ماهي علاقة الاعتداءات المحدودة في الحرم الجامعي، والأماكن الآمنة، وتحذيرات الزناد، والرموز الكلامية والرقابة بالتعليم العالي؟ الجامعات الأميركية تريد المضي قدماً على المستويين. فهي تتوقع دعماً لا جدال فيه من الرأي العام، ولكنها تريد أيضاً العمل بطريقة مستحيلة على أي جهة أخرى. ولاتزال الكليات تجعل طلابها يرتدون ملابس التعليم العالي القديمة، وتعكس الشعارات المكتوبة باللاتينية والقبعات واللباس والأبراج المغطاة بالعاج والحديث عن التعليم الليبرالي، التقاليد الفكرية القديمة. وفي الحقيقة فإن جامعات اليوم تحاكي معسكرات تدريب أيديولوجية. والأساتذة المرموقون يسعون الى تلقين الشباب الصغار دروساً في بعض الأجندات السياسية التقدمية المسبقة. فصول الدراسات البيئية ليست مفتوحة جداً لمناقشة العلم المستقر الخاص بالإنسان وظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن الكربون أو الحاجة الى تدخل حكومي مباشر وواسع النطاق لمعالجة ذلك. الجودة الواعية والطلاب المدينون والحريصون على الدرجات يعملون على إجراء التعديلات الأيديولوجية اللازمة. تحتفي مساقات محدودة في علم الاجتماع بالمصهر الاندماجي الفريد، وتم ابتكار مساقات في العرق والطبقة والنوع. جيل من الأستاذة المسيسين طرحوا حجة غريبة، مفادها أنهم وحدهم قد اكتشفوا كل أنواع التخصصات الجديدة في المعرفة، والتي يبدو أنها كانت غير معروفة لنحو 2500 عام، وذلك لضمان أن الخريجين سيكونون أفضل تعليماً من أي وقت مضى. وخسرت الجامعات التزاماتها نحو الطريقة الاستقرائية. ووضعت النظريات المسبقة المعادية للتنوير كحقائق وجزء من الترقية الوظيفية. الدلائل وضعت لتلائم الفرضيات التي لا جدال فيها. وهناك نتيجتان مؤسفتان ترتبتا على ذلك بشكل كان يمكن التنبؤ به. إذا تمكن الفقراء والجيل الأول من الطلاب من امتلاك أدوات النجاح التقليدية، اللغة الإنجليزية ومحو الأمية في الرياضيات مع التاريخ الأميركي والبروتوكولات وإتقان اللغة المقروءة والمكتوبة، فإنهم سينجحون كأفراد من دون الحاجة الى قطاع الكليات الخاصة بضحايا الجريمة الجماعية. هم بالتأكيد يريدون قروضاً طلابية مؤمنة اتحادياً، ولكنهم لا يريدون دليلاً على تنافسيتهم من خلال اختبارات التخرج الوطنية، التي تساعد على ضمان أن جميع الخريجين يتركون الجامعة قادرون على التنافس والقراءة والكتابة بشكل متقن. كم هو غريب أن الاختبارات المعيارية تعد بالحكم على دخول الطلاب، ولكن ليس بالمصادقة على المؤسسات القائمة. تشارك المقال على فيسبوك شير وتويتر للمقالات. والجامعات مصابة بالفصام في العديد من الأوجه الأخرى، فهي تدعي أنها مؤسسات خاصة يجب أن تكون حرة كي تتمكن من تشكيل مناهجها الخاصة والتمتع بالطقوس القديمة، مثل تملك أعضاء هيئة التدريس وعدم القلق كثيراً بشأن كم تتقاضى من الطلاب، أو كيف تتعامل مع أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون بدوام جزئي، ولتأسيس بروتوكولات قانونية جديدة تتناقض مع الدستور. عندما أوجدت الجامعات أمكنة آمنة مصممة على أساس العرق والنوع، فقد تصرفت ضد القانون الأميركي. افتراض الذنب بدلاً من براءة الطلاب المتهمين بالسلوك السيىء ليس بذي جدوى في المحكمة. معظم الأميركيين الذين يعملون في المتاجر الكبيرة أو يتبضعون من هناك لا يمنحون فرص عمل مضمونة مدى الحياة. وكذلك الأمر في صحفنا التي يكون فيها الوضع تحت الزناد مخافة أن يتعرض القراء للأذى بسبب الأخبار المحبطة. الحكومة توسع من القروض المكفولة وتضمن عمليات شطب ضريبية لصالح الأعمال الخيرية. في الماضي كانت هناك صفقة واضحة. وقالت الجامعة: أتركونا وشأننا نفعل ما نعرفه على أفضل وجه. ونعد بأن نخرج أفضل أجيال الشباب تعليماً في أميركا. أما اليوم فالجامعات لا تفي بوعدها. وحتى لو ضمن الطلاب التخرج (بنسبة أربعة من كل عشرة، حتى عقب ست سنوات) فإنهم ليسوا متعلمين على المستوى العالمي، وبدلاً من ذلك فإنهم الأقل جاهزية والأكثر تسيساً فيما تعيه الذاكرة. الغطرسة والجهل مزيج سيىء. في حال لم تتمكن الجامعة من الوفاء بالاتفاق الأصلي الخاص بمواصلة تعليم الطلاب والبقاء ضمن حدود البروتوكولات والقوانين الأميركية، فهي فإما أن تتغير ببطء أو أن تصبح لا قيمة لها. السوق يختبر الخواء بالفعل وبالتالي الفرصة، والشهادات المتحصلة عبر الانترنت تتعدد، والمدارس المهنية والتجارية الخاصة تنمو في كل أنحاء الحرم الجامعي. وحتى الشهادات المميزة أصبحت أسماء لماركات فارغة مثل غوتشي أو فرساتشي. وهذا يوحي بالمكانة والباب المفتوح، ولكنه لا يضمن أن الخريجين على دراية أو أنهم مفكرون استقرائيون. كل هذه البدائل المتزايدة لاقتراض ما مجموعة مليار دولار أميركي للتعليم الجامعي تعكس أنها قد لا تكون صفقة سيئة فحسب، وإنما صفقة متلاعب بها أيضاً.