لست ممن يعشقون التاريخ كمادة دراسية وكنت اشمئز بمجرد ذكر إحدى مادتين خلال أيـام الدراسة بجميع مراحلها وهما الكيمياء والتاريخ. ولكني وجدت نفسي (مكره أخاك لابطل ) أجول في التاريخ باحثاً عن بعض الحقائق. وماقادني إليه هو شدة إعجابي بتاريخ دولة الاندلس – رحمها الله – وكيف آنذاك وصلت الهيمنة الإسلامية إلى ماوصلت إليه. ولكن في نفس الوقت، ثمة اسئلة كانت ومازالت تجول في خاطري حول أسباب سقوطها وماآلت إليه وهو ماقادني للقراءة كثيرا في التاريخ. حقيقية تذكر هي أن التاريخ فعلاً يعيد نفسه بطريقة او بأخرى، ونحن البشر دائماً مانفشل من ان نستفيد من تجارب الأقدمين المكتوبة منها والمسموعة. من خلال قراءة سريعة في التاريخ الاندلسي، فإن أول من حكمها هم الأمويون بقيادة الوليد بن عبدالملك وآخرهم كانوا الموحدون ومؤسس الحركة هو عبدالمؤمن بن علي. عندما حكم المسلمون دولة الاندلس، سمحوا للنصارى واليهود بممارسة حياتهم اليومية بسلام على أن تطبق الجزية عليهم نظرا لكونهم أهل كتاب. فكان المسلمون يقيمون علاقات سلمية مع النصارى واليهود نتج عنها تطور ونهضة عمرانية وعلمية. فلم ينكروا فضل اليهود والنصارى في الحرف المهنية والإقتصادية الصناعية فاستعانوا بهم وتعايشوا معهم. ومن منطلق قوله تعالى (لاإكراه في الدين)، فلم يجبر أهل الكتاب من غير المسلمين على اعتناق الإسلام بل سمح لهم بممارسة عباداتهم بيسر وسماحة كما هو الدين الإسلامي. في الجانب الآخر، فإن الموحدون وهم آخر من حكم الأندلس، حاربوا المرابطين من قبلهم على الرغم من أنهم جميعاً كانوا مسلمين ، لتكون لهم الكلمة العليا في الأندلس. فقاموا بإجبـار كل من كان يعيش في الأندلس على أن يعتنق الإسلام أو يخر مقتولاً. ومابين الأمويين والموحدين، كانت الاندلس تعيش حالة من السلام والرخـاء الذي سمح للفرد بالتطوير والتنمية على المستوى الفردي والإجتماعي. على العكس تماماً من ذلك، فتوجه الموحدون المتشدد والمغالي قد يكون سبب قويا ليسهم في سقوط الدولة الاندلسية بالتدرج حتى تم إعلان وفاة الاندلس جغرافياً وولادتها بجميع عبرها ودروسها تاريخياً. الحكمة وما الديموقراطية و البيروقراطية حديثة في زمننا هذا، فقد تكون حديثة إصطلاحياً إلا أن ممارساتها كانت وماتزال تمارس منذ الأزل. قال الله تعالى في خطابه للرسول الامين حين تمنى صلى الله عليه وسلم أن يكون عمه أباطالب مسلماً : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) سورة القصص – 56 وخاطب الله تعالي أيضـاً الرسول صلى الله عليه وسلم في قريش قائلاً :(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) سورة الغاشية – 21 .