جاءت فكرة إنشاء مطار في مدينة الرياض في عهد الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه -وذلك حينما تلقى جلالته طائرة من طراز دي سي 3 (داكوتا) ذات محركين هدية من قبل رئيس الولايات المتحدة الأميركية آنذاك (فرانكلين دي روزفيلت) بعد اجتماعهم التاريخي بقناة السويس في 14 فبراير 1945م، وأول مرة ركب فيها الملك عبدالعزيز الطائرة كانت في رحلة من عفيف إلى الحوية في الطائف في شوال من عام 1364 ه / أكتوبر 1945، وظلت هذه الطائرة تستخدم في الرحلات بين الرياض وجدة والظهران لحمل الركاب والشحن، فما كان من جلالته إلا أن طلب بعد أشهر قليلة شراء طائرتين أخريين من نفس الطراز حيث شكلت هذه الطائرات الثلاث نواة لواحدة من كبريات شركات الطيران في العالم، وتم الشروع في بناء مطار في مدينة الرياض في مكان بعيد عن الأحياء السكنية في ذلك الوقت، وتم الانتهاء من بناء المطار عام 1366 ه وهو العام الذي شهد انطلاقة الطائرات في جوها ولأول مرة سمع سكان الرياض دوي صوت الطائرات المزمجر وهي تقلع وتحط في المطار الذي كان يقع في حي الملز كما ذكر ذلك (وليام فيسي) في كتابه (الرياض المدينة القديمة) حيث ان الطائرات في بداية تحليقها فوق سماء الرياض كانت تهبط في حي الملز الذي لم يُعرف قبل بناء مطار الملك عبدالعزيز، وذلك حين قال: عقد اتفاق مع شركة (TWA) في سنة 1946م لتوفير طيارين والخدمات المساندة لها، وهكذا كانت ولادة الخطوط الجوية الحكومية السعودية. أمر المؤسس بإنشائه لخدمة الأهالي وفي العام 1366ه سمع سكان الرياض أول طائرة تحلق في سماء المدينة مطار الرياض القديم افتتح المطار عام 1946م ووصلت أول طائرة للمطار وهي (دوغلاس دي سي 3) إذ أرسل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في ذلك العام رسالة للرئيس هاري ترومان لشراء ثلاث طائرات من نفس الطراز ووصلت عام 1947م ليبدأ مطار الرياض الدولي خدمته للمسافرين فقد تم في ذلك العام نقل حوالي 4500 مسافر وازداد في عام 1948م إلى 6300 مسافر وإلى 7400 مسافر عام 1949م وتم افتتاح خمس وجهات كل عام وفي عام 1950م وصل عدد الركاب إلى 8000 مسافر وأصبح عدد الركاب عام 1951م 8700 مسافر ولكن قل العدد في عام 1952م فأصبح عدد الركاب إلى 2300 مسافر والسبب هو مرض الحصبة الذي انتشر في المملكة في الخمسينيات ولكن عندما تم افتتاح المستوصفات عاد التوازن وكان المسافرون في عام 1954م بحاجة إلى توسعة المطار وازداد الركاب بشكل أكبر وأسرع فأصبح في عام 1953م 3600 مسافر و5900 مسافر في عام 1954م فأنشأ الملك سعود أهداف التوسعة ووضع حجر الأساس في عام 1956م وبدأت التوسعة وقرر افتتاح صالتين جديدتين وهما صالتا الاستقبال والمغادرة ومساحة المطار الكلي (9300م مربع) وانتهت التوسعة عام 1962م حيث رعى الافتتاح الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وازداد عدد الركاب في عام 1963م فأصبح 6400 راكب وازداد إلى 8500 راكب وفي عام 1964م ثم ازداد العدد إلى 9200 راكب في عام 1965م، واستمرت الزيادة في أعداد الركاب وكان المطار يحتوي على صالتين احداهما الصالة الملكية والأخرى صالة المسافرين. خدمات