×
محافظة المنطقة الشرقية

جامعة البترول تبدأ مشروعاً لدراسة الثروة السمكية في الخليج العربي

صورة الخبر

منذ انطلاق شبكة الإنترنت في السعودية عام 1998 ومرتادو الشبكة في تزايد كبير، وبحسب إحصائية أعدتها وحدة الإنترنت التابعة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، بعد ما يقارب خمس سنوات من انطلاق الشبكة للعموم، فإنه وبنهاية عام 2002 بلغ عدد الحاسبات الشخصية في السعودية مليونا وأربعمائة وخمسة وعشرين ألف جهاز، بنسبة تصل إلى 8.9 في المائة من عدد السكان، وتغطي 39.4 في المائة من الوحدات السكنية، كما بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في العام نفسه قرابة مليون وثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف مستخدم، بنسبة 8.6 في المائة من السكان. وبحسب الدراسة نفسها فإن 45 في المائة من مستخدمي الإنترنت في السعودية تتراوح أعمارهم بين 26 و35 عاما، و40 في المائة تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما. المنتديات .. طفولة إنترنت الدراسة السابقة مناسبة لاستقراء وضع "المنتديات" المهيمنة في ذلك الوقت على اهتمام شريحة كبيرة من السعوديين، ولكنها غير مجدية لاستقراء الوضع الحاصل حاليا، فهي تعود لما قبل الهجرة نحو شبكات التواصل الاجتماعي وما قبل ثورة الهواتف المحمولة، التي أثرت وبلا شك في طريقة التعاطي "الثقافي" مع شبكة الإنترنت. وهنا نستذكر التقرير التحليلي المفصل الذي قام به الصحفي سعد المحارب لمجلة "المجلة" تموز (يوليو) 2005 "السعوديون في جمهوريات الإنترنت"، وفيه استعراض وافٍ وتحليل معمق لكثير من المنتديات التي ظهرت في تلك الفترة، والذي خلص إلى سؤالين مهمين من الجيد إعادة طرحهما اليوم وفقًا لمعطيات جديدة في طبيعة التعامل مع الإنترنت. السؤالان هما: لماذا تنمو المنتديات الثقافية لـ "المثقفين غير التقليديين" عمودياً، في مقابل النمو الأفقي للمنتديات الإسلامية؟ بمعنى أن ظهور منتدى "ليبرالي" (مفردة ليبرالي تستخدم هنا مجازا للاختصار، وهو مصطلح أطلقه الإسلاميون على كل مختلف معهم فكرياً) يستدعي اختفاء آخر، في حين أن المنتديات الإسلامية إذا لم يُعزز الجديد منها الموجود فإنه لا يلغيه. أما السؤال الثاني الذي- بحسب المحارب- يتخذ مسوغاً له من الإحصائيات التي تفيد بأن عدد المستخدمين في البلاد للإنترنت محدود، لا يجاوز نصف السعوديين في أحسن تقدير، فضلاً عن أن ثلث المستخدمين لا يتابعون المنتديات، وأن أقل من نصفهم يقومون بالمشاركة فيها، ولا يثق قرابة ثلاثة أرباع المستخدمين في الآراء المنشورة. السؤال هو: ما وزن هذه المنتديات؟ وما تأثيرها؟ وهل يصح ما قاله مشرف في أحد المنتديات بأنها ساهمت في إحداث تأثيرات عامة وخاصة وتسببت في رفع مستوى الحرية للصحافة السعودية، أم أنها جُزرٌ معزولة عن اليابسة جميلة وغنية ولكنها بعيدة؟! من المفيد طرح هذين السؤالين، اليوم، مرة أخرى وفقاً لأرقام جديدة ومعطيات أخرى مختلفة تماما للتعامل مع الإنترنت. ففي حين كانت أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 وما تبعها من أحداث مؤسفة أساءت للوطن عاملا محوريا ومهما لقراءة وتحليل المنتديات حينذاك. فإن الثورات العربية