أكد مستشار في مكتب رئاسة الوزراء العراقية أن خطر انهيار سد الموصل وتهديده المدينة يؤثر على خطط استعادة السيطرة عليها من «داعش». وأرسل الجيش العراقي آلاف الجنود إلى قاعدة في الشمال استعدادا لعمليات استعادة المدينة، وهي الأكبر التي يسيطر عليها تنظيم داعش. وتزايدت المخاوف إزاء احتمال أن يؤدي انهيار السد المتزعزع الذي يبعد نحو 40 كلم شمال شرقي المدينة إلى تدمير الجزء الأكبر من الموصل وإغراق مناطق واسعة في بغداد. أضاف مستشار رئيس الوزراء حيدر العبادي، رافضًا الكشف عن اسمه للصحافيين أن الأميركيين «غالبا ما يذكرون (إعصار) كاترينا» مؤكدين أن انهيار السد سيكون «أسوأ ألف مرة». وعام 2005، اكتسح إعصار كاترينا مدينة نيو أورلينز الأميركية وأدى إلى مقتل ألفي شخص قبل أن يثير موجة أعمال عنف ونهب بدت السلطات عاجزة تماما أمامها. وأضاف المستشار: «إذا انهار السد ستكتسح مياه ارتفاعها 12 إلى 15 مترا وسط الموصل.. ثم ستزول، أي أن 500 ألف شخص سيقضون في غضون ساعات»، وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن سدا آخر في سامراء على بعد مئات الكيلومترات في أسفل المجرى قد ينهار أيضًا، مقدرا أن تكون الموجة بارتفاع عدة أمتار عندما تصل إلى بغداد. وأفاد تقييم أصدرته كتيبة المهندسين في الجيش الأميركي وورد في تقرير أصدره البرلمان العراقي أن «جميع المعلومات التي تم جمعها العام الماضي تشير إلى أن سد الموصل يواجه خطر الانهيار بشكل أكبر بكثير مما كان يعتقد أصلا». كما أضاف التقرير الذي نشره البرلمان على موقعه أن سد الموصل «معرض للانهيار اليوم أكثر مقارنة مع عام مضى». وجرت اتصالات على مستوى رفيع بين الإدارة الأميركية وبغداد مارست واشنطن خلالها ضغوطا للبدء بأعمال ترميم عاجلة. منذ اكتمال بناء السد عام 1984 سعت الحكومة العراقية إلى تدعيم أساساته بضخ مادة إسمنت خاصة في الفجوات التي تظهر تحت البناء. كما بات النشاط الزلزالي الطفيف المنتظم في المنطقة يشكل خطرا محتملا. كما تتضاعف المخاوف أيضًا من احتمال استخدام تنظيم داعش السد كسلاح. وأوضح المستشار: «إذا سار الهجوم على الموصل كما هو مقرر، فهناك سيناريو مرعب بأن يقوم (داعش) بنفسه بضرب السد مع انسحابه من الموصل». كما أن التحالف الدولي الذي سيكون دوره الرئيسي في عملية استعادة الموصل شن غارات جوية، يخشى أن تؤثر حملة قصف مكثفة على السد المجاور. وأكد المستشار: «إنهم قلقون بهذا الخصوص، ويدرسون بدقة أنواع الذخيرة التي سيستخدمونها في عملية الموصل». لكن التحالف لم يطرح في أي وقت هذه المخاوف. بعد استعادة مدينة الرمادي، قد تسعى القوى المناهضة لـ«داعش» إلى مهاجمته في الموصل قبل استعادة السيطرة على مدن أصغر كالفلوجة أو الحويجة. إلى ذلك يبرز مصدر قلق إضافي مع نشر العراق قوات جنوب شرقي المدينة وهو الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. فحكومة إقليم كردستان العراق تعاني من صعوبات في تمويل قواتها من البيشمركة التي تسيطر حاليا على السد ويرجح أن تلعب دورا كبيرا في عملية الموصل. بعد فوز شركة تريفي الإيطالية بعقد ترميم السد وافقت روما على إرسال نحو 450 جنديا لحماية فرق الهندسة التي ستعمل على المشروع. وقال المستشار: «اتفق رئيس الوزراء مع البيشمركة، وبتأييد أميركي، على سحب قواتها». أضاف: «عند وصول القوة الإيطالية فستتولى ضمان أمن السد، لذلك لا خلاف حول من سيكون مسؤولا». في روما، دعا العبادي الشركة الإيطالية المكلفة بإصلاح سد الموصل إلى «الإسراع» في بدء ورشة الترميم. وقال، وفق الترجمة الإيطالية لتصريحاته بالعربية في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيطالي ماتيو رينزي: «نتحمل مسؤولية أخلاقية ومسؤولية وطنية لضمان حماية هذا السد. أشكر للحكومة الإيطالية التزامها على هذا الصعيد». ولم يدل رينزي الأربعاء بأي رقم أو جدول زمني، متكفيًا بالقول إن الحكومتين العراقية والإيطالية «تنسقان معًا لتأمين هذه المنطقة». غير أن المستشار أفاد بأن رئيس الوزراء يأمل في توقيع العقد في غضون أسبوعين، وتقدر قيمته بنحو 320 مليون دولار يساعد البنك الدولي في تمويلها. ونظرًا إلى دفء الشتاء النسبي الذي قد يتسبب في ذوبان مبكر للثلوج يتوقع أن تبدأ الشركة الإيطالية العمل سريعا وستخصص سبعة أشهر لإصلاح بوابات السد السفلى. ويتوقع أن تستغرق سائر الأعمال الرئيسية 18 شهرا إضافيا على الأقل. وتابع المستشار أن «رئيس الوزراء شكك في أن التعاقد من الباطن قد يشوبه تأخير أو فساد، فلعب دورا فاعلا لضمان مراقبة العقد والتدقيق فيه عن كثب». ولطالما قللت وزارة المياه العراقية من الخطر الذي يشكله سد الموصل. غير أن السد بني على أسس غير ثابتة تتعرض للتآكل المستمر، وأدى نقص صيانة السد بعد سيطرة تنظيم داعش عليه لفترة وجيزة في 2014 إلى إضعاف بنيته التي تشوبها عيوب. وذكر ضابط أميركي أن المتطرفين طردوا العمال وسرقوا معدات من السد في 2014، لكن تم استئناف ضخ الإسمنت منذ ذلك الحين. وطبقًا للتقييم الأميركي المؤرخ في 30 يناير (كانون الثاني)، فإن «انخفاض القدرة على ضخ الإسمنت الخاص خلال العام الماضي أدى بشكل شبه مؤكد إلى حدوث مستوى غير مسبوق من الفراغات التي لم تعالج في الأساس بسبب التآكل الجيولوجي المستمر».