الحجز والتذاكر كانت بداية المطار والخدمات المقدمة للمسافرين بسيطة في ذلك الوقت حيث كان الحجز للسفر يتم يدوياً حيث تصرف التذاكر للمسافرين ويتم تطبيق جوازات السفر للمسافرين دولياً في كاونترات قليلة إذ لم يكن هناك زحام يذكر في بداية افتتاح المطار، كما كان التفتيش للأمتعة يتم في لحظات وكذلك التختيم للجوازات حيث تختم في ثوان ولا تحتاج إلى فيزا للدخول أو الخروج، وعند وقت الإقلاع كان المسافرون يتوجهون إلى الطائرة سيراً على الأقدام ومن ثم يمتطون سلم الطائرة ويستقرون داخلها حيث تقلع إلى وجهتها، وبنفس الطريقة كان المطار يستقبل الطائرات القادمة، وقد نشطت الحركة التجارية حول المطار ووجد أصحاب سيارات الأجرة العديد من الفرص لزيادة دخلهم حيث باتوا يتواجدون بالقرب من المطار لحمل الركاب من المطار إلى الرياض والعكس، إضافة إلى توسع المباني ونشأة الأحياء الجديدة خارج الرياض والامتداد العمراني السريع نحو المطار، ففي سنوات قليلة صار المطار قريباً من الأحياء السكنية التي ظهرت حديثاً كحي الملز والذي يعود السبب في تسميته الى أنه كان (ملزاً) للخيل، وإلاّ فقد سمي في بداياته بالبحر الأحمر وذلك للأرض السبخة التي كانت تقع في مكان النادي الأدبي حالياً وحديقة الملز بين شارع صلاح الدين الأيوبي وشارع الجامعة، وقد كان حي الملز من بين أحياء مدينة الرياض تميزاً في مكانه وسكانه وخدماته ومرافقه، فقد كانت نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية تمثّل حضارة هذا الحي المأنوس بعد أن بدأت ملامح عمرانه في منتصف السبعينيات الهجرية، ممثلة بإنشاء مقار ومبانٍ لمعظم الوزارات والهيئات والمرافق الحكومية في شارع الملك عبدالعزيز بعد إنشاء المطار، وفندق صحاري، وجامعة الملك سعود. مطار الملك خالد الدولي وبعد التوسع الكبير الذي شهدته الرياض ووصول العمران إلى مطارها الدولي الذي بني في عام 1366 ه وبات موقعه بين الأحياء بعد أن كان بعيداً عنها فقد تم بناء مطار جديد بديلاً عنه يبعد عن الرياض حوالي 35 كيلو مترا، وهو مركز نظام النقل الجوي الوطني والذي قام بتصميمه المكتب الأميركي للهندسة المعمارية (هلموت أوباتا وكاساباوم) وافتتح في 1983م ليكون أكبر مطار في العالم من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحة أرض المطار حوالي 225 كيلومترا مربعا، ويحمل المطار اسم مطار الملك خالد، ويحتوي هذا المطار على أربع صالات حيث تشمل على صالتين داخليتين (صالة واحدة فقط تعمل حالياً والأخرى فارغة وغير مكملة للاستخدام المستقبلي) وصالتين دوليتين متصلة عن طريق أربعة مبان موصلة وكل من هذه الصالات ثلاثية التخطيط أي ذات قاعدة مثلثة الشكل ومساحة أرضيتها 47.500 متراً مربعاً تقريباً، فالصالة الأولى (TR-1) تخدم شركات الطيران العالمية (غير السعودية) والصالة الثانية(TR-2) تخدم المسافرين على الرحلات الدولية على الناقل الوطني الخطوط الجوية العربية السعودية وطيران ناس، والصالة الثالثة (TR-3) تخدم المسافرين على الرحلات الداخلية على الخطوط الجوية العربية السعودية وطيران ناس، إضافة إلى الصالة الرابعة المغلقة منذ افتتاح المطار (TR-4) والتي سوف يتم تأهيلها للعمل في خطة التوسعة القادمة، ويصل طول كل مبنى من المباني الموصلة بين الصالات إلى 168م ومساحته التقريبية 25000 متراً مربعاً وتحتوي المباني على مسارات متحركة ومطاعم ومقاصف ومكاتب لشركات الطيران والجهات الحكومية وأسواق تجارية، كما يوجد مقابل الصالات مواقف عامة للسيارات من ثلاثة طوابق، ويتسع لحوالي 8000 سيارة بالإضافة إلى 3600 سيارة فوق السطح، كما يحتوي المطار على الصالة الملكية وهي الصالة المخصصة للاستقبالات الملكية والرسمية للدولة وتقع الصالة الملكية في الطرف الجنوبي من المطار ومساحته الكلية حوالي 28500 م2 وتوجد ساحة المراسم بين الجناح الملكي والمسجد والتي عرضها 1250 وطولها حوالي 400 متر كما تحتوي ايضاً على 12 موقفا للطائرات، أما صالة الطيران الخاص فهي الصالة المخصصة لاستقبال الطائرات المملوكة من قبل المؤسسات والأفراد حيث يتم خدمتهم وتقديم الدعم للطائرات التي يصل عددها إلى حوالي 50 أو أكثر. تطوير مستمر يجري العمل حالياً على توسعة وتحديث صالات الركاب في المطار على عدة مراحل حيث يتوقع الانتهاء من المشروع بشكل نهائي في عام 2038 م وبطاقة استيعابية تبلغ 47 مليون مسافر، فالمرحلة الأولى للتوسعة والتحديث تشمل بناء صالة الركاب رقم 5 الجديدة بطاقة استيعابية تبلغ 12 مليون مسافر يُتوقع أن يتم الانتهاء منها في 2016م ويتبع ذلك إعادة تأهيل وتحديث الصالات رقم 4 و 3 ثم الصالات 2 و 1 لتصبح السعة الإجمالية للمرحلة الأولى 35,5 مليون مسافر بنهاية عام 2020 م وسيتبع ذلك توسعة الصالتين 3 و 4 لتتسع ل 17.5 مليون مسافر داخلي ودولي، وذلك بخلاف الصالة 5 الجاري إنشاؤها والصالتين الحاليتين رقم 1 و 2 لتصبح سعة المطار 35.5 مليون مسافر خلال المرحلة الأولى من التوسعة المزمع إنهاؤها خلال خمسة سنوات لينتهي هذا التطوير في نهاية 2017م. قاعدة الملك سلمان الجوية وبعد أن تم نقل مطار الرياض القديم إلى المطار الجديد والحديث والذي أطلق عليه مسمى مطار الملك خالد الدولي تم تحويل المطار القديم إلى قاعدة جوية تجرى فيها عمليات تدريب الطيارين العسكريين على طائرات (السونا) والتي تحلق بارتفاعات منخفضة، كما بات هذا المطار والقاعدة الجوية مطاراً لاستخدامات الدولة الرسمية حيث يتم فيه استقبال ضيوف الدولة من ملوك ورؤساء الدول إضافة إلى استخدامه لهبوط بعض طيران الاخلاء الطبي وبعض الطلعات المختلفة لطيران النقل، وأطلق عليه مؤخرا مطار قاعدة الملك سلمان الجوية، ونظراً لوقوع هذا المطار القديم في وسط مدينة الرياض حالياً فقد تم شق طرق نفقيه تخترقه لتسهيل الحركة المرورية في الرياض، ورغم انتقال المطار الذي كان الناس يرتادونه لعشرات السنين للسفر واستقبال المسافرين إلى مطار الملك خالد الدولي إلا أن الذكرى ما زالت عالقة في أذهان كثير من الناس خصوصاً من كبار السن الذين لا يزالون يحملون في ذاكرتهم الكثير من الذكريات الجميلة خلال سفرهم من خلاله إلى شتى مناطق المملكة والعالم، بل إن البعض لا يزال يطلق على الشارع الموجود بالقرب منه مسمى طريق المطار القديم في إشارة تعلقهم بذلك الماضي الجميل الذي عاشوا أجمل أيامه.