عامل محوري، هي أيضا، في التعاطي مع الشبكات الاجتماعية، التي تعتبر- إذا جاز التعبير- منتديات اليوم. ففي بحث حديث (مارس 2013) قام به داميان ردكليف من معهد الـ"بي بي سي" للصحافة أوضح تزايدا مضطردا في عدد مستعملي المواقع الاجتماعية في الدول العربية، حيث أظهرت الدراسة التي شملت أحد عشر بلدا عربيا تغييرات في سلوك الأفراد من حيث التعاطي مع الإنترنت. وأظهرت الأرقام أن ما يقارب 40 مليون عربي يستخدم الإنترنت، وأن استخدامه الأعلى في الخليج العربي. وفيما يتعلق بالسعودية تحديداً، فإن الدراسة أشارت إلى أن السعودية "بلد رقمي بامتياز"، حيث يبلغ عدد الأجهزة المحمولة ضعف عدد السكان الذي يقدر بـ 28 مليونا. وهذا يفسر- بحسب الدراسة- أن نصف عدد المشاهدات على اليوتيوب في المنطقة تأتي من السعودية. وبالتالي فالسعودية تهيمن فيما يخص الارتباط بالإنترنت عن طريق الموبايل. وأوضحت الدراسة أن عدد مستعملي هذه التقنية يبلغ ثمانية مليون ونصف؛ أي ما يزيد على عدد مستعملي الإنترنت في سورية والأردن والكويت ولبنان وسلطنة عمان مجتمعة. المدونات .. نُضجٌ يحرق نفسه وبالعودة إلى الوراء، فإن الهجرة من المنتديات لشبكات التواصل الاجتماعي لم تأتِ فجأة، بل احتاجت إلى الكثير من الوقت، والأمر الأسوأ من الحاجة إلى الوقت، كان الحاجة إلى التضحية بالتدوين الكلاسيكي الطويل، لصالح التدوين القصير على شبكات التواصل الاجتماعي لاحقاً. ففي عام 2006 كان ظهور "المدونات" هو الحدث الأبرز على مستوى العالم العربي والغربي ككل وليس المحلي فقط. وكان الظهور بالاسم الصريح بعيدا عن "أقنعة المنتديات" نقلة نوعية على مستوى الجدية في الطرح، لتنطلق بذلك الكثير من المدونات المتخصصة في شتى المجالات. وبحسب دراسة صدرت من شركة "جارتنر" الاستشارية العالمية في ذلك الوقت، فإن انتشار المدونات بلغ قمته في النصف الأول من عام 2007، متوقعة أن عدد المدونات سيستقر عند 100 مليون مدوّنة لعام 2007، بعد أن وصل عدد المدونات في 2006 إلى نحو 200 مليون. وحتى الصحف العالمية وقتها لم تفوّت الفرصة لمتابعة أخبار المدونات السعودية تحديداً، فهذه الواشنطن بوست (12 نوفمبر 2006) تصرح بأن عدد المدوّنين قد تضاعف في السعودية ثلاث مرّات منذ بداية هذا العام ليصل إلى نحو 2000 مدوّن، وتشكّل الفتيات نحو نصف عدد المدوّنين في المملكة. وعطفا على المواضيع المطروحة في المدونات، تلك الفترة، فإننا كنا نلمَح توجهاً منفتحا ومختلفاً على المستوى الاجتماعي، مهموم بالوطن وقضاياه الخاصة، من قبل أفراد، بعيدين عما عهدناه من تحزبات المنتديات وهمومها الأممية، التي كانت في هذه الفترة بالذات، شبه مختطفة إن لم تكن مختطفة بشكل كامل من قبل الحركيين الإسلاميين بكل توجهاتهم، "الصحوية" في أفضل الأحوال أو "القاعدية" في أسوئها، مع وجود بعض المنتديات "الليبرالية" التي لم تسلم هي أيضا من غارات إلكترونية مستمرة، ناهيك عن انشغالها هي أيضا بمعارك جانبية ضدية، بعيدة عن هموم الشأن العام، لتخسر بسبب ذلك الكثير من الاهتمام والمتابعة. وهذا الضعف المحيط، أضفى الكثير من الوهج على المدونات. هذه المدونات من حيث فردانية شخوصها ومواضيعها، وعلانية بعضها، كانت النواة لما سيعرف لاحقاً