اليوم هو الرابع عشر من فبراير، الموعد الذي اختاره بعض الناس ليكون يوما للحب، يوما يتزين بشذى الورد، وجمال الابتسام، وعذوبة اللقاء. لكن يوم الحب هذا، يأتي هذا العام على غير ما عرف به، يأتي رطبا لزجا مبللا بالدم، تسبقه شهقات الأطفال وأنات المكلومين، يأتي منكسرا منزويا لا يحس به أحد، ولا يبش للقائه مرحب، أنكره الناس بعد أن تبدل وجهه، وغاب عن ملامحه أجمل ما كان يزينها، غاب عنه الحب والفرح والحلم، فبدا شاحبا معتما مجللا بسحابة الموت السوداء. لعله من المفارقات المؤلمة، أن يحتفل العالم بيوم للحب في وسط أيام لا تشم فيها سوى رائحة الكره، فأينما التفتنا في منطقتنا العربية، تعثرنا بالقتل غير المبرر بشيء، سوى الكره، الكره وحده لا غير، ومهما تشاغلنا لاحقتنا أخبار الهلاك والدمار، فاختنقنا برائحة الحقد المر. الكره وليس الحب، هو ما يقود حياتنا هذه الأيام، بات الكره هو الآمر الناهي فينا، دماء تسفك بالمجان، وأطفال يعذبون بالتشرد والجوع واليتم، ونساء يروعن في أنفسهن وفي أحبتهن، وما من تبرير لشيء من ذلك سوى الكره، الكره ولا شيء سواه !!! في زماننا هذا لم تعد القلوب مأوى للحب، وانما باتت أوكارا مظلمة لزراعة حشيش الكراهية، يروج بين الغافلين لينصرفوا إلى استخدام أيديهم، بدلا من استخدام رؤوسهم. كم هو مفزع، ومؤلم، هذا الكره!! وكم هو مفزع ومؤلم أن يظل الكره يدور متنقلا من جيل إلى جيل، ومن عقد لآخر! هذا الزمن لم يعد الشباب فيه شبابا، انطفأ من وجوه الشباب ذلك الضياء الممزوج بحب الحياة والحماسة لاحتضان المستقبل، تحول الشباب إلى جمرة من الكراهية تحرق كل من حولها بعد أن مات في دواخلهم الإنسان. بعد هذا، أما كان الحق أن يحتفل العالم بيوم الكراهية لا بيوم الحب؟!