تدهور قيمته في عام 1986، ليصبح الشيكل الجديد مساويًا لألف من القديم. البرازيل هي الأخرى قامت بتعديل العملة بعدة تغييرات وتقلبات في الاقتصاد من (ريئس ،كروزيرو، كروزيرو نوفو، كروزادو، كروزادو نوفو ومن ثم كروزيرو وكروزيروريال) حتى اعتمد البنك المركزي العملة الحالية ريال 1994 لنهاية التقلبات الاقتصادية في البلاد، وبدأ استعمال العملة بشكل رسمي في فترة الرئيس إتمار فرنكو. الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، رفض ذلك المقترح بشدة، موضحًا أنه قد يوحي بأن مصر تعاني من إفلاس، وبالتالي تهز الثقة في الاقتصاد المصري، وعدم التعامل تمامًا بالجنيه المصري ويؤثر في الاستثمارات ويجب أن نفكر في الحل الصحيح وليس التحايل على الحل الأصلي. وأضاف أن الحل الأصلي يكمن في زيادة المعروض من الدولارات ومصادره معروفة تتمثل في الاستثمارات الأجنبية والسياحة والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج، وبخلاف ذلك لن يؤدي لنتيجة وسيؤدي لاستمرار الأزمة. لافتًا إلى أن الفترة الماضية شهدت محاولات كثيرة من البنك المركزي للسيطرة على الدولار وباءت بالفشل لأننا نركز كيف نحجم الطلب ولا نركز على الأصل وهو زيادة المعروض من الدولار. الدكتورة سلوي العنتري، الخبيرة الاقتصادية ورئيس قطاع البحوث الأسبق بالبنك الأهلي، ترى أن الأزمة حاليًا تتمثل في عدم توافر نقد أجنبي يكفي احتياجاتنا، فالسياسات الاقتصادية عبر العقود الماضية جعلت مصر اقتصادًا معتمدًا على الخارج والاستيراد، وما نصدره ما يقدره للعام الخارجي لا يكفي لسداد ما نستورده، وبالتالي الحل ليس في سعر الدولار ولكن العبرة بأن ما نصدره من سلع وخدمات لنا يكفي احتياجاتنا من النقد الأجنبي. وقالت إن العبرة بإمكانيات الاقتصاد الحقيقية، والحكومة اتخذت خطوات في الاتجاه الصحيح بترشيد الاستيراد من الخارج للواردات التي لا تخص القاعدة العريضة من الناس ويقابل ذلك خلق قدرة إنتاجية لتغطية احتياجاتنا بما يحقق التوازن، فنحن على مدار عقود نعيش حالة السباق في سعر صرف الدولار. وأضافت أن فترة الثمانينات.شهدت 3 أسعار رسمية أو ما أطلق عليه 3 مجمعات كل منها له موارده واستخداماته، ورغم ذلك ظلت السوق السوداء تتصاعد، وبالتالي الحل ليس في قضية وضع سعر إداري، ولكن في إمكانيات الاقتصاد والقدرة على الإنتاج. ولفتت إلى أن هناك حربا شعواء يقوم بها المستوردون على الحكومة، موضحة أن أولئك المستوردين يحققون أرباحًا بالمليارات، ويسعون لإجبار البنك المركزي على تخفيض سعر الجنيه الرسمي، ويحصلون على الدولار بالسوق السوداء بأي سعر لأنهم في النهاية سيحملون الفرق للمستهلك النهائي، الأمر الذي يضر بالأخير وينتقل للموازنة العامة للدولة ويزيد من عجزها. وحذرت من أن رجال أعمال كبارا يسعون من وراء ذلك لتنحية المشروعات الصغيرة التي لا تستطيع توفير مستلزمات إنتاجها بالأسعار المرتفعة مما يخل بقواعد المنافسة في السوق. الدكتور حازم الببلاوي رئيس وزراء مصر الأسبق كان من أول المنادين بتلك الخطوة، موضحًا أن تراكمات حكومات ما قبل الثورة أدت لاستمرار تدهور قيمة الجنيه وقوته الشرائية سنة بعد أخرى حتى كاد يعادل القرش صاغ القديم. ولذلك يجب أن نتساءل: لماذا لانستبدل بالجنيه المصري “الغلبان” إصدار جنيه مصري جديد ومحترم، يعادل مائة جنيه قديم؟. وبقول، في كتاباته، إن قصة ضمور قيمة الجنيه أو ارتفاع الأسعار هي ما يطلق عليه ـ عند الاقتصاديين ـ التضخم، وهي قصة الإدارة الاقتصادية المصرية، أو بالأحرى سوء هذه الإدارة. وقد صاحب التضخم أوضاع الاقتصاد المصري خلال الثلاثين أوالأربعين عاماً الماضية بدرجات متفاوتة، ولن ألجأ هنا إلى الإحصاءات المنشودة، وأكتفي بسرد مراحل ارتفاع الأسعار كما عايشتها خلال نصف القرن المنصرم. وأضاف أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وماشاهدته من ارتفاع كبير في الأسعارـ وإن في ظل نظام الأسعار الجبرية للسلع الأساسية والتوزيع بالبطاقات ـ عادت الأسعار للاستقرار بعد الحرب طوال الخمسينات، وعرفت مصر أول موجة لارتفاع الأسعار في بداية الستينات مع انخفاض محصول القطن في 1962 ثم جاءت الحرب في اليمن ثم قطع المعونة الأمريكية في 1964، وفي أثر حرب 1967، ورغم ما ترتب عليها من آثار مدمرة على الاقتصاد المصري (إغلاق القناة، فقدان آبار البترول، تهجير سكان القناة). فقد حرصت الحكومة ـ لتهدئة المشاعر الشعبية ـ على ضمان استقرار الأسعار وتوفير السلع الاستهلاكية، وتوسعت الحكومة آنذاك في استيراد المواد الغذائية من دول الكتلة الشرقية مع طرحها في الأسواق بأسعار معقولة، ولذلك لم يترتب على حرب 1967 ارتفاع ملحوظ في الأسعار، وإنما انعكست آثار هذه الحرب على انخفاض الاستثمارات وتراجع أعمال الصيانة للمنشآت العامة. فالحكومة كانت بالغة الحساسية لعدم إثارة الجماهير بارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وكانت النتيجة استقرارا نسبيا في أسعار هذه السلع مع تدهور في الاستثمار. واستمرت الأحوال على نفس المنوال حتى منتصف السبعينات حيث تدفقت الأموال (العربية) وفتح باب الاستيراد مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وبوجه خاص في أسعار أراضي البناء. وفي النصف الثاني من الثمانينات مع بداية حكومة عاطف صدقي عرفت مصر أوضاعاً اقتصادية متردية حيث بلغ العجز في الموازنة ما يقرب من 20% من الناتج الإجمالي، وهو من أعلى المعدلات المعروفة عالميًا، وجاوز معدل التضخم السنوي 18%، وارتفع حجم الدين الخارجي ليجاوز 50 مليار دولار، وعجزت الحكومة ـ في ذلك الوقت ـ عن تسديد الديون الخارجية. وجاءت حرب الخليج الأولى مع غزو العراق للكويت، وتدخل مصر ـ وسوريا ـ إلى جانب القوات الأمريكية وحلفائها، مما أدى إلى مكافأة مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي في برنامج للتثبيت النقدي، مقابل إلغاء نصف الديون العامة الخارجية (أكثر من عشرين مليار دولار). كما تنازلت الدول العربية عن ودائعها بمصر (حوالي 7 مليارات دولار) وأعفت الولايات المتحدة مصر من ديونها العسكرية (7 مليارات دولار)، فضلاً عما تدفق من معونات ومنح عربية(أكثر من 3 مليارات دولار). وهكذا بدأ نوع من الازدهار الاقتصادي في بداية التسعينات في النصف الثاني من فترة عاطف صدقي. وفي النصف الثاني من التسعينات جاءت حكومة الجنزوري ومعها إحياء التفكير في المشروعات الكبرى ـ في مقدمتها توشكي – مع تأخر الحكومة في دفع مستحقات شركات المقاولات، ثم توسعت البنوك في إقراض العملاء بقروض بمئات الملايين. وبدأت بذور أزمة البنوك والتي انفجرت في وقت لاحق عند تعثر الكثيرين من هؤلاء العملاء، ومع حكومة عاطف عبيد توسعت الحكومة في مسيرة الخصخصة، وبدأت تظهر طبقة جديدة من الأثرياء الجدد والتوسع في بيع أراضي الدولة لهم ولغيرهم، مع قرارات عشوائية في سياسة أسعار الصرف، وبدأت تستشري في نفس الوقت فوضى الأجور والمرتبات. وهكذا استمر ارتفاع الأسعار ولم يقتصر ذلك على السلع الاستهلاكية بل تزايدت المضاربات على الأراضي والعقارات، وإلى حد كبير في أسواق الأوراق المالية كذلك، ومع حكومة نظيف تحققت بعض الإصلاحات المالية في مجال الرسوم الجمركية وضرائب الدخل، ومع ذلك استمر العجز في الموازنة مع تزايد حجم الدين المحلي، واشتعال أسعار الأراضي والعقارات، وتقنين فوضى الأجور والمرتبات.