بالإعلام الجديد، وهذا على ما يبدو هو ما سلّط الكثير من الأضواء، عليها وعلى شبابها، وهذا الضوء هو ذاته ما سيحرقها سريعاً، فيما بعد، فكثير من المدونين، في نشوة انتشارهم المفاجئ، تفرغوا فقط للسخرية ولمهاجمة ما سموه بالإعلام الرسمي أو التقليدي، دون تقديم بديل "إعلامي" يستحق، وكثير منهم أيضا انشغل باستثمار لغته الإنجليزية الجيدة، فقط، من أجل التصريح للقنوات والصحف الأجنبية عن أحلامه الوطنية. في المقابل، كان هناك شباب مبتكر على الجانب الآخر من الكرة الأرضية يعدون العدة لإطلاق ثورة جديدة في عالم التواصل الاجتماعي من خلال شبكة التواصل، التي ستكون الأشهر على الإطلاق "فيسبوك" وتحديدا في 26 أيلول (سبتمبر) 2006، وبعد ذلك بفترة بسيطة، وتحديدا في تشرين الأول (أكتوبر) من العام ذاته تم إطلاق الشبكة لأخرى الأشهر "تويتر" للعموم. الشبكات الاجتماعية ثورة .. لم ينجح أحد! شركة "جلوب وبدلندكس" المتخصصة في أبحاث واستشارات السوق، نشرت أخيراً (مايو 2013) تقريرًا يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل حالياً المركز الثاني كأسرع الدول نمواً في العالم على موقع "تويتر". وبحسب التقرير وصلت نسبة الزيادة في عدد الحسابات السعودية على "تويتر" لنحو 42 في المائة، وذلك خلف إندونيسيا التي ارتفعت النسبة لديها لتصل لـ 44 في المائة. وهذه الإحصائيات تدعمها بكل تأكيد الإحصائيات السابقة التي تؤكد انتشار الأجهزة المحمولة، وبالتالي فإن المتوقع هو نجاح أكبر للبرمجيات والتطبيقات ذات النفَس القصير والمعتمدة على المحمول. حين انطلق "تويتر" منذ عدة سنوات، وبدأ الشباب السعودي تحديدًا في التعرف عليه كمنصة رقمية، كان مقتصراً على بعض الشباب المهتمين بالتكنولوجيا بشكل خاص، أو من يعرفون بـ "القيكس" بشكل عام. وهذا التعبير في اللغة الإنجليزية الدارجة يشير للشخص المهووس بتخصص ما أو باهتمام معين لدرجة أن يقضي جل وقته فيه، مما يؤثر في حياته الخاصة وفي علاقاته الاجتماعية الطبيعية. هؤلاء الشباب بدأوا يُشكّلون جماعات افتراضية صغيرة تتشارك الاهتمامات التكنولوجية مما أغناهم كثيراً عن عالم واقعي لا يجيدون التواصل فيه بحكم طبائعهم الشخصية واهتماماتهم الأكثر تخصصاً. قصة "تويتر" لم تنتهِ هنا، فتأثير ما كان يحدث في العالم الافتراضي المجاور له (الفيسبوك) من ثورات افتراضية، زامنت "الربيع العربي" لم يكن بالبعيد. وهنا بدأ الطابع "السياسي" لتويتر، يغلب على الطابع "التكنولوجي" من خلال النزوح الجماعي من قبل المدونين ومن قبل من يُعرفون بشباب الثورات والإعلام الجديد، إيمانًا منهم بأنه- بحكم طبيعته الفنية- أكثر تأثيراً وسرعةً وتفاعلًا مع الأحداث. في حين أن حقيقة هذا النزوح - بحسب بعض المراقبين- ليس أكثر من استسهال للانتشار والتأثير الجماهيري، حتى لو كان ذلك على حساب الوعي والبحث الدقيق المطوّل والمعلومة الموثقة. وفي هذه اللحظة بالذات التي التقى فيها شباب "القيكس" بشباب الثورات انبثقت الكثير من المشاريع التي تخدم توجهات الطرفين، فشباب التكنولوجيا وجدوا موضوع الثورات والديمقراطية موضوعًا ثوريًّا ومناسبًا لهم للترويج لأعمالهم التقنية ولتوظيف خبراتهم الفنية. وهو الموضوع ذاته الذي يشغل بال