السائق تحت التدريب.. انقل مركبتك بعيداً عنه، اغفر له أخطاءه، افسح له الطريق، وافسح له حيزاً في مدينتك، حيزاً يسمح لآسيويّ مرتَبك مذعور (لربما تعلم القيادة قبل أسبوعين فقط من حضوره إلى مدينتك) ليتحرك بشكل آمن، بينما يصطف على مقاعد السيارة خلفه أثمن ماعندك. السائق تحت التدريب، والمجتمع تحت التدريب؛ فالمرأة فيه لا تقود لأن عظم قيادتها مابرح عالقاً في حلقه ولم يزدرده، ولم يتآخَ مع صورة المرأة المسيطرة القابضة على أعنة مركبتها خلف المقود، ولم يتهيأ بعد على الرغم جميع الذرائع التي استجلبت له فيما يتعلق بقيادتها على المستوى الشرعي والأخلاقي والأمني والاقتصادي والفضائي والأرضي والسريالي والتكعيبي إلا أنه يفضل عن هذه الذرائع.. باب سد الذرائع. وإشارة المرور أيضا لم تحسم أمرها فهي ليست خضراء ولكنها أيضا ليست حمراء إنما صفراء كقارورة عسل وهي مابرحت حيرى أحيانا.. وأحياناً أخرى تستغرقها حالة من الصمت وغض الطرف، لكن إذا قفزت إحدى المتنمرات من الصفوف الخلفية خلسة وقبضت على المقود فستعتبرها الإشارة بأنها مثيرة للفوضى وصادمة لقيم الإشارة ومهددة للسلم الطريقي وستزرع في نهاية الشارع الذي ستقود فيه عين ساهر تتربص بها وتعيدها لحجمها الطبيعي ومقعدها الخلفي. لكن انتظروا فالمجتمع تحت التدريب في ورشة عمل طويلة مفتوحة على جميع الاحتمالات بلا جدول حصص يومي.. بلا موعد حضور وانصراف هو في الحقيقة لا يرفض قيادتها للسيارة على الإطلاق وليس ضمن فئاته كلها إنما هو يرتاد ورش التدريب يومياً بانتظام استبسالي، تتراوح ورش التدريب مابين نظري وعملي وجميعها تدرب على كيفية تغصص العظم. كما غصصناه بالسابق تعليمها وابتعاثها.. وسارت الأمور كما يرام فلا بأس أن نمنحه المزيد من الوقت ونصبر كي ينتهي المجتمع ورشته التدريبية المفتوحة على جميع الاحتمالات. وفي هذه الأثناء بامكانكن الاصطفاف على المقاعد الخلفية والتسلي بالتطريز أو النسيج، اجعلن من الساعات خيوطاً حريرية طويلة واستعملنها لتطريز لوحات كبيرة عن الأماكن التي سترتدنها وخرائط المدينة بجميع أحيائها والرموز المرورية بجميع تفاصيلها بحيث عندما ينهي المجتمع ورشته التدريبية.. تنطلقن تمخرن الشوارع بثقة وسيطرة.. وليس كما هو وضعكن البائس الآن مصطفات مرتجفات وجلات خلف سائق مرتبك مذعور وتحت التدريب. وإياك بنيتي أن تفتحي أذنيك الصغيرتين لتلك الهرطقات المغوية التي تهذر بحق المرأة بقيادة السيارة، أو أنه أحد حقوق مواطنتها، وحتمية يتطلبها وضعها في مجتمع تنموي.. إلخ مما بتنا نسمعه أخيراً فالفرد يذوب ويتلاشى من أجل الجماعة وليس الجماعة من أجل الفرد. وفي النهاية لا تخافي ولا تحزني فالوقت أمسى يمر سريعاً في هذا الزمن، والسنة وراء الباب وتيار النهار يمر خطفاً من بين يدينا ليحل المساء.. لذا إذا انتهى العام ورسب المجتمع في ورشة التدريب (كدأبه كل عام) ولم يزدرد العظم، فاصبري واكظمي غيظك وعضي على نواجذك..أو على (شحمة)... فالسائق.. والمجتمع.. مابرحا تحت التدريب.