إن كانت بداية عام 2016 مخيبة لآمال أسواق الأسهم العالمية فهي تعتبر كارثية بالنسبة للبنوك,لاسيما الأوروبية منها، حيث سجل مؤشر البنوك الأوروبية تراجعاً بنسبة 24% وهي النسبة الأقرب لمستوى الانخفاض الذي شهدته هذه البنوك في صيف 2012، عندما أصبحت منطقة اليورو على حافة الانهيار إلى أن جاء ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي ووعد بالقيام بكل ما يستطيع لإنقاذ الموقف. حسبما نقلت الايكونوميست اكدت الصحيفة ان معظم البنوك الأوروبية هذه الأيام تعاني من ضغط ألقى بظلاله على البنوك الكبيرة قبل الصغيرة في مختلف أنحاء أوروبا، وكانت بنوك منطقة اليورو الأكثر تضرراً حيث سجلت أسهم كل من سوسيتيه جنرال ودويتشة بنك خسائر وصلت إلى نحو 10% خلال ساعات قليلة هذا الأسبوع، ولم تسلم البنوك الأخرى خارج منطقة اليورو من موجة الخسائر هذه مثل بنك باركليز وكريدي سويس. وعزا العديد من المحللين الاقتصاديين الأوضاع الحرجة التي تمر بها معظم البنوك الأوروبية هذه الأيام إلى المخاوف التي تنتاب المستثمرين والبنوك على حدٍ سواء من التراجع الذي يشهده الاقتصاد العالمي الذي أدى بدوره إلى هبوط أسهم البورصات المالية في أنحاء عدة من العالم، حيث يعتبر التباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي التهديد الأول بالنسبة لتلك البنوك.أما السبب الثاني والذي فاقم الموقف، فيرى آخرون أنه ظاهرة الفائدة السلبية التي تفشت في الآونة الأخيرة والتي لجأت إليها بعض البنوك المركزية في العالم في محاولة من تلك البنوك لزيادة نشاط اقتصاداتها وبث الحيوية في قطاعاتها الاقتصادية،وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص أرباح البنوك بنسبة كبيرة. وليس فقط الخوف من تراجع الاقتصاد العالمي أكثر ما يؤرق المستثمرين في البنوك الأوروبية، بل إن احتمالية لجوء البنك المركزي الأوروبي إلى تخفيض أكثر لنسبة الفائدة في اجتماعه المقرر في مارس/أبريل المقبل تعتبر أحدى الأسباب وراء ما شهدته أسهم البنوك الأوروبية من تراجع في الأخيرة. وكان البنك المركزي السويدي قد قام بخفض نسبة الفائدة إلى 0.5% الأمر الذي ساهم في انتعاش الأسهم في البنوك السويدية. وتخشى البنوك في منطقة اليورو من أجراء مماثل من قبل البنك المركزي الأوروبي، الخطوة التي من الممكن أن تكون بمثابة ضربة لمعظم البنوك هناك. ويرى محللون آخرون أن مأساة أسهم البنوك الأوروبية تمتد إلى جذور أعمق، حيث أن المشكلة الرئيسة في نظرهم هي أن هناك عدد كبير من البنوك في أوروبا ومعظمها لا تحقق الأرباح الكافية لأنها لا تنشط في أسواق اقتصادية قوية حول العالم ولأنها حصرت نفسها في قطاعات اقتصادية معينة لا توفر لها المردود الكافي الذي يمكن أن يحميها ضد أي انتكاسات اقتصادية وهذا يختلف كلياً عن بعض البنوك الأمريكية. وكانت بنوك إيطاليا من أكثر البنوك التي تضررت في الفترة الأخيرة لا سيما بعد المخاوف التي انتابت معظم البنوك بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها ثالث أكبر البنوك في البلاد وهو بنك مونتي دي باشي دي سيينا والذي هبطت أسعار أسهمه منذ بداية العام الحالي إلى نحو 56%، الأمر الذي زاد في مخاوف ومأساة باقي البنوك. ويترقب المستثمرون في البنوك الأوروبية الاجتماع القادم لأعضاء البنك المركزي والقرارات التي يمكن أن يخلصوا إليها لتهدئة الاضطراب الذي يعصف بالأسواق.