شباب آخر، قارئ جيد، على المستوى النظري سياسيا، ولكنه فقير على المستويين العملي والتقني. هذا الالتقاء، وبمباركة كثير من النخب المهتمة بالشأن السياسي والحقوقي (التي يناسبها الاصطياد في مثل هذه اللحظات) أثمر عن علاقات اقتصادية ومشاريع تقنية ناجحة "مادياً"، لا يتم الحديث عنها وعن طبيعة تمويلها بشفافية برغم تأثيرها في الكثير من العلاقات الشخصية والتحزبية بين الكثيرين. ولكن يبقى الطابع السياسي هو الأمر المعلَن فقط، وهنا تكمن قوة حجة هذا الائتلاف وصلابته. فمع احتفاء نخبوي واضح وضغط جماهيري متواصل وإعجاب امتد أثره لصفحات وشاشات الإعلام "المحترف"، آمن الكثير من "القيكس" والشباب الثوري بحقيقة أنهم مناضلون ومُطالَبون من قبل "الجماهير" بفعل ثوري، بغض النظر عن نتائجه. من يكسب "القيكس" يكسب المشهد ما سبق هو النواة لتشكل الرأي العام التويتري، بقيادة من أصبحوا يُعرفون على المستوي الإعلامي بـ "شباب الإعلام الجديد"، وهذا أمر من الضرورة إدراكه، وإن غضب منه أو اختلف معه الكثيرون. فهذه النواة هي المحرك لكثير من الحملات أو "الهاشتقات" التي يعتقد البعض بعفويتها، بينما هي حملات احتاجت إلى عقد كثير من الاجتماعات على "الخاص"، من قبل "هوامير" أو مشاهير تويتر، لاستثناء موضوع أو إثارة آخر، لإهمال جزئية أو التعاطي مع أخرى، لتحريك موضوع أو تجاهل آخر. هذه النواة لم تستمر على ما هي عليه، فقد دخل على الخط بعد فترة من الزمن مشاهير الرياضة، إضافة إلى مشاهير الدعوة الذين كان لهم نصيب الأسد من المتابعين و"الأتباع"، خلال فترات قصيرة جدا، مقارنة بما سبق. ليتغلب الطابع "الدعوي الصحوي" على الطابع "السياسي". بل وليوجهه كيفما شاء، ولتغيب الكثير من المفردات المدنية الخالصة، تحت ضغط الخطاب الصحوي، بكل ما يحمله من بشارات وكرامات، كنا نعتقد بأفول زمنها وزمن أصحابها. الذي لا يقل توقاً للسلطة، بغض النظر عن نوع هذه السُلطة. فما كان لكثير من شباب الإعلام الجديد إلا أن تقبّلوا هذا الوضع بمرونة يُحسدون عليها، ولكنها تعكس منطقهم التكنولوجي من جهة، والبراغماتي السياسي من جهة أخرى. كما يبرر البعض هذه المرونة بحرص هؤلاء الشباب على جماهيريتهم التي تُغذي مشاريعهم التقنية و"إعلاناتهم" غير المعلَنة. فيما يرى البعض الآخر أن هذا التصرف نابع فقط، وببساطة، من الجذور الثقافية الأصولية لهؤلاء الشباب. وفي ظل هذه الصفقة، القديمة الجديدة، انحسر كالعادة تأثير كثير من التنويريين الاجتماعيين الذين لم يستطيعوا مجاراتهم. ليتكرر السيناريو القديم ذاته في المنتديات والمدونات، وليهيمن على المشهد التويتري خطاب صحوي في شق، وإخواني في شق آخر و"قاعدي" لا يتأخر عن استغلال هذه الفرص، ليس بالغريب أو الجديد. فقط، كنا نعتقد بانقضائه مع انقضاء عهد "الكاسيت" ودورات "أطلق المارد"، وبزوغ فجر "تويتر" و"الفيسبوك". إلاّ أن الواقع يقول ببقائه ما بقيت الآلية والعقلية الثقافية المنتجة له. ولعله من الجدير بالذكر هنا أن نختم بتساؤل بليغ ومعبر للمدونة الراحلة هديل الحضيف في تدوينتها الشهيرة "أي بيدق أنا": "هل حديثي في هذه المدونة جزء من لعبة كبيرة أنا لست سوى أداة دون أن أدرك ذلك؟ يرعبني أن أكون بيدقاً في يد لا أعرفها!".