×
محافظة المنطقة الشرقية

الأحساء.. تسليم 223 مليون متر مربع لمشاريع «الإسكان»

صورة الخبر

مما لاشك فيه أن الميزانية العامة للدولة لهذا العام متميزة ومتوازنة وتلبي واقعا ملموسا وطموحات منظورة ومستقبلية.. وهي في تزايد مستمر حتى إنها وصلت إلى الضعف خلال عشر سنوات فقط حيث كانت عام (1424ه) في حدود (425) ملياراً، وفي هذا العام بلغت (855) ملياراً وهي تحمل بين طياتها بشائر الخير والبركة بما تحتويه من مخصصات ومشاريع ضخمة ومتنوعة تطال جميع أرجاء الوطن فهي كالغيث العميم الذي يعم خراجه كل البقاع التي يهطل عليها كيف لا؟ وهي تخصص أكثر من (25) منها للتعليم والتدريب. وذلك إدراكاً من أن الاهتمام برأس المال البشري وإعداد قوى عاملة مؤهلة هو الركيزة الأساسية لأي نمو وتطور. هذا بالاضافة إلى المشاريع الصحية والخدمية والطرق ليس هذا وحسب بل أخذت بعين الاعتبار اضافة (152) ملياراً إلى الاحتياطي العام للدولة وذلك تحسباً لأي طارئ أو تقلبات في أسعار البترول. ناهيك عن خفض الدين العام حتى وصل إلى ما يقارب (75) ملياراً فقط وهو ما يشكل (2,7) من الناتج الاجمالي وهي نسبة منخفضة بكل المقاييس عند المقارنة مع ما تعانيه أغلب دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية. الميزانية العامة للدولة تدل على قوة ومتانة الاقتصاد الوطني وهذا مدعوم بتوازن سياسة المملكة واستقرارها ما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية ناهيك عن تشجيع عودة رأس المال الوطني الذي يستثمر في الخارج من قبل بعض رجال الأعمال في بيئة غير مستقرة تعاني من كثير من الارهاصات خصوصاً في الدول الأوروبية وأمريكا. أيضاً الحديث عن الميزانية العامة للدولة ذو شجون يستحق الاسهاب في تفاصيله وتوجهاته وطموحاته وانجازاته خصوصاً ان تلك الميزانية والميزانيات السابقة قد أسست لبنية تحتية ضخمة تمتد وتنتشر على امتدادد مساحة المملكة التي تشبه قارة. والتي تحتاج إلى استمرار زخم الميزانية الضخمة حتى تستطيع البقاء ومن أمثلة تلك المؤسسات ما يلي: * الجامعات التي زاد عددها من (8) جامعات قبل عشر سنوات إلى ما يزيد على (24) جامعة حكومية وعشر جامعات أهلية بما فيها من مدن جامعية ومختبرات ومستشفيات وموظفين وأعضاء هيئة تدريس وأطباء وممرضين وطلبة ناهيك عن التشغيل والصيانة، والأجهزة والمعدات وغيرها وكل ذلك يعتمد على المدن الصحية والمستشفيات والمستوصفات والعيادات الحكومية المنتشرة في طول البلاد وعرضها وما تشمله من كوادر ومختبرات، وما تحتاجه من أجهزة ومعدات وما يفرضه ذلك من حاجة إلى تشغيل وصيانة. المدارس الحكومية للبنين والبنات وكوادرها من المدرسين والمدرسات والتجهيزات والمباني سواء أكانت مملوكة أم مستأجرة وما تحتاجه من تشغيل وصيانة وإيجارات. وكل ذلك يعتمد على الدخل من البترول. * المطارات والطائرات التي تشكل العمود الفقري للنقل في المملكة كم تحتاج من مبالغ لاستمرار تشغيلها ناهيك عن تجديدها وتطويرها أو إنشاء مطارات جديدة تزداد الحاجة إليها يوما بعد يوم. * النقل العام الذي يتمثل في مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام في الرياض ومثله معه في كل من جدة ومكة والمدينة والدمام ومشروع قطار الحرمين ومشروع ربط مناطق المملكة بالسكك الحديدية. * الطرق البرية التي تشكل شريان النقل في المملكة والتي تبلغ أطوالها عشرات الآلاف من الكيلومترات بما تشمله من جسور وأنفاق وعقبات وما تحتاجه من صيانة دورية ناهيك عن الحاجة إلى انشاء طرق جديدة تربط المناطق ببعضها البعض بالاضافة إلى القائم منها وما تحتاجه من نفقات. * المدن والقواعد والمستشفيات والمعدات العسكرية لكل من الدفاع والداخلية والحرس وما تشمله من كوادر وما تحتاجه من تشغيل وصيانة وزيادة في الكوادر وتحديث في المعدات والأسلحة. * الطرق الداخلية في المدن وما تشمله من جسور وأنفاق تشكل عصب الحركة داخل المدن وهذا كم يحتاج من مبالغ لتحديثه وصيانته؟ وهذا كله يعتمد على دخل البترول. * مباني المؤسسات الحكومية في جميع أرجاء المملكة وموظفوها وما تحتاجه من صيانة وتشغيل ورواتب وبدلات ناهيك عن تطوير الحرمين الشريفين وصيانتهما وتشغيلهما وهذا يعتمد على دخل البترول. ما ذكرته من أمثله لا يعدو أن يكون غيضا من فيض كله يحتاج إلى نفقات تتزايد مع مرور الوقت مع زيادة المتطلبات وزيادة التوظيف المترتب على زيادة عدد السكان وكل ذلك معتمد على البترول. * إننا نستورد جميع متطلبات الحياة أو نكاد وهذا يحتاج إلى دخل قومي عال لاستمراره أو ايجاد بديل عنه. * ارتباط نشاط القطاع الخاص بالإنفاق الحكومي يجعل حجم الميزانية العامة للدولة ذا أثر بالغ على حراك ذلك القطاع وتوجهاته، ناهيك عن أن استقرار الميزانية العامة للدولة هو الضمانة الرئيسة لجذب الاستثمارات الخارجية وعودة الاستثمارات المهاجرة وكل ذلك يعتمد على دخل البترول.. من هذا كله أخلص إلى ان الاعتماد على البترول كمصدر شبه وحيد للدخل وبنسبة تربو على (90) يشكل أكبر مخاطرة يمكن أن نتخيلها وذلك في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة من عدم استقرار ومن تهديد يطال كافة أقطارها بدون استثناء وذلك تحت طائلة خلط الأوراق التي تحيق بمنطقة الشرق الأوسط وترعاها أطراف عديدة. * إن مستقبل البترول غامض فهو مهدد بعدد من الاحتمالات بعض منها أخذ صفة الواقع والبعض الآخر اصطف في طابور الأولويات التي يمكن ان نذكر منها: * عمر البترول الافتراضي لا يتعدى (60 - 80 سنة) في أحسن التقديرات وهذا يعني انه إلى نفاد. * مصادر الطاقة المتجددة والآمنة أخذت طريقها إلى الأسواق وفي مقدمتها الطاقة الشمسية والنووية والحيوية وطاقة الرياح والحرارة الأرضية والمياه. هذا وقد أصبحت تلك المصادر مجتمعة أو متفرقة تسد حاجة بعض الدول الأوروبية من الطاقة بنسبة تربو على (20) وهي في طريقها إلى المزيد. * البترول والغاز الصخري أصبح حقيقة واقعة بعد أن تمكن العلم من تطويع تلك المصادر وفي ظل ارتفاع أسعار البترول الحالي يظل ذلك المصدر جذابا ويغطي تكاليف إنتاجه. وبدون أدنى شك سوف يتمكن العلم من خلال البحث والتطوير من خفض تكلفة انتاج البترول والغاز الصخري خلال السنوات القليلة القادمة.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يجب أن نعرف أن البترول والغاز الصخري متواجدان في أغلب دول العالم ما يعني ان كثيرا من الدول سوف تصل إلى الاكتفاء الذاتي من البترول والغاز الصخري متى ما أصبحت تقنيات استخراجه متاحة ورخيصة. * حركة خلط الأوراق في المنطقة العربية مستمرة سواء أكانت من خلال الغزو كما حدث للعراق أو من خلال الخريف العربي الذي تحول إلى صيف لاهب أظهر دماً وطائفية وعرقية وبالتالي عدم استقرار، وما حدث ويحدث في العراق ومصر وليبيا والسودان واليمن وتونس ولبنان وسورية الهدف منه القضاء على دعائم القوة وتقسيم المنطقة ولعل خطاب رئيس مركز بيغن - السادات للدراسات في إسرائيل أمام أحد التجمعات الأوروبية خير شاهد على ما نقول وبما أن البترول يعتبر مصدر قوة العرب ورخائهم فإنه سوف يحارَب بكل الوسائل والطرق. من هذا كله نخلص إلى ان العد التنازلي لايجاد مصادر دخل بديلة للبترول على المدى الطويل ومعاضدة له على المدى القصير يجب أن ينطلق حتى نتمكن من الصرف على بيئتنا التحتية والاستمرار في تطويرها وتوسعها وتنوعها، وهذا ميسر وسهل