لفت نظري بيان أصدرته هيئة الرقابة والتحقيق، الخميس الماضي، بعد جولاتها المتعددة، عن وجود تسيب في 1194 إدارة حكومية، وتم رصد تأخر وغياب 6623 موظفا وموظفة في مختلف المناطق والمحافظات في أول دوام بعد عيد الفطر المبارك. لن أسأل هنا عن دور وظيفة الرقابة داخل كل وزارة، وهي وظيفة إدارية مهمة من وظائف الإدارة، أية إدارة، يبدو أن الترهل الإداري أصابها ونوعا من اللا مبالاة قد عشعش في أركانها، وهو إحساس يداخلك عند مراجعة أية إدارة حكومية، إذ يخدمك الموظف ــ إن خدمك ــ وكأنه يتصدق عليك، ولا أعمم إنما هذا الأعم الأغلب، وآمل أن أكون مخطئا. غير أن هذا ليس موضوعي اليوم، وإن حام حوله، مفهوم الوظيفة الحكومية يجب أن يتغير في ثقافتنا، الهالة التي تصاحبها وتمظهر البيروقراطية (تعني حكم أو قوة المكتب في الأصل) المسيطر عليها يجب أن تراجع. مزايا وصلاحيات الوظيفة الحكومية يقابلها التزامات وواجبات يجب أن تؤدى، بدون قانون واضح للمحاسبة لا يستقيم الميزان بين المزايا والواجبات، صعوبة فصل الموظف الحكومي ــ على علاتها ــ لا تعني بحال عدم القدرة على محاسبته، وإلا سقط مفهوم الإدارة ككل، وأصبحت جمعية خيرية لاستلام الراتب آخر الشهر دون عمل يكافئه ويبرر استلامه. هناك كثيرون ممن أسعدهم الحظ ووظفوا حكوميا وتليت عليهم واجبات ومهام وظائفهم، ثم توقف الأمر هنا، لم يسألهم أو يتابع أحد مدى أدائهم لواجبات وظائفهم، بينما كثيرون غيرهم ينتظرون التوظيف وربما ملتزمون أكثر. من هنا، يأتي تحفظ وزارة المالية على استحداث وظائف جديدة تحفظا مبنيا على العجز عن محاسبة الموجودين أو حسن استغلالهم أوقاتهم وتنسيق جهودهم، من يصدق أن ليس هناك حتى الآن مؤشر أداء موحد للإدارات الحكومية. سمعنا عن الحوكمة، وسمعنا عن الأنترة (تقديم الخدمات الحكومية عبر النت)، لكننا لم نسمع بعد عن اعتماد لائحة واضحة للأداء والإنجاز داخل كل وزارة. الغياب أو التأخر عن الدوام ليس إلا صورة مبسطة للتسيب الإداري، وإلا فإن تأخير المعاملات صورة أوضح، التعقيد في الإجراءات صورة أبسط، «راجعنا بكرة» صورة وعبارة متكررة. كل هذا لا يختفي بدون لوائح أداء وقوانين محاسبة، فالعمل الحكومي ليس تكية للكسالى أو بؤرة للبطالة المقنعة. Hadeelonpaper@gmail.com