حذر مختصون من انقطاع التواصل والحوار بين الزوجين، حتى يصبح كل منهما أمام خيارين، أحلاهما مر، فإما الطلاق الشرعي إلى غير رجعة، أو ما يسمى «الطلاق العاطفي» الذي يعد أكثر أنواع الطلاق خطورة، وأشدها ألمًا، كون الشريكين يعيشان تحت سقف واحد، لكنهما يعتبران مطلقين. وأشاروا إلى أن الطلاق العاطفي، يظهر بين الزوجين، عندما يغيب الحب، والتفاهم، والانسجام، والاهتمام المتبادل، والثقة، والرغبة الحقيقية في البقاء معًا، فتدخل الحياة الزوجية في حالة موت سريري، يختفي فيها الشعور بالأمان الذي يمثل الركيزة الأساسية لنجاحها واستمرارها، ويسكن الصمت في كل زوايا الحديث الذي كان عامرًا ذات يوم بينهما. وألمحوا إلى وجود تصاعد في عدد حالات الطلاق الناجمة عن ضعف الانسجام بين الزوجين، والجفاف العاطفي، والهجر غير المبرر، مرجعين ذلك إلى تقاعس الشريكين عن تأدية الحقوق الزوجية. ولفتوا إلى أن الطلاق العاطفي له أنواعه وألوانه المختلفة كالنفسي والجفاف العاطفي، وانفصال الشعور والعواطف، مؤكدين أن كل طرف يشعر بأنه على حدة، ولا علاقة له بالآخر، مفيدين بأن هذه المشاعر تحدث عادة قبل الطلاق الرسمي بسنوات. مهدي: مواقع التواصل تؤثر على متانة العلاقة الزوجية أكد الدكتور مهدي أحمد الطاهر مؤسس مركز رفاه للدراسات والتنمية الأسرية، أن استمرار الانفصال الوجداني في العلاقة الزوجية يزيد الفجوة بين الزوجين، ويقلل من لغة تقبل الآخر مما يقلل فائدة الحوار والتفاهم، محملا وسائل التواصل الاجتماعي المسؤولية في التأثير على متانة العلاقة الزوجية. آل ناصر: عدم التكافؤ يؤثر على علاقة الزوجين ألمح الاختصاصي النفسي حسين علي آل ناصر إلى وجود عوامل مساهمة في الطلاق العاطفي، منها اختلاف المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والأكاديمي، وعدم الإنجاب، وتبني مفاهيم خاطئة تعيق عملية الحوار، ورغبة أحد الطرفين في أن يكون الآخر نسخة منه، إلى جانب التعامل مع المرأة بلغة العقل وإهمال الجانب العاطفي. وأشار إلى أن إحصائية مركز المعلومات الوطني عام 2014، أفادت بأن وقائع الطلاق بلغت 27.209، وأن حالات الطلاق في المملكة حسب الإحصائيات الصادرة مؤخرًا من وزارة العدل تبلغ ربع حالات الزواج في عام 2015. وتابع: وفقًا لوزارة العدل، فقد ارتفعت نسبة الطلاق بمحافظة القطيف في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت لا تتجاوز 3-4 في المائة، حيث بلغت في عام 2011 (773) حالة طلاق، وفي عام 2013، (752)، حالة طلاق. الشركسي: 70%، من حالات الانفصال سببها انعدام المشاعر ذكر الدكتور أحمد صابر الشركسي، أستاذ علم النفس والإرشاد والعلاج النفسي المشارك بكلية التربية جامعة الدمام أن نجاح العلاقة الزوجية يتوقف على عدة عوامل أساسها أن يشعر كلاهما أنه سكن للآخر، وبالتالي يجمعهما الشعور بالأمان والاطمئنان من خلال حسن العشرة والمودة والرحمة التي تجمع بينهما، ملمحا إلى أن 70%، من حالات الانفصال تنتج بسبب معاناة الزوجين من انعدام المشاعر وعدم تعبير أي منهما بعواطفه للطرف الآخر وبين أنه على الرغم من وجود ما بين 7 إلى 9 زوجات من أصل عشرة يعانين من صمت الأزواج، إلا أن الحياة الزوجية تستمر بين الزوجين؛ حفاظا على مشاعر الأبناء، وعدم تأثر صحتهم النفسية أو الخوف من الظهور بالشكل الاجتماعي غير المناسب في محيطهم الذي يعيشون فيه أو نتيجة لعدم وجود بدائل أخرى أمام الزوجة، كعدم وجود من يعولها أو دخل مادي مستقل يشجعها على الانفصال، وهناك حالات كثيرة بهذا الشكل. وألمح إلى أن من أسباب الطلاق العاطفي بين الزوجين، الأنانية ورغبة أحدهما في تحقيق نجاح شخصي على حساب الآخر، وزيادة الاهتمام برعاية الأبناء على حساب العلاقة بينهما، وغياب التجديد في العلاقة مما يؤدي إلى فتورها تدريجيًا الفرج: يظهر بعد الزواج بسنوات طويلة أشارت الأكاديمية فاطمة طه الفرج، المتخصصة في علم الاجتماع الإكلينيكي أنه ليس بالضرورة أن يؤدي الطلاق العاطفي إلى الطلاق الرسمي مبينة إن الوازع الديني، والمستوى الثقافي، والوعي لكلا الزوجين، عامل مهم، تترتب عليه النتائج، سواء كان الاختيار طلاقًا عاطفيًا أم رسميًا، منوهة إلى أنه - الطلاق العاطفي -، لا يكون في بداية العلاقة الزوجية، ولكنه يكون غالبا بين من مضى على زواجهم عشرات السنين. وأشارت إلى أن الطلاق العاطفي، لا يسبب انهيار العلاقة الأسرية بشكل كامل، وإنما ينهار جزء منها، كالعلاقة الحميمية بين الزوجين، مؤكدة أن الطلاق العاطفي مرتبط بالعاطفة، وإن أي طرفين أرادوا الارتباط، فإنهما يسعيان إلى تكوين أسرة متكاملة مثالية، ليصلوا من خلالها إلى حياة سعيدة. واقترحت إخضاع الراغبين في الزواج لكورس تعليمي، مدته ثلاثة أشهر، في مجال فنون العلاقات الزوجية، ملمحة إلى تطبيق ذلك في ماليزيا حيث كانت نسبة الطلاق 70 % فيما تقلصت حاليا إلى 5 %، داعية المسؤولين، كما أنهم وضعوا قانون الكشف عن الأمراض الوراثية بين الزوجين قبل الزواج، أن يسنوا قانونًا يعنى بأخذ «كورس تعليمي»، في فنون العلاقات الزوجية لكل المتقدمين للزواج، لتفادي الوقوع في الطلاق العاطفي، وما يخلفه من آثار سلبية، يتلظى المجتمع من ويلاتها.