في ظل الميزانية العامة المميزة للدولة وفي ظل التوجهات الاصلاحية التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمؤازرة ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله -. ولعل من أهم وسائل تعدد مصادر الدخل ما يلي: * التوجه إلى إنشاء شركات استثمارية عديدة ذات رأس مال كبير قادرة على المنافسة وبمشاركة شركات عالمية رائدة وذلك على غرار شركة أرامكو وشركة سابك وشركة معادن وذلك في مجالات عديدة تقنية وخدمية وصناعية وسياحية ونقل وطيران وغيرها. * الاتجاه إلى استثمار سواحلنا الطويلة التي يربو طولها على (3600) كم على كل من الخليج والبحر الأحمر وذلك في مجالات الزراعة والسياحة وصناعة صيد السمك وغيرها. * إنشاء أسطول لصيد السمك من البحار المحيطة ومن أعالي البحار للوفاء بمتطلبات السوق المحلي من ناحية، والتصدير من ناحية أخرى خصوصاً ان المملكة تستورد جل حاجتها من اللحوم بما في ذلك الأسماك. * توطين بعض الصناعات التي تحتاجها السوق المحلية والأسواق العالمية بحيث تفي بحاجة السوق المحلي بالاضافة إلى تصدير كميات كبيرة وذلك مثل الحديد والالمنيوم والأسمنت والرخام والسيراميك وأدوات البناء الأخرى وهذا يعني مضاعفة ما هو موجود عشرات المرات. * التوسع في مجال صناعة الدواء والأمصال والأجهزة والمعدات الطبية بحيث تصبح المملكة مصدرا رئيسا لتلك المنتجات التي نستوردها بأغلى الأثمان. * وضع خطة خمسية أو عشرية تفضي إلى الاكتفاء الذاتي في مجال القوى العاملة المدربة بحيث نستغني عن ما لا يقل عن (50) من العمالة الأجنبية والاستمرار في ذلك حتى نصبح مصدرين للأيدي الفنية ولسنا مستوردين لها، وهذا أمر مهم فهناك عدد من الدول تشكل تحويلات مواطنيها العاملين في الخارج إليها نسبة كبيرة من دخلها القومي بالعملة الصعبة ولنا فيما يتم تحويله من المملكة إلى خارجها والذي يقدر بما يصل إلى (120) مليار ريال سنويا عبره ولك أن تتخيل لو تم تدوير تلك المبالغ داخل البلد ما تحدثه من حراك اقتصادي مهم. نعم إن دعم الدولة للجهود الفردية والجماعية في مجالات عديدة ليس بخاف على أحد ولكن يظل الأفراد والشركات والمؤسسات الصغيرة غير قادرة على بناء شركات عملاقة تبدأ من حيث انتهى الآخرون وبالتالي يصبح هذا التوجه من أولويات الدولة كما حدث مع شركة سابك العملاقة وبعد النجاح يمكن طرح جزء من أسهم كل شركة عملاقة ناجحة للاكتتاب العام. أعود لأقول إن أية هزة لأسعار البترول وتراجع في أهميته أو نضوبه أو تمكن مصادر الطاقة البديلة من منافسته أو انخفاض تكلفة استخراج البترول والغاز الصخري سوف توقعنا في حرج كبير بل في مقتل حيث لن نتمكن من الصرف على متطلبات التنمية ناهيك عن صرف رواتب الموظفين الذين تتزايد أعدادهم بصورة متوالية هندسية وذلك في كل من القطاع العام بصورة خاصة والقطاع الخاص الذي لازال يسير في ظل الميزانية العامة للدولة ويعتمد على المشاريع التي تقرها وتدعمها بصورة عامة. إن الاكتفاء الذاتي في مجالات عديدة يأتي في مقدمتها الأمن الغذائي والمائي ومتطلبات التنمية يجب أن يكون هاجسا نردده حتى نحققه وذلك حتى لا نعود كما كنا قبل خمسين عاماً. نعم لنا قدوة ونموذج جاهز يمكن ان نسير على خطاه مع مراعاة الاختلافات البيئية والاجتماعية وذلك مثل اليابان وكوريا وتايوان وماليزيا وغيرها من الدول التي تحقق دخلا قوميا عاليا جداً دون أن يكون لدى أي منها قطرة بترول والكل ربما بدأ من الصفر، أما نحن فنستطيع أن ندخل تلك المجالات من الباب الواسع، وكل الذي نحتاجه أن نعمل على أرض الواقع بعزيمة وإصرار وصدق توجه لا تلين، فهل نصطف خلف قيادتنا الرشيدة لتحقيق ذلك؟ والله المستعان..